جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

القول في إمكان تحريم التجرّي بدليل آخر

ثمّ هاهنا بحث آخر بحسب مقام الثبوت، وهو أنّه هل يمكن تحريمالتجرّي بخطاب ثانٍ متوجّه إلى المتجرّي بملاك قبحه الفاعلي(1) المتّفق عليه،أم لا؟

ما قيل أو يمكن أن يقال في ذلك طرق ثلاثة:

الأوّل: توجيه الخطاب إلى عنوان «المتجرّي» أو «العالم المخالف علمهللواقع» وأمثال ذلك من العناوين المختصّة بالقبح الفاعلي.

مناقشة المحقّق النائيني رحمه‏الله في هذا الطريق

واستشكل عليه المحقّق النائيني رحمه‏الله بأنّ الخطاب على هذا الوجه لا يعقل،لأنّ الالتفات إلى العنوان الذي تعلّق به الخطاب ممّا لابدّ منه، والمتجرّي ليمكن أن يلتفت إلى أنّه متجرٍّ، لأنّه بمجرّد الالتفات يخرج عن كونه متجرّياً،فتوجيه الخطاب على وجه يختصّ بالقبح الفاعلي فقط لا يمكن، على أنّه لموجب لهذا الاختصاص، فإنّ القبح الفاعلي مشترك بين العاصي والمتجرّي،لأنّه ناشٍ عن سوء سريرة العبد الموجب لهتك حرمة المولى ولو باعتقاده،وهذا الأمر مشترك بينهما، بل هو في صورة المصادفة أتمّ وأكمل(2).

الثاني: توجيه الخطاب على وجه يعمّ صورة المصادفة والمخالفة، بأن يقال:«لا تشرب معلوم الخمريّة» فإنّ هذا العنوان يعمّ كلتا الصورتين(3).


  • (1) وإن لم يشتمل الفعل على قبح ومفسدة كما تقدّم. م ح ـ ى.
  • (2) فوائد الاُصول 3: 44.
  • (3) فللمولى ـ على هذا ـ خطابان: أ ـ «لا تشرب الخمر» ب ـ «لا تشرب معلوم الخمريّة» والخطاب الثانييعمّ العاصي والمتجرّي واقعاً، بخلاف الخطاب الأوّل، فإنّه يختصّ بالعاصي بحسب الواقع، وإن كان يعمّالمتجرّي في نظره واعتقاده.
    ولا يخفى أنّ التجرّي لا يتصوّر إلاّ بالنسبة إلى الخطاب الأوّل، أعني «لا تشرب الخمر» لأنّ القاطع إذخالف قطعه كان عاصياً بالنسبة إلى الخطاب الثاني مطلقاً، سواء أصاب قطعه الواقع أو أخطأ، وكذلكبالنسبة إلى الخطاب الأوّل عند الإصابة ويكون متجرّياً بالنسبة إليه عند الخطأ. منه مدّ ظلّه.
(صفحه52)

نقد هذا الطريق أيضاً من قبل المحقّق النائيني رحمه‏الله

وناقش فيه المحقّق النائيني أيضاً بقوله:

ولكنّ الخطاب على هذا الوجه أيضاً لا يمكن، لا لمكان أنّ العلم لا يكونملتفتاً إليه غالباً والفاعل لا يشرب الخمر بعنوان أنّه معلوم الخمريّة، بلبعنوان أنّه خمر، فإنّ الالتفات إلى العلم من أتمّ الالتفاتات، بل هو عينالالتفات ولا يحتاج إلى التفات آخر، ولو لم يمكن أخذ العلم موضوعاً في المقامفكيف يعقل أخذه موضوعاً لحكم آخر(1)؟ وهل يمكن الفرق بين مواضع أخذالعلم موضوعاً؟ مع أنّ صاحب الدعوى سلّم إمكان أخذ العلم موضوعلحكم آخر، فهذا لا يصلح أن يكون مانعاً لتوجيه الخطاب كذلك، كما ليصلح عدم ثبوت المصلحة والمفسدة في المتعلّق في صورة المخالفة لأن يكونمانعاً عن الخطاب، لأنّ صحّة الحكم لا تدور مدار وجودهما في المتعلّق بعدمكان القبح الفاعلي مناطاً للخطاب.

بل المانع من ذلك هو لزوم اجتماع المثلين(2) في نظر العالم دائماً، وإن لم يلزمذلك في الواقع، لأنّ النسبة بين حرمة الخمر الواقعي ومعلوم الخمريّة هيالعموم من وجه، وفي مادّة الاجتماع يتأكّد الحكمان ـ كما في مثل «أكرم العالم»


  • (1) مثل «إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة يجب عليك التصدّق». منه مدّ ظلّه.
  • (2) أحدهما: حرمة الخمر مثلاً بملاك مسكريّتها، والآخر: حرمة معلوم الخمريّة بملاك القبح الفاعلي.منه مدّ ظلّه.
ج4

و«أكرم الهاشمي» ـ إلاّ أنّه في نظر العالم دائماً يلزم اجتماع المثلين، لأنّ العالم ليحتمل المخالفة ودائماً يرى مصادفة علمه للواقع، فدائماً يجتمع في نظره حكمان،ولا يصلح كلّ من هذين الحكمين لأن يكون داعياً ومحرّكاً لإرادة العبد بحيالذاته، ولا معنى لتشريع حكم لا يصلح الانبعاث(1) عنه ولو في مورد، وفي مثل«أكرم العالم» و«أكرم الهاشمي» يصلح كلّ من الحكمين للباعثيّة بحيال ذاته ولوفي مورد افتراق كلّ منهما عن الآخر، وفي صورة الاجتماع يلزم التأكّد، فلا مانعمن تشريع مثل هذين الحكمين، بخلاف المقام، فإنّه لو فرض أنّ للخمر حكمولمعلوم الخمريّة حكماً، فبمجّرد العلم بخمريّة شيء يعلم بوجوب الاجتنابعنه الذي فرض أنّه رتّب على ذات الخمر، فيكون هو المحرّك والباعثللاجتناب، والحكم الآخر المترتّب على معلوم الخمريّة لا يصلح لأن يكونباعثاً ويلزم لغويّته، وليس له مورد آخر يمكن استقلاله في الباعثيّة، فإنّ العلمبالخمريّة دائماً ملازم للعلم بوجوب الاجتناب عنه المترتّب على الخمرالواقعي، وذلك واضح بعدما كان العالم لا يحتمل المخالفة، فتوجيه خطاب آخرعلى معلوم الخمريّة لا يمكن.

فظهر أنّ القبح الفاعلي بوجه من الوجوه لا يستتبع الخطاب(2)، إنتهىكلامه.

وحاصله: أنّ إصدار خطابين: أحدهما: «لا تشرب الخمر» والآخر: «لتشرب معلوم الخمريّة» يستلزم محذورين:

أ ـ اجتماع حكمين متماثلين دائماً في نظر القاطع.

ب ـ لغويّة الخطاب الثاني، لعدم كونه دخيلاً في الانبعاث والانفعال مع


  • (1) الانبعاث هاهنا ليس في مقابل الانزجار، بل المراد منه هو الانفعال من حكم المولى، فيعمّ الأحكامالوجوبيّة والتحريميّة. منه مدّ ظلّه.
  • (2) فوائد الاُصول 3: 45.
(صفحه54)

وجود الخطاب الأوّل.

نقد ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‏الله هاهن

ويرد على الأوّل: أنّه خلط بين مقام الجعل ومقام الامتثال، فإنّالأحكام تتعلّق في مقام الجعل بالطبائع ـ كما عرفت في مسألة اجتماع الأمروالنهي(1) ـ فالنهي في المقام تعلّق بعنوان «الخمر» في دليل، وبعنوان «معلومالخمريّة» في دليل آخر، وهما عنوانان متغايران بينهما عموم من وجه، فليجتمع في هذا المقام حكمان متماثلان، وأمّا اجتماعهما بنظر المكلّف في مقامالامتثال عندما يريد شرب ما قطع بكونه خمراً فلا يرتبط بالمولى، فإنّ ميرتبط به مقام جعل الحكم وانشائه، لا مقام موافقته وامتثاله، وبين المقامينبون بعيد.

على أنّ نفس المتجرّي الذي اجتمع المثلان بنظره أيضاً يعترف بأنّ النسبةبين الدليلين ـ مع قطع النظر عن هذا المورد الخاصّ الذي هو يبتلي به ـ عموممن وجه، ضرورة أنّا لو سألناه عن النسبة بين عنوان «الخمر» وعنوان«معلوم الخمريّة» ـ مع قطع النظر عن هذا المائع الذي يريد شربه ـ لقال:النسبة بينهما عموم من وجه.

ويرد على الثاني: أنّا لا نسلّم لغويّة الخطاب الثاني بالنسبة إلى جميعالمكلّفين، فإنّ بعض العبيد لا ينبعث إلاّ ببعثين ولا يمتثل التكليف إلاّ عندالخوف من عقوبتين، فيحسب المولى أنّه لو اكتفى بقوله: «أيّها العبيد حرّمتعليكم الخمر» لا يؤثّر إلاّ في بعضهم، ولو ضمّ إليه قوله: «أيّها العبيد حرّمعليكم معلوم الخمريّة» ـ من دون أن يكون الخطاب الثاني مؤكّداً للأوّل، بل


  • (1) راجع ص80 من الجزء الثالث.
ج4

يشتمل كلّ منهما على حكم مستقلّ، ويترتّب على عصيان كلّ منهما استحقاقعقوبة مستقلّة ـ لأثّر في بعض آخر أيضاً، فيخاطبهم بكلا الخطابين لأجلالوصول إلى هذا الغرض(1).

كلام صاحب الكفاية رحمه‏الله في المقام

ذهب المحقّق الخراساني رحمه‏الله إلى استحالة تحريم التجرّي بواسطة توجيهخطاب خاصّ إلى المتجرّي بمثل عنوان كونه متجرّيّاً(2).

وأمّا إصدار خطاب يعمّ صورة المصادفة والمخالفة، كأن يقال: «لا تشربمعلوم الخمريّة» فهو وإن كان ممكناً في نفسه، إلاّ أنّ المتجرّي لا يقصد الفعلالمتجرّى به إلاّ بما قطع أنّه عليه من عنوانه الواقعي، لا بعنوانه الطارئ،ضرورة أنّه يشرب المائع الذي قطع بخمريّته بعنوان أنّه «خمر» لا بعنوان أنّه«معلوم الخمريّة» بل لا يكون غالباً بهذا العنوان ممّا يلتفت إليه(3).

هذا حاصل ما ذكره في المقام.

البحث حول ما أفاده المحقّق الخراساني رحمه‏الله

وإيراد المحقّق النائيني رحمه‏الله عليه بما تقدّم(4) ـ من كون الالتفات إلى العلم منأتمّ الالتفاتات، بل هو عين الالتفات، ومن إمكان أخذ العلم موضوعاً لحكم


  • (1) لا يقال: يتمكّن المولى من الوصول إلى هذا الغرض بتكرار الخطاب الأوّل تأكيداً، كأن يقول: «لا تشربالخمر»، «لا تشرب الخمر» من دون أن يحتاج إلى خطابين متغايرين مشتملين على حكمين مستقلّين.
    فإنّه يقال: التأكيد قد لا يؤثّر الأثر المطلوب، لأنّ الحكم المؤكّد حكم واحد، ولا يترتّب على مخالفته إلعقوبة واحدة، وبعض العبيد لا يمتثلون أمر المولى إلاّ فيما إذا تعدّدت العقوبة. منه مدّ ظلّه.
  • (2) لما تقدّم من زوال التجرّي بمجرّد الالتفات إلى هذا الخطاب. م ح ـ ى.
  • (3) كفاية الاُصول: 299.
  • (4) راجع ص54.