جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

متباينان.

توضيح ذلك: أنّ التجرّي بمعناه اللغوي وإن كان يجتمع مع المعصية، بل هيأوضح مصاديقه، إلاّ أنّ البحث إنّما هو في التجرّي بمعناه الاصطلاحي، وهومخالفة القطع المخالف للواقع، كالإتيان بالفعل باعتقاد كونه حراماً مبغوضللمولى، أو تركه باعتقاد كونه واجباً محبوباً له مع أنّه لم يكن كذلك واقعاً،وهذا المعنى لا يمكن أن يجتمع مع المعصية، لكونها عبارة عن مخالفة العلمالموافق للواقع(1).

فلا ربط بين المسألتين كي يقال: يصدق على من شرب خمراً واقعاً عنوانالعاصي والمتجرّي، فيتداخل العقوبتان على القول باستحقاق المتجرّي للعقوبةكالعاصي.

فإن قلنا بأنّ ملاك الاستحقاق في المعصية الواقعيّة هو «مخالفة تكليفالمولى عن علم والتفات واختيار» ـ كما هو الحقّ ـ فلا يجري هذا الملاك فيالتجرّي، لعدم كونه مصداقاً لمخالفة التكليف أصلاً، فيترتّب استحقاق العقوبةعلى العصيان دون التجرّي.

ولو قلنا بأنّ الملاك هو الطغيان على المولى وهتك حرمته والعزم علىمعصيته ـ كما ذهب إليه الأعلام الثلاثة ـ كان مشتركاً بين المعصية والتجرّيمن دون أن يجتمع في المعصية ملاكان، بل ملاك الاستحقاق فيها عين ملاكالاستحقاق في التجرّي ـ كما صرّح به المحقّق العراقي رحمه‏الله ـ فكلّ من العاصيوالمتجرّي يستحقّ العقوبة بهذا الملاك، وحيثما عرفت أنّ التجرّي مباينللعصيان ولا يمكن أن يجتمعا فلا يشتمل المعصية الواقعيّة على عنوانينمحرّمين كي يستحقّ العاصي عقوبتين، فأين تعدّد العقوبة في مورد المعصية كي


  • (1) فالتجرّي بمعناه اللغوي أعمّ من المعصية، وبمعناه الاصطلاحي يكون مبايناً لها. م ح ـ ى.
(صفحه66)

يدّعى تداخلهما ويناقش فيه بما تقدّم عن الشيخ الأنصاري رحمه‏الله ؟!

هذا تمام الكلام في المقام الأوّل الذي عقدناه للبحث عن نفس التجرّي.

المقام الثاني: في الفعل المتجرّى به

الحقّ بقاء الفعل المتجرّى به على ما هو عليه واقعاً بلا حدوث تفاوت فيهبسبب تعلّق القطع المخالف للواقع به، فلا يترتّب عليه قبح عقلي، ولا حرمةشرعيّة، ولا استحقاق العقوبة.

أمّا عدم القبح العقلي، فلأنّ شرب الماء باعتقاد كونه خمراً لو كان قبيحلكان إمّا من جهة عنوانه الواقعي الأوّلي ـ أعني «الماء» ـ وهو ضروريالبطلان، أو من جهة عنوانه الطارئ الثانوي ـ أعني «مقطوع الخمريّة» ـ وهوليس من العناوين المقبّحة.

وأمّا عدم الحرمة الشرعيّة، فلأنّ الأحكام تعلّقت بالعناوين الواقعيّة،فالشارع أباح الماء وحرّم الخمر، وليس لنا دليل على حرمة مقطوع الخمريّة.

وأمّا عدم استحقاق العقوبة، فلأنّه بعدما لم يكن قبيحاً عقلاً ولا حرامشرعاً فلا وجه لمؤاخذة فاعله وعقوبته ولو(1) قيل بأنّ سوء سريرته وخبثطينته، الذي ينكشف بهذا الفعل، يكون مناطاً لاستحقاق العقوبة، فإنّالاستحقاق ـ على فرض تسليمه ـ يترتّب على المنكشف لا الكاشف.

نقد ما ذهب إليه صاحب الكفاية رحمه‏الله في ذيل المسألة

والعجب من المحقّق الخراساني رحمه‏الله حيث ذهب ـ في ذيل كلامه ـ إلى عدم


  • (1) «لو» وصليّة. م ح ـ ى.
ج4

صدور فعل اختياري من المتجرّي في بعض الموارد(1)، كما في التجرّيبارتكاب ما قطع أنّه من مصاديق الحرام، كما إذا قطع مثلاً بأنّ مائعاً خمر معأنّه كان ماءً، فإنّه قصد شرب الخمر الذي لم يقع، وشرب الماء الذي لم يقصده،فلم يصدر منه فعل اختياري أصلاً(2).

هذا حاصل كلامه رحمه‏الله .

وفيه: أنّه وإن لم يقع منه شرب الخمر، ولم يقصد شرب الماء، إلاّ أنّه وقعمنه شرب المائع الذي هو الجامع بينهما اختياراً، وإلاّ فلم يبطل الصوم به، لأنّبطلانه يتوقّف على الإفطار الاختياري، وهل يمكن الالتزام بصحّة صوم منشرب الماء باعتقاد كونه خمراً؟!

اختياريّة الإرادة وعدمها وكلام صاحب الكفاية فيه

ثمّ إنّ المحقّق الخراساني رحمه‏الله ذهب إلى كون المتجرّي مستحقّاً للعقوبة(3)، وإلىكون الفعل المتجرّى به باقياً على ما هو عليه واقعاً، بدعوى(4) أنّه بما هومقطوع الحرمة لا يكون اختياريّاً، فلا يكون القطع بالحرمة من الجهاتالمقبّحة عقلاً ومن مناطات الحرمة شرعاً.

وعلّل عدم اختياريّته بأنّ القاطع لا يقصده إلاّ بما قطع أنّه عليه من عنوانهالواقعي الاستقلالي، لا بعنوانه الطارئ الآلي، بل لا يكون غالباً بهذا العنوان


  • (1) وهي موارد القطع المتعلّق بالموضوع، بخلاف موارد القطع المتعلّق بالحكم، كما إذا قطع بحرمة شربالتتن ولم يكن حراماً في الواقع، إذ لا يمكن التشكيك في وقوع الفعل في هذه الموارد عن إرادة واختيار.م ح ـ ى.
  • (2) كفاية الاُصول: 302.
  • (3) كفاية الاُصول: 298.
  • (4) هذه الدعوى غير ما تقدّم منه رحمه‏الله من دعوى عدم صدور فعل اختياري من المتجرّي في بعض المواردكما لا يخفى. م ح ـ ى.
(صفحه68)

ممّا يلتفت إليه(1).

وحيث إنّه لا يمكن الجمع بينهما وقع في وادٍ هائل في مسألة الاختياروالإرادة، والسعادة والشقاوة، والكفر والإيمان والإطاعة والعصيان، وينبغيالبحث حول كلامه وبيان منشأ خطأه اختصاراً، فإنّه رحمه‏الله قال:

إن قلت: إذا لم يكن الفعل كذلك(2) فلا وجه لاستحقاق العقوبة على مخالفةالقطع، وهل كان العقاب عليها إلاّ عقاباً على ما ليس بالاختيار.

قلت: العقاب إنّما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان لا علىالفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار.

إن قلت: إنّ القصد والعزم إنّما يكون من مبادئ الاختيار وهي ليستاختياريّة، وإلاّ لتسلسل(3).

قلت: مضافاً إلى أنّ الاختيار وإن لم يكن بالاختيار إلاّ أنّ بعض مباديهغالباً يكون وجوده بالاختيار، للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب على معزم عليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمّة(4).

نقد كلام صاحب الكفاية رحمه‏الله في المقام

ويستفاد من قوله رحمه‏الله : «إلاّ أنّ بعض مباديه غالباً يكون وجوده بالاختيار»أنّ مبادئ الإرادة على قسمين: بعضها يكون اضطراريّاً دائماً، وبعضها يكوناختياريّاً غالباً، فيكون جميع مباديها اضطراريّاً أحياناً.


  • (1) كفاية الاُصول: 299.
  • (2) أي إذا لم يكن الفعل المتجرّى به بما هو معلوم الحرمة اختياريّاً. م ح ـ ى.
  • (3) توضيحه: أنّ المحقّق الخراساني رحمه‏الله ذهب إلى أنّ الملاك في اختياريّة كلّ عمل ـ ولو كان من الأعمالالنفسانيّة ـ مسبوقيّتها بالإرادة، فلو كانت نفس الإرادة اختياريّة لتوقّفت على إرادة اُخرى، وحيث إنّهأيضاً فرضت اختياريّة، كانت مسبوقة بإرادة ثالثة، وهكذا إلى مالا نهاية له. م ح ـ ى.
  • (4) كفاية الاُصول: 300.
ج4

ويستفاد أيضاً من قوله: «للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب على ما عزمعليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمّة» أنّ الحدّ الفاصل بين ما يكون بالاختيارغالباً من مبادئ الإرادة ومالا يكون كذلك هو العزم على المراد، فكلّ ما تقدّمعليه ـ من تصوّر المراد والتصديق بفائدته، وميل النفس وهيجان الرغبة إليه يتحقّق بلا اختيار، بخلاف العزم على المراد وما بعده، إذ غالباً يكون وجودهبالاختيار.

وحينئذ يرد عليه أوّلاً: أنّ الإشكال الأوّل ـ وهو كون العقاب على مخالفةالقطع عقاباً على ما ليس بالاختيار ـ يرجع بالنسبة إلى الموارد غير(1) الغالبةالتي تتحقّق فيها الإرادة وجميع مباديها جبراً، إلاّ أن يلتزم بالتفصيل بين ما إذكان بعض المبادئ اختياريّة وبين ما إذا كان الجميع اضطراريّة، فيستحقّالمتجرّي للعقوبة في الأوّل دون الثاني، ولا يمكن الالتزام بهذا التفصيل أصلاً.

وثانياً: أنّ إشكال التسلسل يرجع بالنسبة إلى ما كان من المبادئ اختياريّاً،وهو العزم على المراد وما بعده، فإنّه لابدّ من أن يكون مسبوقاً بإرادةاُخرى(2)، ولهذه الإرادة الثانية أيضاً مبادٍ بعضها اختياريّة تتوقّف على إرادةثالثة، وهكذا إلى مالا نهاية له.

ما أفاده صدر المتألّهين رحمه‏الله في المقام

قال صدر المتألّهين رحمه‏الله ردّاً على الجبريّة: إنّ الوجدان حاكم بأنّ للإنسانأفعالاً اختياريّة، كحركة اليد السليمة، واضطراريّة، كحركة اليد المرتعشة.

وللأفعال الاختياريّة بُعد عقلائي وبُعد عقلي، فهي بحسب بعدها العرفي


  • (1) المستفادة من قوله رحمه‏الله : «إلاّ أنّ بعض مباديه غالباً يكون وجوده بالاختيار». منه مدّ ظلّه.
  • (2) للقاعدة الكلّيّة التي التزم بها صاحب الكفاية رحمه‏الله من أنّ «كلّ عمل اختياري يكون مسبوقاً بالإرادة» وإنكان من الصفات القائمة بالنفس. م ح ـ ى.