(الصفحة 18)
والسرائر(1) الاجماع عليه(2) .
أقول : إمّا الطائفة الدالّة على الجواز فكثيرة :
منها : صحيحة صفوان قال : قلت للرضا (عليه السلام) : إنّ رجلاً من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة فهابك واستحيى منك أن يسألك عنها ، قال : ما هي؟ قال : قلت : الرجل يأتي امرأته في دبرها؟ فقال : نعم ذلك له . قلت : وأنت تفعل ذلك؟ قال : لا إنّا لا نفعل ذلك(3) .
ومنها : رواية عبدالله بن أبي يعفور قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال : لا بأس إذا رضيت . قلت : فأين قول الله عزّ وجلّ :
{ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيّثُ أَمَرَكُمُ اللهُ}(4) ، قال : هذا في طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله ، إنّ الله تعالى يقول :
{ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ}(5) .(6)وروى في الوسائل رواية اُخرى(7) بل ثالثة عنه(8) في هذا الباب وفي هذا المجال ، وتبعه مثل صاحب الجواهر وقال بتعدّد الرواية(9) ، مع أنّه من الواضح الوحدة وعدم التعدّد .
- (1) السرائر: 2 / 606 .
- (2) جواهر الكلام : 29/103 .
- (3) التهذيب : 7/415 ح1663 ، الكافي : 5/540 ح2 ، الوسائل : 20/145 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح1 .
- (4) سورة البقرة : 2/222 .
- (5) سورة البقرة : 2/223 .
- (6) التهذيب : 7/414 ح1657 ، الوسائل : 20/146 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح2 .
- (7) التهذيب : 7/415 ح1662 ، الوسائل : 20/147 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح5 .
- (8) التهذيب : 7/416 ح1666 ، الوسائل : 20/147 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح6 .
- (9) جواهر الكلام : 29/103 .
(الصفحة 19)
ومنها : مرسلة حفص بن سوقة ، عمّن أخبره قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل يأتي أهله من خلفها؟ قال : هو أحد المأتيين فيه الغسل(1) ، أي فيه الغسل ولو لم يخرج المني بل كان مجرّد الدخول .
ومنها : رواية حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) وأخبرني من سأله عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع؟ ـ وفي البيت جماعة ـ فقال لي ورفع صوته : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من كلّف مملوكه ما لا يطيق فليعنه ، ثم نظر في وجه أهل البيت ثم أصغى إليّ فقال : لا بأس به(2) . ونقل عن هامش الوسائل المخطوطة أنّ صاحبها كتب : فيه قرينة على كون المانع السابق للتقيّة .
ومنها : مرسلة موسى بن عبد الملك ، عن رجل قال : سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)عن إتيان الرجل المرأة من خلفها؟ فقال : أحلّتها آية من كتاب الله قول لوط :
{ هَؤُلاءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}(3) ، وقد علم أنّهم لا يريدون الفرج(4) .
ومنها : رواية عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) وذكر عنده إتيان النساء في أدبارهنّ فقال : ما أعلم آية في القرآن أحلّت ذلك إلاّ واحدة
{ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِن دُونِ النَّسَاءِ}(5) (6) .
ومنها : رواية يونس بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله ـ أو لأبي الحسن (عليهما السلام) : ـ
- (1) التهذيب : 7/414 ح1658 و ص461 ح1847 ، الإستبصار : 3/243 ح868 ، الوسائل : 20/147 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح7 .
- (2) التهذيب : 7/415 ح1661 ، الوسائل : 20/146 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح4 .
- (3) سورة هود : 11/78 .
- (4) التهذيب : 7/414 ح1659 ، الوسائل : 20/146 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح3 .
- (5) سورة الأعراف : 7/81 .
- (6) تفسير العياشي : 2/22 ح56 ، الوسائل : 20/148 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح12 .
(الصفحة 20)
إني ربّما أتيت الجارية من خلفها ـ يعني دبرها ـ ونذرت فجعلت على نفسي إن عدت إلى امرأة هكذا فعليّ صدقة درهم وقد ثقل ذلك عليّ ، قال : ليس عليك شيء وذلك لك(1) .
وامّا الطائفة الدالّة بظاهرها على المنع فهي أيضاً كثيرة :
منها : رواية سدير قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : محاش النساء على اُمّتي حرام(2) . وعن الصحاح : إنّ محاش النساء : أدبارهنّ(3) .
ورواه الصدوق مرسلاً قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : محاش نساء اُمّتي على رجال اُمّتي حرام(4) .
ومنها : رواية هاشم وابن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال هاشم : لا تعري و لاتفرث ، وابن بكير قال : لا يفرث أي لا يأتي من غير هذا الموضع(5) ، وفي هامش المخطوط في نسخة لا يفري ولا يفرث ، كما أنّ فيها حاكياً عن الصحاح : العرى مقصوراً : الفناء والساحة ، وبالمدّ : الفضاء لا ستر به(6) .
ومنها : مرسلة أبان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن إتيان النساء في اعجازهنّ؟ قال : هي لعبتك فلا تؤذها(7) .
- (1) التهذيب : 7/460 ح1842 ، الوسائل : 20/147 ، أبواب مقدّمات النكاح ب73 ح8 .
- (2) التهذيب : 7/416 ح1664 ، الاستبصار : 3/244 ح874 ، الوسائل : 20/142 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح2 .
- (3) الصحاح : 3/1001 .
- (4) الفقيه : 3/299 ح1430 ، الوسائل : 20/143 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح5 .
- (5) التهذيب : 7/416 ح1665 ، الوسائل : 20/142 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح3 .
- (6) الصحاح : 6/2423 .
- (7) الكافي : 5/540 ح1 ، الوسائل : 20/143 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح4 .
(الصفحة 21)
ومنها : رواية معمر بن خلاّد قال : قال لي أبو الحسن (عليه السلام) : أيّ شيء يقولون في إتيان النساء في اعجازهنّ؟ قلت : إنّه بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأساً ، فقال : إنّ اليهود كانت تقول : إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول ، فأنزل الله عزّوجلّ :
{ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتَمْ}(1) من خلف أو قدام خلافاً لقول اليهود ، ولم يعن في أدبارهنّ(2) .
ومنها : ما عن زيد بن ثابت قال : سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) : أتؤتى النساء في أدبارهنّ؟ فقال : سفلت سفل الله بك ، أما سمعت يقول الله :
{ أَتَأْتُوَن الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَد مِنَ الَعالَمِينَ}(3) (4) .
ومنها : رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يأتي أهله في دبرها ، فكره ذلك وقال : وإيّاكم ومحاش النساء ، وقال : إنّما معنى
{ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أيّ ساعة شئتم(5) .
ومنها : رواية الفتح بن يزيد الجرجاني قال : كتبت إلى الرضا (عليه السلام) في مثل السؤال في الرواية السابقة : فورد الجواب : سألت عمّن أتى جارية في دبرها؟ والمرأة لعبة فلا تؤذى ، وهي حرث كما قال الله(6) .
وفي محكي كشف الرموز : وكان فاضل منّا شريف يذهب إلى التحريم ، ويدّعي
- (1) سورة البقرة : 2/223 .
- (2) التهذيب : 7/415 ح1660 ، تفسير العياشي : 1/111 ح333 ، الوسائل : 20/141 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح1 .
- (3) سورة الأعراف : 7/80 .
- (4) تفسير العياشي : 2/22 ح55 ، الوسائل : 20/144 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح11 .
- (5) تفسير العياشي : 1/111 ح335 ، الوسائل : 20/144 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح9 .
- (6) تفسير العياشي : 1/111 ح336 ، الوسائل : 20/144 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح10 .
(الصفحة 22)مسألة 12 : لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواماً كان النكاح أو منقطعاً ، وأمّا سائر الاستمتاعات كاللّمس بشهوة والضمّ والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ، ولو وطئها قبل التسع ولم يفضها لم يترتّب عليه شيء غير الاثم على الأقوى ، وإن أفضاها بأن جعل مسلكي البول والحيض واحداً أو
أنّه سمع ذلك مشافهة ممّن قوله حجّة ، وهو مؤيّد للنصوص(1) .
هذا ، والجمع الدلالي الذي هو مقدّم على الترجيح ـ لأنّ موضوعه المتعارضان والمختلفان ، ولا تعارض ولا اختلاف مع الجمع الدّلالي ـ إمّا بأن يقال : إنّ التقييد برضا الزوجة في بعض ما تقدّم من روايات الجواز يوجب تقييد المنع بصورة عدم الرّضا ، ويؤيّده النهي عن الايذاء في بعضها ، ولا يكاد يتحقّق مع الرّضا بوجه . وامّا بأن يقال : إنّ النهي في أدلّة المنع محمول على الكراهة ، كما في كثير من الموارد بقرينة روايات الجواز ، وإن كان يبعّده التعبير بالحرمة في مثل قوله (صلى الله عليه وآله) : «محاش النساء على اُمّتي حرام» و حمل الحرمة على الكراهة بعيد ، وان كان استعمال الكراهة في الحرمة كما في رواية أبي بصير المتقدّمة ليس بذلك البعيد; لعدم كون المقصود من الكراهة هي الاصطلاحية منها ، وتشتدّ الكراهة مع عدم الرّضا .
و ذكر صاحب الجواهر : إنّ المراد من آية الحرث تسمية المرأة نفسها حرثاً لشبهها بموضعه ، ثم أباح إتيانها أنّى شئنا ، وهو لا يستدعي الاختصاص بموضع الحرث ، ولذا يجوز التفخيذ ونحوه إجماعاً(2) انتهى; وعلى تقدير التعارض فالشهرة كما عرفت مع الطائفة الاُولى ، وهي أوّل المرجحات كما حقّقناه في محلّه .
- (1) كشف الرموز : 2/105 ، جواهر الكلام : 29/106 .
- (2) جواهر الكلام : 29/107 .