(الصفحة 572)والزوج مراهقاً أو كبيراً أو كان الزوج مراهقاً والزوجة كبيرة لم يبعد استحقاقها لها مع تمكينها له من نفسها على ما يمكّنه من التلذّذ والاستمتاع منها1.
1 ـ الظاهر أنّ الوجه في عدم ثبوت النفقة للزوجة الصغيرة هو عدم التمكين الكامل ، الذي قد عرفت أنّه الشرط الثاني لوجوب إنفاق الزوج ، أو ثبوت النشوز الذي هو مانع عن ثبوت وجوب الإنفاق بلحاظ حرمة وطئها ما دام كونها صغيرة ، وفي محكيّ كشف اللثام : ولا يفيد تمكينها من الوطء وإن حرم ، أو كان الزوج صغيراً يمكنه الوطء ، ولا يحرم عليه ، فإنّه تمكين غير مقصود شرعاً ، والفرق بينها وبين الحائض أنّ الحائض أهل للاستمتاع بالذات ، وإنّما المانع أمر طار بخلافها ، وإنّها ليست أهلا للتمكين لصغرها ونقصها ، ولا عبرة بتسليم الوليّ; لأنّها ليست مالا الخ(1) .
وأورد عليه في الجواهر بمنع عدم صدق التمكين منها مع فرض بذل نفسها نحو الكبيرة ، وحرمة وطؤها لا مدخليّة لها في صدق اسم التمكين منها ، المتحقّق برفع المانع من جهتها(2) . فلا فرق حينئذ بين الصغيرة والحائض ، خصوصاً إذا كانت مراهقة وكان الزوج كبيراً أو مراهقاً .
نعم ، لو كانت كبيرة وزوجها صغيراً ، فالمحكي عن خلاف الشيخ أنّه لا نفقة لها(3) ولكن قال المحقّق في الشرائع : وفيه إشكال ، منشأه تحقّق التمكين من طرفها ، والأشبه وجوب الإنفاق(4) وأورد عليه في الجواهر بمنع تحقّق التمكين بدون التمكّن ،
- (1) كشف اللثام : 7/561 .
- (2) جواهر الكلام : 31/310 .
- (3) الخلاف : 5/113 .
- (4) شرائع الإسلام : 2/348 .
(الصفحة 573)مسألة 5 : لا تسقط نفقتها بعدم تمكينه من نفسها لعذر شرعيّ أو عقليّ من حيض أو إحرام أو إعتكاف واجب أو مرض أو غير ذلك ، وكذا لا تسقط إذا سافرت بإذن الزوج سواء كان في واجب أو مندوب أو مباح ، وكذا لو سافرت في واجب مضيّق كالحجّ الواجب بغير إذنه ، بل ولو مع منعه ونهيه ، بخلاف ما لو سافرت بغير إذنه في مندوب أو مباح فإنّه تسقط نفقتها ، بل الأمر كذلك لو خرجت من بيته بغير إذنه ولو لغير سفر فضلا عمّا كان له ; لتحقّق النشوز المسقط لها1.
وعلى تقديره فيشكّ في شمول الأدلّة لذلك(1) .
والتحقيق في أصل المسألة أنّه لو كان المراد هو التمكين من الوطء فلا فرق بين الصغيرة والحائض ، خصوصاً إذا قيل بحرمة وطء الحائض دبراً أيضاً ، وإلاّ فالفرق بينهما واضح ، ولو كان المراد جواز الالتذاذ والاستمتاع ولو باللمس والنظر ففي الصغيرة يمكن ذلك . نعم فيما إذا كانت صغيرة جدّاً لا يترتّب على لمسها ونظرها إلتذاذ أصلا لا يتحقّق هذا المعنى ، فاللاّزم حينئذ التفصيل في الصغيرة بالنحو المذكور ، فتدبّر جيّداً .1 ـ قد علّل المحقّق في الشرائع عدم سقوط النفقة في موارد لا يمكن الاستمتاع فيها لعذر أعمّ من الشرعي أو العقلي بإمكان الاستمتاع بما دون الوطء قُبلا وظهور العذر فيه(2) ، ومن الواضح جريان هذا التعليل في الصغيرة الّتي عرفت عدم ثبوت النفقة لها ، والأولى التعليل بما في الجواهر : من أنه إن لم تجب النفقة مع دوام عذرها
- (1) جواهر الكلام : 31/311 .
- (2) شرائع الإسلام : 2/348 .
(الصفحة 574)
لزم دوام الزوجيّة بلا نفقة ، وهو ضرر عظيم ، وأيّام المرض كأيّام الحيض في ظهور العذر وتوقّع الزوال ورضاه لما تزوّج ، فإنّ الإنسان لا ينفكّ عنه دائماً ، فاستثناؤها لا ينافي تماميّة التمكين ، خصوصاً مع علمه وإقدامه على التزويج بمن يتعذّر الاستمتاع بها بالوطء ، فكأنّه أسقط حقّه من التمكين من الوطء ورضى بما عداه(1) .
أقول : ما أفاده من أنّ أيّام المرض كأيّام الحيض ، يرد عليه ـ بعد الفرق فيما لو فرض أنّ أيّام المرض عامّة مستمرّة ، وكان الزوج جاهلا بذلك ، بخلاف أيّام الحيض الّتي لا تكون دائمة ، مضافاً إلى علم الزوج بذلك غالباً ـ بانّه لم يقم عليها دليل ، وظهور العذر إنّما يترتّب عليه عدم وجوب التمكين لعدم اجتماعه مع المرض ، وأمّا ثبوت النفقة فلا ، إلاّ أن يُقال : بأنّ ما يوجب سقوط النفقة إنّما هو عدم التمكين الواجب ، وإلاّ فمطلق عدم التمكين لا يوجب السقوط بعد عموم أدلّة الإنفاق ، والخارج منه ما ذكر .
وكذا لا تسقط النفقة إذا سافرت الزوجة بإذن الزوج ، سواء كان لمصلحتها أو مصلحته ، في واجب أو مندوب أو مباح ، وكذا لو سافرت في واجب مضيّق كالحج بتعبير المتن ، وإلاّ فالحجّ لا يكون واجباً مضيّقاً إصطلاحاً ، بل واجب فوريّ ، وبينهما فرق ، ولا فرق في هذا بين أن يكون بإذنه أو بغير إذنه ، بل ولو مع منعه ونهيه لفرض فوريّة الوجوب ، بخلاف ما لو سافرت بغير إذنه في مندوب أو مباح ، بل ولو في واجب غير فوريّ ، كما إذا نذرت بإذن الزوج أن تزور مشهد الرضا (عليه السلام)مرّة في خمس سنين ، فأرادت أن تزوره في السنة الأُولى مثلا ، فإنه حينئذ تسقط نفقتها ، وفي المتن : بل الأمر كذلك لو خرجت من بيته بغير إذنه ولو لغير سفر ، فضلا
- (1) جواهر الكلام : 31/312 .
(الصفحة 575)مسألة 6 : تثبت النفقة والسكنى لذات العدّة الرجعيّة ما دامت في العدّة ، كما تثبت للزوجة من غير فرق بين كونها حائلا أو حاملا ، ولو كانت ناشزة وطلّقت في حال نشوزها لم تثبت لها كالزوجة الناشزة ، وإن رجعت إلى التمكين وجبت النفقة على الأقرب . وأمّا ذات العدّة البائنة فتسقط نفقتها وسكناها ، سواء كانت عن طلاق أو فسخ إلاّ إذا كانت عن طلاق وكانت حاملا ، فإنّها تستحقّهما حتى تضع حملها ، ولا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضية مدّتها ، وكذا الحامل المتوفّى عنها زوجها ، فإنّه لا نفقة لها مدّة حملها ، لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها على الأقوى1.
عمّا كان له لتحقّق النشوز المسقط لها .
أقول : قد مرّ في بحث النشوز(1) ما يتعلّق بالخروج من بيته بغير إذنه ، فراجع .1 ـ يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين :
المقام الأوّل : في ذات العدّة الرجعيّة ما دامت في العدّة ، والكلام فيه قد يقع في المتمكّنة وقد يقع في الناشزة ، أمّا الفرض الأوّل فيدلّ على ثبوت النفقة فيه مضافاً إلى نفي الخلاف بل الإجماع(2) روايات كثيرة ، مثل :
صحيحة سعد بن أبي خلف قال : سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن شيء من الطلاق؟ فقال : إذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلّقها ، وملكت نفسها ولا سبيل له عليها ، وتعتد حيث شائت ولا نفقة لها ،
- (1) في ص482 ـ 483 .
- (2) كشف اللثام : 7/580 ، رياض المسائل : 7/261 ، جواهر الكلام : 31/316 .
(الصفحة 576)
قال : قلت : أليس الله يقول :
{لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ}(1) قال : فقال : إنّما عنى بذلك الّتي تطلّق تطليقة بعد تطليقة ، فتلك الّتي لا تخرج ولا تُخرَج حتى تطلّق الثالثة ، فإذا طُلِّقَت الثالثة فقد بانت منه ولا نفقة لها ، والمرأة الّتي يُطَلِّقها الرجل تطليقة ثمّ يدعها حتى يخلو أجلها فهذه أيضاً تقعد في منزل زوجها ولها النفقة والسكنى حتى تنقضي عدّتها(2) .
ورواية زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : المطلّقة ثلاثاً ليس لها نفقة على زوجها ، إنّما ذلك للّتي لزوجها عليها رجعة(3) .
ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال : سألته عن المطلّقة لها نفقة على زوجها حتى تنقضي عدّتها؟ قال : نعم(4) فإنّ القدر المتيقّن من إطلاقها أو المحمول عليه إطلاقها هي ذات العدّة الرجعيّة .
وبالجملة : لا إشكال في ثبوت النفقة لذات العدّة الرجعيّة; لأنّها كما اشتهر(5)بمنزلة الزوجة غير المطلّقة ، ومن المعلوم أنّ من أشهر آثار الزوجيّة الإنفاق على الزوجة . نعم قد استشكل العلاّمة(6) في ثبوت النفقة بالإضافة إلى الموطوئة بشبهة الّتي لا رجوع للزوج عليها ما دامت كونها في عدّة وطء الشبهة ، في كلتا صورتيه
- (1) سورة الطلاق : 65/1
- (2) الكافي : 6/90 ح5 ، التهذيب : 8/132 ح458 ، الوسائل : 21/519 ، أبواب النفقات ب8 ح1 .
- (3) الكافي : 6/104 ح4 ، التهذيب : 8/133 ح 459 ، الإستبصار : 3/334 ح 1188 ، الفقيه : 3/324 ح 1571 ، الوسائل : 21/519 ، أبواب النفقات ب8 ح2 .
- (4) قرب الإسناد : ص 254 ح 1002 ، الوسائل : 21/522 ، أبواب النفقات ب8 ح11 .
- (5) شرائع الإسلام: 2/348، مسالك الأفهام: 8/449، كشف اللثام: 7/580، الحدائق الناضرة: 25/108، جواهر الكلام: 31/318.
- (6) قواعد الأحكام : 2/55 .