(الصفحة 457)الصبيّ فطلّق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر وكان له دون الوالد1.
1 ـ قال المحقّق في الشرائع : فلو دفع الأب المهر ، وبلغ الصبي فطلّق قبل الدخول ، استعاد الولد النصف دون الوالد; لأنّ ذلك يجري مجرى الهبة له(1) . ولأنّ الطلاق سبب مملّك جديد للنصف لا فاسخ لسبب الملك ، ويرد على دليل المحقّق أنّ جريانه مجرى الهبة أي من الوالد إلى الامرأة يقتضي جواز الرجوع ما دام كونه باقياً; لأنّ الحكم في مطلق الهبة ذلك إلاّ في بعض الموارد ، كالهبة بذي رحم على ما عرفت(2) . فالدّليل الصحيح ما ذكرناه من أنّ الطلاق سبب مملّك جديد للزوج المطلِّق قبل الدخول ، وقال في الجواهر : بل هو كذلك لو دفعه عن الصبي الموسر تبرّعاً أو ضمنه عنه كذلك ، بل لا فرق بين الولد والأجنبي في ذلك فضلا عن الكبير ، كما لا فرق بين الولد والأجنبي(3) .
وهل الحكم يختصّ بما إذا دفع الوالد المهر الّذي كان عليه من جهة إعسار الولد ، أو يشمل صورة عدم الدفع أيضاً وإن كان عليه؟ الظّاهر هو الثاني; لأنّ ظاهر الروايات المتقدّمة ثبوت المهر على الولي في هذه الصورة كسائر ديونه ، فإذا بلغ الصبي وطلّق قبل الدخول يرجع كلّ من الزوجين إلى الولي بنصف المهر ، الزوجة لأجل تحقّق الطلاق قبل الدخول ، والزوج لأجل كونه ديناً عليه ، فما يوهمه مثل ظاهر العبارة من اختصاص الحكم بصورة الدفع في غير محلّه ، كما لا يخفى .
- (1) شرائع الإسلام : 2/332 .
- (2) في ص 445 .
- (3) جواهر الكلام : 31/129 .
(الصفحة 458)
(الصفحة 459)
خاتمة
في
الشروط المذكورة في عقد النكاح
مسألة 1 : يجوز أن يُشترط في ضمن عقد النكاح كلّ شرط سائغ ، ويجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود ، لكن تخلّفه أو تعذّره لا يُوجب الخيار في عقد النكاح بخلاف سائر العقود . نعم لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج مؤمناً غير مخالف فتبيّن خلافه أوجب الخيار كما مرّت(1) الإشارة إليه1.
1 ـ أما جواز الاشتراط في ضمن عقد النكاح كلّ شرط سائغ ووجوب الوفاء على المشروط عليه فواضح لا ينبغي الارتياب فيه ، وأمّا عدم كون تخلّفه أو تعذّره موجباً للخيار بخلاف سائر العقود ، حيث يكون خيار تخلّف الشرط ثابتاً فيها ، فلما ذكره صاحب الجواهر(قدس سره) من الوجه لعدم جواز اشتراط الخيار في عقد النكاح ،
- (1) تحرير الوسيلة : 2/265 مسألة 13 .
(الصفحة 460)مسألة 2 : إذا اشترط في عقد النكاح ما يخالف المشروع مثل أن لا يمنعها من الخروج من المنزل متى ما شاءت وإلى أين شاءت ، أو لا يعطي حقّ ضرّتها من المضاجعة ونحوها ، وكذا لو شرط أن لا يتزوّج عليها أو أن لا يتسرّى بطل الشرط وصحّ العقد والمهر وإن قُلنا بأنّ الشرط الفاسد يفسد العقد1.
وهو معلوميّة عدم قبول عقد النكاح لذلك; لأنّ فيه شائبة العبادة الّتي لا تقبل الخيار ، ولحصر فسخه بغيره ، ولذا لا تجري فيه الإقالة بخلاف غيره من عقود المعاوضات ، بل ذكر في الجواهر بطلان اشتراط الخيار مسلّم(1) . وإن وقع الخلاف في بطلان العقد أيضاً وعدمه ، فالمشهور على الأوّل(2) وابن إدريس على الثاني(3) .
وكيف كان فلا إشكال في أنّ تخلّف الشرط لا يوجب خياراً ، كما إذا اشترطت الزوجة أن يسكنها الزوج في محلّ مخصوص ، وتخلّف الزوج فأسكنها في غيره . نعم لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين : مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج مؤمناً غير مخالف فتبيّن خلافه أوجب الخيار لدلالة النصّ عليه ، وقد مرّت(4) الإشارة إليه ، وهذا كما في العيوب الموجبة للخيار المتقدّمة ، وكذا التدليس على ما تقدّم .1 ـ المقصود من هذه المسألة أنّ الشرط الفاسد في عقد النكاح لا يوجب فساد العقد والمهر ، وإن قُلنا بأنّ الشرط الفاسد في غير عقد النكاح مثل البيع ونحوه
- (1) جواهر الكلام : 31/106 .
- (2) الخلاف : 4/292 ، المبسوط : 4/304 ، الجامع للشرائع : 441 ، إرشاد الأذهان : 2/17 ، جامع المقاصد : 13/294 ـ 395 ، مسالك الأفهام : 8/256 .
- (3) السرائر : 2/575 .
- (4) في «القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ والتدليس» مسألة 13 .
(الصفحة 461)
يوجب فساد العقد أيضاً ، والوجه فيه أمّا الإجماع(1) كما يظهر من الجواهر . ولذا أورد على تردّد المحقّق في الشرائع في بطلان العقد مع إشتراط الخيار فيه بقوله :
وفيه تردّد منشأه الالتفات إلى تحقّق الزوجيّة لوجود المقتضى وارتفاعه عن تطرّق الخيار أو الالتفات إلى عدم الرّضا بالعقد لترتّبه على الشرط(2) . بأنّ الأولى جعل منشأه التردّد في أنّ بطلان هذا الشرط لمخالفته مقتضى العقد أو لكونه غير مشروع ، فيكون مخالفاً للكتاب والسنّة ، فعلى الأوّل يتّجه بطلان العقد دون الثاني ثمّ قال : اللّهم إلاّ أن يكون مراده ذلك(3) .
أو يكون الوجه في المسألة دلالة بعض الروايات(4) الواردة في بعض الشروط الفاسدة على عدم اقتضاء فساده لفساد العقد ، ولعلّ النكتة فيه إرادة الشارع تحقّق الزوجيّة الناهية عن الفحشاء والمنكر طبعاً ، وعدم حدوث الخلل أو التزلزل فيها .
ولذا قد شاع النقل عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : النكاح من سنّتي ، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي(5) وأمثال ذلك من التعبيرات، وقد ورد الحثّ والترغيب عليه في الكتاب(6) والسنّة(7) كثيراً، كما تقدّم بعضها في هذا الكتاب(8) . نعم في الشرط المنافي
- (1) جامع المقاصد : 13/388 ، الروضة البهيّة : 5/362 ، مسالك الأفهام : 8/245 ، رياض المسائل : 7/171 .
- (2) شرائع الإسلام : 2/330 .
- (3) جواهر الكلام : 31/106 .
- (4) الوسائل : 21/275 و297 ، أبواب المهور ب20 و38 .
- (5) البحار : 103/220 ، سنن ابن ماجة 1/592 ح1846 ، عوالي اللئالي : 2/360 ح3 .
- (6) سورة النور: 24/32.
- (7) الوسائل : 20/13 ـ 18 ، أبواب مقدّمات النكاح ب1 .
- (8) أي في أوّل الكتاب .