جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 22)

بالمردّد بينهما ، وهو كما عرفت لايكون له واقعية حتّى يتعلّق بها العلم تارة والجهل أُخرى ، فالإنصاف أنّه لا مجال للحكم بالصحّة في هذا الفرض .
الثاني : أن يكون معلوماً، والمراد به المعلوميّة بالإضافة إلى الصفات التي تختلف بها الرغبات من حيث إجارتها ، وقد استدلّ على اعتباره تارةً بالإجماع على أنّ الجهالة مبطلة للإجارة كما عن المختلف(1) ، وبأنّا لانعلم فيه خلافاً كما عن التذكرة(2) . واُخرى بكون بناء العقلاء على ذلك(3) . وثالثة بما أرسله الشهيدان (قدس سرهما)في القواعد(4) والمسالك(5) من أنّه نهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن الغرر(6) ، أو بقوله (عليه السلام) : نهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن بيع الغرر(7) ، بناء على إلغاء خصوصية البيع واستفادة المناط .
أقول : أمّا الإجماع ، فالظاهر عدم كونه دليلاً مستقلاًّ بعد وضوح كون المستند سائر الوجوه .
وأمّا بناء العقلاء ، فهو لا ينطبق على المدّعى ; لأنّه عبارة عن كون العين معلومة من جميع الجهات التي لها دخل في اختلاف الرغبات ، ويختلف بحسبها الأغراض
  • (1) مختلف الشيعة : 6 / 105 مسألة 4 .(2) اُنظر تذكرة الفقهاء : 2 / 300 ، ولكن ليس فيه نفي الخلاف .(3) مستند العروة الوثقى ، كتاب الإجارة : 33 .(4) القواعد والفوائد : 2 / 61 .(5) مسالك الأفهام : 5 / 178 ـ 179 .(6) وكذا ذكره الشيخ في الخلاف: 3 / 319، مسألة 13، والعلاّمة في مختلف الشيعة : 5 / 267 مسألة 235 ، ولكن لم توجد في كتب حديث الخاصّة والعامّة، وإنّما الموجود النهي عن بيع الغرر .(7) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 2 / 45 ح168 ، دعائم الإسلام : 2 / 21 ح34 ، وسائل الشيعة : 17/448 ، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب40 ح3 ، عوالي اللئالي : 2 / 248 ح17 .وانظر صحيح مسلم : 3 / 932 ح1513 ، وسنن ابن ماجة : 3 / 36 ح2195 ، وسنن أبي داود : 3 / 435 ح3376 ، والسنن الكبرى للبيهقي : 8 / 93 ح10554 ، والموطأ : 430 ب34 ح1370 .

(الصفحة 23)

والمالية ، والمعلومية بهذا المعنى لم يثبت بناء العقلاء عليها .
وأمّا النهي عن الغرر ، فيرد عليه ـ مضافاً إلى كونه مرسلاً لا يصحّ الاعتماد عليه ، وانجباره بعمل الأصحاب غير معلوم . نعم ، ذكر الشيخ الأعظم (قدس سره) : إنّ اشتهار الخبر بين العامّة والخاصّة يجبر ارساله(1) ـ أنّ الغرر ليس بمعنى الجهالة ، بل هو عبارة عن الخطر والتعرض للمهلكة ، وعليه فالظاهر كون النهي نهياً مولويّاً مفاده حرمة التعرّض للمهلكة ولا ارتباط له بباب المعاملات ، بل هو نظير قوله تعالى : {وَلاَ تُلقُوا بِأَيدِيكُم إِلَى التَهلُكَةِ}(2) .
وأمّا النهي عن بيع الغرر فلا يمكن أن يكون مستنداً في باب الإجارة إلاّ بعد إلغاء الخصوصية ، ودعوى كون ذكر البيع إنّما هو لأجل كونه الغالب في باب المعاوضات ، وهي غير ثابتة كما لايخفى ، ولكنّها تؤيّد بفهم الأصحاب على ماسيجيء . ثمّ إنّه لو كانت العين المستأجرة عيناً خارجية حاضرة فطريق العلم بها إمّا المشاهدة الرافعة للجهالة ، وإمّا ذكر الأوصاف التي تختلف بها الرغبات في إجارتها ، وأمّا إذا كانت غائبة أو كانت كلية فالطريق منحصر بذكر الأوصاف ; لعدم إمكان المشاهدة للغيبة ، أو لعدم كونها جزئية .
الثالث : أن تكون العين المستأجرة مقدوراً على تسليمها ، فلا تصحّ إجارة الدابّة الشاردة ونحوها ، وقد جعله في الشرائع من شرائط المنفعة(3) ، ولا بأس بالتعرّض لاعتبار هذا الأمر مفصلاً ، فنقول :
قد وقع الاتفاق من العامّة والخاصّة على اعتبار القدرة على تسليم العوضين في
  • (1) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 4 / 176 .(2) سورة البقرة 2 : 195 .(3) شرائع الإسلام : 2 / 186 .

(الصفحة 24)

المعاوضات ، بيعاً كان أو إجارة أو غيرهما(1) . نعم ، حكي عن الفاضل القطيفي المنع عن ذلك(2) ، لكنّ العبارة المحكية عن إيضاح النافع(3) لا تكون صريحة في مخالفة المشهور بل المجمع عليه ; لإمكان حملها على بعض الفروض التي لا يختص القائل بالصحّة فيها به ، وكيف كان فمدرك اعتبار هذا الأمر في المعاوضات اُمور :
الأوّل : ما استدلّ به الفريقان ـ العامّة والخاصّة ـ على اعتبار القدرة على التسليم ; وهو النبوي المتقدّم الدالّ على النهي عن بيع الغرر أو عن الغرر ، وهذا هو العمدة في الباب ، وقد عرفت ما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره) من أنّ الاشتهار بين الفريقين يجبر إرساله ، ولكنّه يقع الكلام فيه من حيث الدلالة في ثلاث جهات :
الجهة الاُولى : في معنى الغرر ، والظاهر أنّ معناه الحقيقي عبارة عن الخديعة الملازمة للغفلة وعدم الإلتفات ، ولأجله يفسّر بالغفلة أيضاً . قال في الصحاح : «الغِرّة : الغفلة . والغارّ : الغافل ، واغتَرَّهُ : أي أتاه على غِرَّة منه ، واغترّ بالشيء : أي خدع به»(4) ويشهد له حديث الغرور المعروف ، وهو أنّ المغرور يرجع إلى من غرّه(5) . وأمّا تفسيره بالخطر كما عن غير واحد من كتب اللغة
  • (1) راجع الخلاف : 3 / 168 مسألة 274 ، وغنية النزوع : 211 و285 ، وتذكرة الفقهاء : 1 / 466 ، ومجمع الفائدة والبرهان : 10 / 58 .(2) حكى عنه الشيخ الأنصاري في كتاب المكاسب : 4 / 190 .(3) حكى عنه في مفتاح الكرامة : 4 / 224 .(4) الصحاح : 1 / 622 .(5) لم يوجد في كتب الحديث ، لكن حكي انتسابه إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد ، راجع حاشية المكاسب للسيّد اليزدي : 1 / 179 . وذكره صاحب الجواهر بعنوان النصّ من أحد المعصومين (عليهم السلام) ، جواهر الكلام : 37 / 145 . والظاهر أنّ إسناده كان مستنداً إلى ما هو المعروف لا إلى الوجدان في بعض كتب الحديث ، راجع القواعد الفقهية للمؤلّف دام ظلّه 1 / 216 .

(الصفحة 25)

كالصحاح(1) والأساس(2) والمصباح(3) والمغرب(4) والمجمل(5) والمجمع(6) ، فالظاهر أنّه لايكون تفسيراً بالمعنى المطابقي بل تفسير باللاّزم، كالتفسير المرويّ عن أمير المؤمنين (عليه السلام)من أنّه عمل ما لا يؤمن معه الغرور(7) ، وكالتفسير المحكيّ عن الأزهري من أنّه ما كان على غير عهدة ولا ثقة(8) .
ولكن الظاهر أنّ المراد من النبويّ هو هذا المعنى ; لعدم كون الغرر بمعناه المطابقي موجباً لفساد المعاملة ; لأنّ الخديعة بمعنى التدليس لا توجب إلاّ الخيار لا البطلان والفساد ، مضافاً إلى فهم علماء المسلمين هذا المعنى من الحديث .
نعم ، ربما يقال(9) : إنّ المنساق من الغرر المنهي عنه الخطر من حيث الجهل بصفات المبيع ومقداره ، لا مطلق الخطر الشامل لتسليمه وعدمه ، ضرورة حصوله في بيع كلّ غائب ، خصوصاً إذا كان في بحر ونحوه ، بل هو أوضح شيء في بيع الثمار والزرع ونحوهما ، وبالجملة : لا تكون مخاطرة في بيع مايكون مجهولاً بالإضافة إلى التسليم ، خصوصاً بعد الجبر بالخيار عند التعذّر المحتمل .
  • (1) الصحاح: 1 / 622.(2) أساس البلاغة : 448 .(3) المصباح المنير : 445 .(4) المغرب في ترتيب المُعرَب : 189 .(5) مجمل اللغة : 532 .(6) لم نجد على التصريح به ، نعم فيه ما يفيد ذلك ، اُنظر مجمع البحرين : 2 / 1313 .(7) المغرب في ترتيب المُعرَب: 189 وقال في جواهر الكلام : 22 / 387 : «وروى ابن أبي المكارم الفقهي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ الغرر عمل ما لا يؤمن معه الضرر» .(8) حكى عنه ابن الأثير في النهاية : 3 / 355 .(9) القائل هو صاحب الجواهر ج22 ص388 .

(الصفحة 26)

ويرد عليه : أنّ الخطر الناشئ من الجهل بحصول المبيع في يد المشتري أعظم من الجهل بالصفات مع العلم بالحصول ، مع أنّ أهل اللغة قد مثّلوا للغرر بالمثالين المعروفين : وهما بيع السمك في الماء، والطير في الهواء(1) . ومن الواضح أنّ الخطر فيهما ليس لأجل الجهل بصفاتهما ، بل لأجل الجهل بأصل الحصول في اليد ، فالإنصاف أنّه لامجال للمناقشة في الاستدلال بالرواية من هذه الجهة .
الجهة الثانية : في دلالة النهي على الفساد ، الذي هو المطلوب ، ويكفي في هذه الجهة أنّ النواهي الواردة في باب المعاملات ـ التي يكون المقصود من إيجادها الوصول إلى غرض خاص وهدف مخصوص ـ لها ظهور ثانويّ في الإرشاد إلى الفساد على ماهو المتفاهم منها عند العرف والعقلاء ، فالنهي الوارد في النبوي لا يراد به الحرمة التكليفيّة ، بل الحرمة الوضعيّة الراجعة إلى فساد المعاملة مع ثبوت الغرر وعدم ترتّب الأثر المقصود منها عليها .
نعم ، يمكن أن يناقش في الاستدلال به ـ بعد تسليم ظهور النهي في الإرشاد إلى الفساد ـ بأنّ غاية ما يدلّ عليه النبوي هو فساد البيع ، بمعنى عدم كونه علّة تامّة لترتّب الأثر المقصود ، فلا ينافي وقوعه مراعى بانتفاء صفة الغرر ، وعليه فلا مانع من التزام وقوع بيع كلّ ما يعجز عن تسليمه منه مع رجاء التمكّن منه مراعى بالتمكّن منه في زمان لايفوت الانتفاع المعتدّ به .
ولكن الظاهر أنّ هذا الاحتمال مخالف للظاهر ، خصوصاً بعد ثبوت الاتّفاق من العلماء على فساد بيع الغرر ، بمعنى عدم تأثيره رأساً ، كما صرّح به فخر الدين في
  • (1) الصحاح : 1 / 622 ، والمغرب في ترتيب المُعرَب : 189 ، ولسان العرب : 5 / 23 ، وتاج العروس : 7/300 ، ومجمع البحرين : 2 / 1312 .