جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 402)

وقد انقدح ممّا ذكرنا أنّ الحكم في هذا الفرض هو عدم جواز التقييد بمثل ذلك ، فلا تصل النوبة إلى البحث في الإجارة الثانية ; لأنّه إنّما هو بعد الفراغ عن صحّة التقييد المفروضة في كلامهم ، وقد عرفت عدمها .
وممّا ذكرنا ظهر عدم جواز الاشتراط بشيء من الأمرين كما في الفرضين الأخيرين ; لأنّ مرجع اشتراط عدم الإجارة من الغير إلى التفكيك بين ملك المنفعة وآثاره; لعدم كون المراد شرط عدم الإجارة بعنوانها ، بل المراد شرط عدم نقل المنفعة إلى الغير ولو بعنوان آخر ، ومع عدم ترتّب مثل هذا الأثر لا يبقى وجه لاعتبار ملك المنفعة .
نعم ، لو كان الغرض متعلّقاً بعدم نقل المنفعة إلى مستأجر آخر غير المؤجر يصحّ حينئذ اعتبار الملك ; لأنّ نقلها إلى المؤجر جائز حينئذ ، ومنه يظهر الفرق من هذه الجهة بين هذا الفرض وبين الفرض المتقدّم ، لما عرفت من أنّ النقل إلى المؤجر في ذلك الفرض أيضاً غير جائز لعدم قابليّة المورد للنقل ، وهذا بخلاف ما هنا ، فإنّه لا مانع فيه من ذلك . وهكذا الكلام في الفرض الثالث ، فإنّ الجمع بين ملك المستأجر للمنفعة وبين اشتراط استيفائه المنفعة بنفسه لنفسه لا يمكن ; لمنافاة هذا الاشتراط لما يتقوّم به الإجارة من نقل المنفعة واعتبار ملكها الذي يتوقّف على بقاء أثره الظاهر .
والحقّ في المقام أن يقال : إنّ ما ذكرنا من الإشكال في أصل الاشتراط والتقييد إنّما يبتني على أن تكون الإجارة متقوّمة بحصول ملك المنفعة بها وتأثيرها فيه ، كما هو المعروف عندهم ، مع أنّه يمكن منع ذلك كما أشرنا إليه فيما سبق(1) ، لعدم الدليل على لزوم كون الإجارة مؤثّرة في
  • (1) في ص8 ـ 10 و 55.

(الصفحة 403)

تحقّق ملك المنفعة ، بل يمكن أن يقال : إنّ ما ينتقل إلى المستأجر من المؤجر إنّما هو حقّ الانتفاع الثابت للمؤجر باعتبار كونه مالكاً للعين ، وليس هنا ملكيّة بلحاظ المنفعة حتّى بالنسبة إلى المؤجر ، ولعلّ الاعتبار العقلائي كان مساعداً لهذا المعنى ، فإنّ الظاهر عدم كون مالك العين لدى العرف والعقلاء مالكاً لأمرين : العين ، والمنفعة ، وإن لوحظت حيثيّة الأصالة والتبعيّة ، فإنّه مع هذه الملاحظة أيضاً لا يعدّ المملوك أمرين ، بل لا يكون هنا إلاّ العين والإضافة الملكيّة بالنسبة إلى المالك . غاية الأمر أنّ من شؤون ملكيّة العين حقّ الانتفاع بها والاستفادة منها ، وكما أنّ للمالك أن يستوفي الحقّ بنفسه وبالمباشرة كذلك يجوز له النقل إلى الغير بالإجارة ونحوها ، فحينئذ يصحّ أن يقال : بأنّ الإجارة لا تؤثّر في أزيد من انتقال حقّ من طرف إلى آخر .
غاية الأمر أنّه تارةً تؤثّر في انتقال حقّ الاستيفاء من العين ، بمعنى أنّه كما كان للمالك الاستيفاء بالمباشرة كذلك يثبت هذا المعنى للمستأجر ، فلا حقّ له إلاّ الاستيفاء بنفسه ، واُخرى تؤثّر في انتقال حقّ الاستيفاء بالعين الذي هو أعمّ من الاستيفاء بنفسه ومن الإيجار للغير ; والأوّل يعبّر عنه بالاستيفاء من العين والثاني بالاستيفاء بالعين ، ويترتّب على الأوّل عدم جواز الإجارة من الغير ، لعدم قابليّة الحقّ المنتقل إلى المستأجر للنقل إلى الغير . وعلى الثاني الجواز لثبوت القابلية ، والفارق بين الصورتين إنّما هو الاشتراط أو التقييد وعدمهما ، وعلى هذا يحمل ما ورد في صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة ممّا يدلّ على جواز اشتراط المؤجر أن لا يركب الدابّة المستأجرة غير المستأجر ، وإلاّ فبناءً على ما هو المعروف من كون المترتّب على الإجارة ملكيّة المنفعة ربّما يشكل صحّة هذا الاشتراط ; لما عرفت من عدم اجتماع الصحّة مع اعتبار ملك المنفعة .

(الصفحة 404)

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ صحّة أصل الاشتراط بناءً على ما هو المشهور في باب الإجارة ممنوعة . نعم ، يمكن التصحيح بناءً على ما احتملناه من عدم كون الإجارة مؤثّرة إلاّ في انتقال حقّ من المؤجر إلى المستأجر ، وعليه فلا تصل النوبة إلى البحث في صحّة الإجارة الثانية ; لأنّها فيما إذا كانت الإجارة الاُولى مترتّباً عليها حقّ الاستيفاء من العين لا مجال لتوهّم الصحّة فيها ، وفيما إذا كانت مؤثّرة في انتقال حقّ الاستيفاء بالعين لا مجال لتوهّم البطلان فيها ، وأمّا بناءً على ما هو المعروف فقد وقع الإشكال في صحّة الإجارة الثانية مع اشتراط عدمها أو استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه ، بناءً على صحّة الاشتراط والإغماض عمّا فيها ، ومنشأ الإشكال أنّ مثل هذا الاشتراط هل يؤثّر في بطلان التصرّف المخالف ، أو أنّه لا يترتّب عليه إلاّ مجرّد خيار التخلّف عن الشرط على تقديره ، وما قيل في تقريب الأوّل وبطلان الإجارة الثانية اُمور :
أحدها : ما في الجواهر من أنّه لا يجوز حينئذ عملاً بقاعدة «المؤمنون»(1) التي يتعذّر الجمع بينها وبين الإجارة المفروضة ، فيتعيّن بطلانها لسبق الخطاب بالاُولى(2) .
قال المحقّق الإصفهاني (رحمه الله) في تقريبه : إنّ الأمر بالوفاء بالشرط والأمر بعقد الإجارة الثانية متمانعان لا يمكن فعليّتهما معاً ، لكنّه يقدّم الأوّل على الثاني لتقدّمه عليه وجوداً ; لوجود سببه بلا مانع في حال ترقّب التأثير منه ، بخلاف الثاني لوجود السبب المسبوق بالمانع . وأجاب عنه : بأنّ نفوذ عقد الإجارة تابع لوجود جميع ما يعتبر في العقد ، وفي المتعاقدين وفي
  • (1) وسائل الشيعة : 21 / 276 ، كتاب النكاح، أبواب المهور ب20 ذ ح 4.(2) جواهر الكلام : 27 / 260 .

(الصفحة 405)

مورد العقد ، واشتراط ترك الإجارة لا يوجب خللاً في شيء منها ، فالإجارة لا تبقي المحلّ للوفاء بالشرط لانقلاب ترك الإجارة إلى نقيضها بخلاف الشرط ، فإنّه لا يوجب الخلل في السبب التامّ لنفوذ الإجارة ، فلا أمر بالوفاء بالشرط مع وجود الإجارة حتّى يمنع عن الأمر بالوفاء بعقد الإجارة(1) .
ثانيها : ما حكي عن بعض الأعلام من أنّ نفوذ كلّ معاملة منوط بملك التصرّف ، ومع وجوب الوفاء بالشرط تحرم الإجارة ، فيكون المستأجر مسلوب القدرة شرعاً ، فلا يملك هذا التصرّف المعاملي(2) .
وأجاب عنه المحقّق الإصفهاني (رحمه الله) بما حاصله : أنّه إن اُريد من نفي القدرة والسلطنة على التصرّف المعاملي عدم الرخصة تكليفاً فهي ليست من شروط نفوذ المعاملة ، بل كما حقّق في محلّه يكون التحريم دليلاً على نفوذ المعاملة ومؤكّداً له ، وإلاّ لم تكن مقدورة . وإن اُريد من نفي القدرة عدم السلطنة الوضعية فمن المعلوم أنّها تابعة لاستجماع السبب لما له دخل في تأثيره ، والمفروض اشتمال كلّ من العقد والعاقد والمنفعة على الشرائط المعتبرة فيها ، فعدم ملك التصرّف بمعنى عدم الجواز تكليفاً مفروض إلاّ أنّه لا ينافي النفوذ ، وبمعنى عدم الجواز وضعاً غير مفروض ، بل هو أوّل الكلام ، فتدبّر جيّداً(3) .
أقول : ولقد أجاد فيما أفاد إلاّ أنّ تسليمه تعلّق الحرمة الشرعية التكليفيّة بالتصرّف المعاملي محلّ منع ، ضرورة أنّه ليس هنا إلاّ وجوب
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 113 .(2) حكى عنه المحقّق الإصفهاني في بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 113 .(3) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 114 .

(الصفحة 406)

الوفاء بالشرط على ما يقتضيه قوله (صلى الله عليه وآله) : «المؤمنون عند شروطهم»(1) ، ولم يدلّ دليل على حرمة التصرّف المعاملي الذي هو مناقض للوفاء ، إلاّ أن يقال باقتضاء الأمر بالشيء المنهيّ عن ضدّه ، وقد حقّق في محلّه عدم الاقتضاء بوجه . غاية الأمر أنّ العقل بعدما يرى أنّ التصرّف المعاملي مناف للوفاء بالشرط يحكم بلزوم تركه لأجل تحقّق الواجب الشرعي ، لكنّه ليس إلاّ مجرّد لزوم عقليّ غير مناف لملك التصرّف .
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ الملازمة بين وجوب الوفاء بالشرط وبين كون المستأجر مسلوب القدرة شرعاً ممنوعة ، من دون فرق بين أن يكون المراد بعدم القدرة عدم الجواز تكليفاً أو عدم النفوذ وضعاً ، فتدبّر جيّداً .
ثالثها : ما حكي عن الشيخ الأعظم العلاّمة الأنصاري (قدس سره) في شرط عدم الفسخ في خيار المجلس من الاستدلال لعدم تأثير الفسخ المشروط عدمه بعموم «المؤمنون» ، نظراً إلى أنّ مقتضاه وجوب الوفاء بالشرط حتّى بعد قوله : فسخت ، ولازمه في المقام التمسّك بإطلاق وجوب الوفاء بالشرط حتّى بعد إنشاء الإجارة الثانية ، حيث إنّه يكشف عن عدم نفوذ الإجارة ، وإلاّ لم يكن محلّ للوفاء بالشرط(2) .
وأجاب عنه المحقّق الإصفهاني (رحمه الله) بما حقّق في محلّه من لزوم انحفاظ المطلق في مراتب إطلاقه ، وبعد إنشاء الإجارة الثانية ـ حيث يحتمل تأثيره ـ يشكّ في بقاء المحلّ للوفاء ، فيكون من التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية ، مضافاً إلى أنّ متعلّق الشرط إن كان ترك إنشاء
  • (1) التهذيب : 7 / 371 ح1503 ، الاستبصار : 3 / 232 ح835 ، عوالي اللآلي : 3 / 217 ح77 ، وسائل الشيعة : 21 / 276 ، كتاب النكاح، أبواب المهور ب20 ح4 ، مستدرك الوسائل : 13 / 301 ، كتاب التجارة، أبواب الخيار ب5 ح7 .(2) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 5 / 56 ـ 57 .