جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 399)

مناسبة الحكم والموضوع فاختصاصها بذلك ممنوع ، بل المناسبة محفوظة على التقدير الآخر أيضاً ، نظراً إلى أنّه لو كان القصّار الأوّل ثقة مأموناً يراعي في مقام الدفع إلى آخر من كان مثله من حيث الوثاقة والأمانة . نعم ، هنا إشكال ربما يمكن أن يتوهّم ; وهو أنّ هذه الرواية مخصّصة لدليل عدم الضمان على أيّ تقدير ، سواء كان المراد بالقصّار المأمون هو الثاني أو الأوّل ; لأنّها تفصّل بين الموردين وتدلّ على وجود الضمان في مورد دون آخر ، فاللاّزم حينئذ الالتزام بالتفصيل ، فلا يبقى مجال للحكم بعدم الضمان مطلقاً ، كما لايخفى .
ويمكن دفعه بأنّه على تقدير كون المراد بالقصّار المأمون هو الثاني تكون الرواية مفصّلة بلا ريب ، ولكنّك عرفت أنّ هذا التقدير مخالف لظاهرها ، وعلى التقدير الآخر يكون المراد من الحكم بعدم الضمان فيما إذا كان ثقة مأموناً هو الحكم به مع فرض عدم التعدّي ; لما عرفت من أنّ الثقة المأمون يراعي في مقام الدفع إلى آخر من كان مثله من حيث الوثاقة والأمانة ، فالدفع إلى غيره يساوق التعدّي وهو يوجب الحكم بالضمان .
وبالجملة : فإطلاق الحكم بعدم الضمان ليس بحيث يشمل صورة التعدّي أيضاً ، فلا منافاة بينه وبين مدلول هذه الرواية ، فتدبّر .
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا في هذه الجهة أنّ القول بعدم الضمان وإن لم يكن موافقاً لمقتضى القاعدة إلاّ أنّه لا محيص عنه لأجل النصّ عليه .
الجهة الثالثة : في أنّه قد قيّد في كلمات القائلين بصحّة الإجارة من الغير وعدم ضمان المستأجر بالتسليم إليه كلا الحكمين بما إذا لم يشترط المؤجر عليه استيفاء المنفعة بنفسه ، وفسّر ذلك في كلمات
(الصفحة 400)

المتأخّرين(1) بما إذا لم يشترط عليه ذلك بنفسه لنفسه ، نظراً إلى أنّ اشتراط مجرّد الاستيفاء بنفسه لا ينافي الإجارة الثانية إذا اشترط فيها أن يكون المستوفي هو المستأجر الأوّل ويعود النفع إلى الثاني .
وبالجملة : فالمؤجر تارةً يضيّق دائرة المملوك بالتقييد ; مثل أن يملّكه ركوب الدابّة القائم بنفس المستأجر ، واُخرى يشترط عليه أن لا يؤجر من الغير بحيث يكون غرضه عدم ثبوت هذا الحقّ له ، وإن كان المملوك وهي المنفعة غير مضيّق أصلاً . وثالثة يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه ، ونتيجته أيضاً عدم جواز الإجارة من الغير .
أمّا الفرض الأوّل : فيمكن أن يقال بعدم جوازه ; لأنّ ما هو المملوك للمؤجر وإن كان طبيعي الركوب ، إلاّ أنّه بالإضافة إلى مستأجر خاصّ لا يكون مملوكاً للمؤجر حتّى يملّكه ، فإنّ ركوب زيد بما أنّه ركوبه لا يكون مملوكاً لمالك الدابّة حتّى يملّكه ، بل مملوكه هو الركوب بما هو ركوب . هذا ، مضافاً إلى ما هو العمدة في هذا المقام من أنّ الإجارة متقوّمة عندهم بملك المنفعة ، وإن وقع الاختلاف بينهم في حقيقة الإجارة ، وأنّها هل هي تمليك المنفعة أو أمر آخر يترتّب عليه ملكها ، إلاّ أنّ تقوّم الإجارة بنقل المنفعة وانتقالها من المؤجر إلى المستأجر كأنّه متسالم عليه بينهم ، كما أنّ الفرق بين الإجارة والعارية بكون الاُولى مؤثّرة في حصول ملك المنفعة ، والثانية مؤثّرة في تحقّق ملك الانتفاع فقط كأنّه أيضاً لا خلاف فيه بينهم ، وحينئذ نقول : في مفروض المقام مع تضييق دائرة المملوك بالتقييد بركوبه بنفسه مثلاً لا يبقى مجال لاعتبار ملك المنفعة أصلاً ، لعدم
  • (1) كصاحب مسالك الأفهام: 5 / 187، ورياض المسائل: 6 / 26، وجواهر الكلام: 27 / 260، والعروة الوثقى: 5 / 76.

(الصفحة 401)

الفرق على هذا التقدير بين الدابّة المستأجرة والدابّة المستعارة ، فكما أنّه لا يجوز في الثاني أن يركبها غيره بإجارة أو غيرها كذلك لا يجوز في الأوّل ، فإذا لم يكن بينهما فرق من حيث الآثار والأحكام يصير اعتبار ملك المنفعة في الأوّل لغواً ; لأنّه يبقى سؤال الفرق من حيث اعتبار ذلك في الأوّل دون الثاني .
ودعوى أنّه يكفي في اعتبار ملك المنفعة في خصوص الأوّل جواز الإجارة من المؤجر الأوّل فيه دون الثاني ; لأنّه لا تجوز إجارة العين المستعارة مطلقاً ، مدفوعة بأنّه في هذا الفرض لا تجوز الإجارة من المؤجر الأوّل أيضاً ; لأنّ الركوب القائم بنفس المستأجر لا يكاد يمكن أن يصدر إلاّ من شخص المستأجر ، فلا معنى لنقله إلى المؤجر كما هو واضح ، فلا فرق بينهما من هذه الجهة أيضاً .
وبالجملة : الاُمور الاعتبارية إنّما يكون اعتبارها بلحاظ ما يترتّب عليها من الأحكام والآثار ، ضرورة أنّه لا معنى لاعتبار الملك مثلاً مع عدم ترتّب شيء من آثاره عليه ، كجواز التصرّف فيه ، وجواز النقل إلى الغير ، وغيرهما ممّا يترتّب على الملك ، بل اللاّزم ترتّب الآثار الظاهرة والأحكام المقصودة المنظورة ، فلا يكفي في الاعتبار مجرّد ترتّب بعض الآثار الخفيّة غير المقصودة ; مثل جواز منع الغير من التصرّف في اعتبار الملك ، فإنّ هذا الأثر بمجرّده لا يكفي في هذا الاعتبار كما هو ظاهر ، وحينئذ نقول في المقام : إنّ اعتبار ملك المنفعة في مقابل ملك الانتفاع لابدّ وأن يكون بلحاظ الأثر الظاهر المترتّب على ملك المنفعة دون ملك الانتفاع ، وبدونه لا مجال لاعتباره ، وإذا ضيّق المؤجر دائرة المملوك بالتقييد المتقدّم يوجب ذلك عدم بقاء الفرق بينه وبين ملك الانتفاع حينئذ ، كما عرفت .

(الصفحة 402)

وقد انقدح ممّا ذكرنا أنّ الحكم في هذا الفرض هو عدم جواز التقييد بمثل ذلك ، فلا تصل النوبة إلى البحث في الإجارة الثانية ; لأنّه إنّما هو بعد الفراغ عن صحّة التقييد المفروضة في كلامهم ، وقد عرفت عدمها .
وممّا ذكرنا ظهر عدم جواز الاشتراط بشيء من الأمرين كما في الفرضين الأخيرين ; لأنّ مرجع اشتراط عدم الإجارة من الغير إلى التفكيك بين ملك المنفعة وآثاره; لعدم كون المراد شرط عدم الإجارة بعنوانها ، بل المراد شرط عدم نقل المنفعة إلى الغير ولو بعنوان آخر ، ومع عدم ترتّب مثل هذا الأثر لا يبقى وجه لاعتبار ملك المنفعة .
نعم ، لو كان الغرض متعلّقاً بعدم نقل المنفعة إلى مستأجر آخر غير المؤجر يصحّ حينئذ اعتبار الملك ; لأنّ نقلها إلى المؤجر جائز حينئذ ، ومنه يظهر الفرق من هذه الجهة بين هذا الفرض وبين الفرض المتقدّم ، لما عرفت من أنّ النقل إلى المؤجر في ذلك الفرض أيضاً غير جائز لعدم قابليّة المورد للنقل ، وهذا بخلاف ما هنا ، فإنّه لا مانع فيه من ذلك . وهكذا الكلام في الفرض الثالث ، فإنّ الجمع بين ملك المستأجر للمنفعة وبين اشتراط استيفائه المنفعة بنفسه لنفسه لا يمكن ; لمنافاة هذا الاشتراط لما يتقوّم به الإجارة من نقل المنفعة واعتبار ملكها الذي يتوقّف على بقاء أثره الظاهر .
والحقّ في المقام أن يقال : إنّ ما ذكرنا من الإشكال في أصل الاشتراط والتقييد إنّما يبتني على أن تكون الإجارة متقوّمة بحصول ملك المنفعة بها وتأثيرها فيه ، كما هو المعروف عندهم ، مع أنّه يمكن منع ذلك كما أشرنا إليه فيما سبق(1) ، لعدم الدليل على لزوم كون الإجارة مؤثّرة في
  • (1) في ص8 ـ 10 و 55.

(الصفحة 403)

تحقّق ملك المنفعة ، بل يمكن أن يقال : إنّ ما ينتقل إلى المستأجر من المؤجر إنّما هو حقّ الانتفاع الثابت للمؤجر باعتبار كونه مالكاً للعين ، وليس هنا ملكيّة بلحاظ المنفعة حتّى بالنسبة إلى المؤجر ، ولعلّ الاعتبار العقلائي كان مساعداً لهذا المعنى ، فإنّ الظاهر عدم كون مالك العين لدى العرف والعقلاء مالكاً لأمرين : العين ، والمنفعة ، وإن لوحظت حيثيّة الأصالة والتبعيّة ، فإنّه مع هذه الملاحظة أيضاً لا يعدّ المملوك أمرين ، بل لا يكون هنا إلاّ العين والإضافة الملكيّة بالنسبة إلى المالك . غاية الأمر أنّ من شؤون ملكيّة العين حقّ الانتفاع بها والاستفادة منها ، وكما أنّ للمالك أن يستوفي الحقّ بنفسه وبالمباشرة كذلك يجوز له النقل إلى الغير بالإجارة ونحوها ، فحينئذ يصحّ أن يقال : بأنّ الإجارة لا تؤثّر في أزيد من انتقال حقّ من طرف إلى آخر .
غاية الأمر أنّه تارةً تؤثّر في انتقال حقّ الاستيفاء من العين ، بمعنى أنّه كما كان للمالك الاستيفاء بالمباشرة كذلك يثبت هذا المعنى للمستأجر ، فلا حقّ له إلاّ الاستيفاء بنفسه ، واُخرى تؤثّر في انتقال حقّ الاستيفاء بالعين الذي هو أعمّ من الاستيفاء بنفسه ومن الإيجار للغير ; والأوّل يعبّر عنه بالاستيفاء من العين والثاني بالاستيفاء بالعين ، ويترتّب على الأوّل عدم جواز الإجارة من الغير ، لعدم قابليّة الحقّ المنتقل إلى المستأجر للنقل إلى الغير . وعلى الثاني الجواز لثبوت القابلية ، والفارق بين الصورتين إنّما هو الاشتراط أو التقييد وعدمهما ، وعلى هذا يحمل ما ورد في صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة ممّا يدلّ على جواز اشتراط المؤجر أن لا يركب الدابّة المستأجرة غير المستأجر ، وإلاّ فبناءً على ما هو المعروف من كون المترتّب على الإجارة ملكيّة المنفعة ربّما يشكل صحّة هذا الاشتراط ; لما عرفت من عدم اجتماع الصحّة مع اعتبار ملك المنفعة .