جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 469)

أنّه من سنخ الألفاظ ومن مقولة القول كما هو ظاهر، فالتمسك لبطلان الإجارة الثانية بهذا الوجه غير صحيح جزماً .
ومنها : أنّه يجب الوفاء بعقد الإجارة الاُولى فوراً ، ومعه لا يعقل إمضاء عقد الإجارة الثانية بالأمر بالوفاء به فوراً ; لعدم القدرة على الوفاء به كذلك .
وهذا الوجه وإن لم يستدلّ به في الصورة المفروضة ، بل مورد الاستدلال به ما إذا آجر الأجير نفسه بالإجارة العامّة أيضاً . غاية الأمر أنّ دعوى بطلان الثانية متفرّعة على اقتضاء الإطلاق للتعجيل كما حكي عن الشهيد (قدس سره)(1) ، أو على اقتضاء الأمر بالوفاء للفورية كما نسب إليه أيضاً ، إلاّ أنّه يمكن تقريبه في مفروض المقام بأن يقال : إنّ إيجاب الوفاء بعقد الإجارة الاُولى بعد فرض ضيق الوقت الموجب لصيرورة الوجوب فورياً لا يجتمع مع إيجاب الوفاء بعقد الإجارة الثانية ، الذي هو فوري أيضاً ; لفرض كونه أجيراً خاصّاً يكون جميع منافعه في المدّة المعيّنة أو بعضها للمستأجر الثاني ، فمع ثبوت الأوّل لا يعقل أمضاء الثانية بالأمر بالوفاء نظراً إلى عدم القدرة ، كما هو ظاهر .
وقد أجاب المحقّق الإصفهاني (قدس سره) عن أصل الوجه بما حاصله : إنّ الصحّة إذا كانت مسبّبة عن الأمر بالوفاء أمكن أن تكون إستحالته كاشفة عن عدمها ، وأمّا إذا لم تكن مسبّبة عنه ، بل كانت الصحّة ثبوتاً تابعة لاستجماع شرائط الصحّة وإثباتاً لوجود دليل دالّ على نفوذ الإجارة كما هو كذلك فلا أثر حينئذ ، لعدم شمول الأمر بالوفاء بالعقد للإجارة الثانية . نعم ، عدم القدرة على الوفاء بالعقدين يمنع عن فعلية الأمر بهما تعييناً ، وحينئذ إن كان مرجّح للاُولى أو الثانية كان هو
  • (1) مسالك الأفهام : 5 / 192 .

(الصفحة 470)

المقدّم في الوفاء ، وإلاّ كان مخيّراً عقلاً في صرف القدرة في امتثال ما شاء من الأمرين ، وربما يتخيّل أنّ سبق الخطاب في الإجارة الاُولى يجلب القدرة إلى نفسه ، ويكون معجزاً عن الوفاء بالثانية إلاّ أنّه ليس على إطلاقه ، بل فيما إذا كان سبق لأحد الواجبين على الآخر كالقيام في الركعة الاُولى بالنسبة إليه في الثانية ، فإنّ صرف القدرة في الأوّل لا مزاحم له في عرضه بخلاف المقام ، فإنّ المفروض وحدة زمان العمل ، واقتضاء كلّ من الأمرين لإيجاد العمل في أوّل الأزمنة، ومجرّد سبق الخطاب لا أثر له ، بل لو فرض فعلية أحد الخطابين لفعليّة موضوعه وعدم المزاحم له حال فعليّة الخطاب فصار موضوع الآخر فعلياً قبل امتثال الأوّل لكان الأمر كذلك ، فإنّ فعليّة الخطاب مشروطة بالقدرة حدوثاً وبقاءً معاً ، كما إذا غرق إنسان فأمر بإنقاذه وقبل الإنقاذ غرق شخص آخر ، فإنّه لا شبهة في سقوط الأمر عن التعينيّة الفعلية مع عدم الأهمّية(1) .
ويمكن الإيراد عليه بأنّ الصحّة وإن لم تكن مسبّبة عن الأمر بالوفاء ، بل هو غير معقول ; لأنّ الأمر بالوفاء إنّما هو فيما إذا كان العقد متّصفاً بالصحّة ، فكيف تكون مسبّبة عنه ، إلاّ أنّ دعوى أنّه لا أثر لعدم شمول الأمر بالوفاء بالعقد للإجارة الثانية لا تجدي بعد كون الغرض إثبات اللزوم أيضاً زائداً على الصحّة لا مجرّدها ، وإن لم تكن لازمة .
ويمكن الجواب عن أصل الوجه بأنّ الأمر بالوفاء بعقد الإجارة الثانية في مفروض المقام ـ وهو ما إذا كانت الإجارة الثانية إجارة خاصّة يكون جميع المنافع في المدّة المعينة أو بعضها المماثل للعمل المستأجر عليه في الإجارة الاُولى
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 153 ـ 154 .

(الصفحة 471)

للمستأجرـ لا ينافي بمجرّده للأمر بالوفاء بالإجارة الاُولى ، فإنّ الوفاء بالثانية لا يستلزم ايجاد العمل للمستأجر بل مقتضاه تهيّؤه ; لرجوعه إليه بما يريد من المنافع أو بالمنفعة المعيّنة المذكورة في العقد ، ومن الواضح أنّ مجرّد التهيّؤ لا ينافي الوفاء بعقد الإجارة الاُولى .
نعم ، قد تتحقّق المنافاة كما إذا أراد منه المستأجر منفعة من الخياطة والكتابة ونحوهما ، وحينئذ يجب على الأجير امتثاله وإطاعته ، فتتحقّق المنافاة بين الوجوبين لعدم القدرة على امتثالهما معاً ، فلابدّ حينئذ في الحكم بالتعيين من التماس مرجّح ، وقد ذكر المرجّح للإجارة الاُولى في كلام المحقّق المتقدّم مع جوابه ، وسيأتي التحقيق فيه وللإجارة الثانية في مفروض المقام في كلام المحقّق الرشتي (قدس سره)(1) بما يرجع إلى أنّ الأجير فوّت العمل على المستأجر الأوّل بالإجارة الثانية ، حيث ملّك جميع منافعه أو المنفعة الخاصّة المماثلة للثاني ، فهو كما لو باع المديون ما يملكه من غير الدائن ، فإنّ حقّ المشتري حينئذ مقدّم على حقّ الدائن المتعلّق بالعين ، فلو عمل للأوّل والحال هذه كان فضولياً محتاجاً إلى إجازة الثاني .
نعم ، للأوّل الرجوع إلى الأجير بالمسمّى أو اُجرة المثل ، كما في سائر صور التفويت والإتلاف انتهى . ومن المعلوم أنّ حرمة التفويت على تقديرها لاتنافي صحّة المعاملة الواقعة ، كما هو ظاهر .
والتحقيق في المقام أنّه لا منافاة بين الوجوبين وإن لم يكن سوى قدرة واحدة في البين ، وذلك لما حقّقناه في الاُصول في مبحث الترتّب تبعاً لسيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن ـ دام ظلّه ـ من الفرق بين الخطابات الكليّة العامّة ، وبين الخطابات
  • (1) كتاب الإجارة للمحقّق الرشتي : 222 .

(الصفحة 472)

الشخصية المتوجهة إلى آحاد المكلّفين ، وأنّه لا يعتبر في إمكان توجّه الاُولى إلى الآحاد ملاحظة أحوال كلّ من المخاطبين من حيث القدرة والعجز ونحوهما من الحالات المختلفة . غاية الأمر أنّ غير القادر معذور في مخالفة التكليف لا أنّه غير مكلّف أصلاً ، والدليل على عدم كون التكليف مشروطاً بالقدرة ، بل كون عدمها عذراً حكمهم بوجوب الاحتياط في صورة الشكّ في القدرة ، مع أنّها لو كانت شرطاً لكان مقتضى القاعدة جريان أصالة البراءة للشكّ في شرط التكليف .
وبالجملة : الخطابات العامّة متوجّهة إلى جميع المكلّفين من دون فرق بين القادرين والعاجزين . غاية الأمر كون الطائفة الثانية معذورين في المخالفة لأجل حكم العقل بذلك ، وحينئذ نقول : إنّ الأمر بالوفاء بعقد الإجارة الاُولى وكذا الأمر بالوفاء بالثانية كلاهما ثابتان فعليان ، وإن لم يكن المكلّف قادراً على امتثالهما ; لأنّ العجز لا ينافي الفعلية كما مرّ ، فما زعمه المحقّق الإصفهاني (قدس سره) في كلامه المتقدّم من أنّ عدم القدرة على الوفاء بالعقدين يمنع عن فعلية الأمر بهما تعييناً ، لا يتم بناءً على ما ذكرنا من أنّ القدرة الواحدة لا تنافي فعلية الخطابين إذا كانا بنحو الكليّة والعموم .
إلاّ أن يقال في مثل المقام بعدم كون المكلّف معذوراً في المخالفة ; لأنّه مع العلم بعدم القدرة على امتثال أزيد من تكليف واحد أوجد سبب التكليف الثاني ; وهو العقد الموجب لثبوت التكليف بالوفاء به ، فعدم القدرة مستند إلى سوء اختياره ، ضرورة أنّه لو لم يقدم على المعاملة الثانية اختياراً لما كانت مخالفة التكليف متحقّقة بوجه ، فهو مع العلم بذلك أوجد السبب للتكليف الثاني بسوء اختياره ، فهو كما لو كان قادراً على أمتثال التكليفين ابتداءً ، ففعل ما أوجب سلب القدرة على امتثال واحد غير معيّن منهما ، فإنّه لا يكون في هذه الصورة معذوراً في المخالفة ، اللّهمَّ إلاّ أن يقال بالفرق بين الصورتين فتدبّر . هذا ما يقتضيه التحقيق بالنسبة إلى الحكم
(الصفحة 473)

التكليفي وهو وجوب الوفاء بالعقدين .
وأمّا بالنسبة إلى الحكم الوضعي فالظاهر أنّه لا مانع من الحكم بصحّتهما معاً ، سواء قلنا : بأنّ الصحّة مسبّبة عن الأمر بالوفاء كما عرفت أنّه غير معقول(1) ، أم لم نقل بذلك ، أمّا الحكم بصحّة الإجارة الثانية فلأنّه لا موجب لبطلانها إلاّ الوجه الذي عرفت بطلانه ، وأمّا صحّة الإجارة الاُولى فلأنّه وإن ملّك جميع منافعه أو بعضها المماثل للمستأجر الثاني إلاّ أنّه لا يوجب خللاً في الإجارة الاُولى بعد كون متعلّقها العمل الثابت في ذمّة الأجير ، وكون المملوك في الإجارة الثانية المنافع أو البعض لا نفس العمل ، كما عرفت .
ودعوى أنّ الإجارة الثانية تسلب القدرة عن الوفاء بالإجارة الاُولى ، مدفوعة بإمكان الوفاء بها معها أيضاً ، كيف ويمكن الاستئذان من المستأجر الثاني لأن يعمل للأوّل ، أو المعاوضة معه بالنسبة إليه، أو الإقالة معه بالإضافة إلى عقده ، ومع عدم إمكان شيء من هذه الاُمور لا وجه أيضاً للحكم بالبطلان . غاية الأمر أنّ الأجير فوّت العمل على المستأجر الأوّل والتفويت لا يلازم البطلان ، بل غاية الأمر جواز المعاملة من طرف المستأجر لا البطلان .
ومنها : أنّ الإجارة الاُولى أحدثت حقّاً للمستأجر الأوّل على الأجير ، ومقتضاه عدم تأثير الأسباب في تعلّق حق آخر يوجب بطلان الأوّل ، كما لو نذر أن يتصدّق بعين من أعيان ماله ، فإنّه يمنع عن تأثير سائر الأسباب فيه كالبيع ونحوه .
والجواب ما أفاده المحقّق الرشتي (قدس سره) من أنّه لا امتناع في اجتماع الحقوق
  • (1) في ص470.