جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 455)

وقد ظهر أنّ الأقوى في هذا الفرض ثبوت خيار التبعّض في المجموع فقط ، كما صحّحه المحقّق الإصفهاني (قدس سره)(1) ، ولا فرق فيما ذكرنا من حكم هذا الفرض ـ وهي صورة الإعمال ـ بين أنواع الأجير الخاصّ ; وهي من كانت جميع منافعه للمستأجر في مدّة معيّنة أو منفعته الخاصّة فيها ، أو استؤجر لعمل كلّي في الذمّة مباشرة مدّة معيّنة ; لعدم الفرق في الملاك بين هذه الأنواع الثلاثة ، هذا كلّه فيما لو أهمل الأجير في البعض الأوّل من المدّة .
وممّا ذكرنا فيه يظهر حكم سائر الفروض المتصوّرة في إهمال البعض ، كما أنّه ظهر لك أنّ المختار فيما إذا أهمل في جميع المدّة هو ثبوت الخيار بين الفسخ والإمضاء مجّاناً ، وفيما إذا أهمل في البعض أيضاً الخيار ، غاية الأمر أنّ الخيار هنا يسمّى خيار التبعّض ، أي التخلّف في البعض كما مرّ .
الصورة الثانية : ما إذا عمل الأجير لنفسه في جميع المدّة أو في البعض ، وظاهرهم ـ كما صرّح به في العروة وتبعه المحشّون ـ ثبوت الخيار للمستأجر بين الفسخ واسترجاع الاُجرة المسمّـاة كلاًّ أو بعضاً ، وبين الإمضاء والرجوع إلى العوض(2) ، من دون أن يكون هنا فرق في الأجير بين الأجير بالمعنى الأوّل الذي يكون جميع منافعه للمستأجر في مدّة معيّنة ، وبين الأجير بالمعنى الثاني الذي تكون منفعته الخاصّة فيها له ، وبين الأجير بالمعنى الثالث الذي هو عبارة عمّن استؤجر لعمل كلّي في الذمة مباشرة في مدّة معيّنة .
والظاهر أنّه لا فرق بين هذه الصورة والصورة المتقدّمة في شيء ممّا ذكرنا فيها
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 139 .(2) العروة الوثقى : 5 / 82 مسألة 4 .

(الصفحة 456)

إلاّ في بعض الجهات ، ولابدّ من التعرّض لها :
منها : أنّه يمكن أن يقال : بأنّ الأجير بأحد المعنيين الأوّلين إذا سلّم نفسه إلى المستأجر ومهّدها لإطاعة أوامره وإنجاح أغراضه ومقاصده ، أو خصوص الغرض المذكور في عقد إجارته كالخياطة أو الكتابة ، فتارةً يعيّن عليه المستأجر عملاً في الخارج ، فيقول له مثلاً : خط هذا الثوب ، واُخرى لم يعيّن عليه . غاية الأمر أنّ الغرض من إجارته تهيّئه لرجوع المستأجر إليه في المدّة المعيّنة ، ففي الفرض الأوّل إذا تخلّف واشتغل بالعمل لنفسه ، كما لو خاط ثوب نفسه لا بأس بالحكم بثبوت الخيار لأجل التخلّف وعدم الوفاء بمقتضى عقد الإجارة ، وأمّا في الفرض الثاني إذا عمل لنفسه في تلك المدّة مع تهيّئه لرجوع المستأجر إليه ، غاية الأمر أنّه لم يرجع إليه بعد ، فلا يكون العمل لنفسه مخالفاً للوفاء بعقد الإجارة ولا يعدّ الأجير متخلِّفاً ; لأنّ التخلّف فرع تعيين عمل عليه ، أو عمل خاصّ مذكور في العقد ، وبدونه لا يكاد يتحقّق هذا العنوان الموجب للخيار ، كما لا يخفى .
نعم ، في الأجير بالمعنى الثالث الذي مرجعه إلى الاستئجار لعمل في الذمّة ـولازمه تحويل ذلك العمل إلى المستأجر ـ لا ريب في صدق التخلّف مع الاشتغال بعمل نفسه ، كما أنّه في الصورة الاُولى أي صورة الإهمال يكون فرض الإهمال مساوقاً لتعيين العمل من المستأجر وعدم اشتغال الأجير به وتركه العمل رأساً ، ففيها أيضاً يتحقّق التخلّف ، وأمّا في المقام فمع عدم تقدير عمل له لا يتحقّق التخلّف ، فلا وجه لثبوت الخيار للمستأجر ، اللّهم إلاّ أن يقال : إنّه يكفي في صدق عدم الوفاء بالعقد مجرّد إيجاد العمل لغير المستأجر في المدّة المعيّنة ، أو يقال : بأنّه لا يكاد يجتمع كون جميع المنافع للمستأجر مع وقوع العمل للأجير ، وكذا في الأجير الخاصّ بالمعنى الثاني ، فتدبّر جيّداً .

(الصفحة 457)

ومنها : أنّه ذكر بعض المعاصرين من محشّي العروة(1) أنّه يشكل ثبوت الخيار فيما إذا عمل الأجير لنفسه في بعض المدّة ; لاستلزامه التبعيض في الخيار .
أقول : يمكن أن يقال : إنّ الفسخ إذا كان بالنسبة إلى المقدار الذي صرف في العمل لنفسه لايكاد يتحقّق التبعيض في الخيار إلاّ أن يقال بمنافاة ذلك ، لما مرّ من أنّ الخيار الثابت في صورة التخلّف في البعض هو خيار التبعّض وهو ثابت في المجموع ، ومع اختيار الفسخ لابدّ من رجوع جميع الاُجرة المسمّـاة لا البعض فقط ، فهذا الإشكال موجّه ، إلاّ أنّ الظاهر عدم اختصاصه بهذه الصورة ، بل جريانه في الصورة الاُولى أيضاً ; وهي ما إذا أهمل الأجير في بعض المدّة .
ومنها : ذكر صاحب العروة أنّه مع بقاء الإجارة وعدم الفسخ يطالب المستأجر عوض الفائت من المنفعة بعضاً أو كلاًّ(2) ، وقال بعض أجلّة العصر في حاشيتها : بل عوض المنفعة التي استوفاها المستأجر أو غيره ، وهو اُجرة مثل العمل الذي أوقعه لنفسه أو غيره ، ثمّ قال : ولعلّ هذا هو مراد الماتن هنا وفي الصورة الآتية(3) .
ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ فرض استيفاء المستأجر خارج عن محلّ الكلام ; لأنّ مورده ما إذا عمل الأجير لنفسه كما هو ظاهر ، وإلى أنّ عبارة الماتن لا تساعد على ما ذكره أصلاً ـ أنّه لا دليل على كون الاُجرة التي يرجع المستأجر بها على الأجير هي اُجرة مثل العمل الذي أوقعه لنفسه ، فإنّه لو عمل الأجير لنفسه عملاً له اُجرة قليلة مع أنّه لو كان يعمل للمستأجر يعمل عملاً له أُجرة كثيرة هل يلزم على
  • (1) العروة الوثقى : 5 / 82 ، التعليقة 4 .(2) العروة الوثقى: 5 / 82 ـ 83 مسألة 4.(3) العروة الوثقى : 5 / 82 التعليقة 5.

(الصفحة 458)

المستأجر الرجوع إلى الاُجرة القليلة ؟
نعم ، يمكن الإيراد على الماتن أيضاً بأنّ الرجوع إلى عوض الفائت من المنفعة إنّما يتحقّق فيما إذا قدّر له عملاً معيّناً ، وهو لم يشتغل به بل عمل لنفسه ، وأمّا مع عدم تقدير عمل له أصلاً فما المنفعة الفائتة حتّى يرجع بعوضها ، إلاّ أن يقال : إنّه يجوز له أخذ اُجرة المنفعة التي هي أكثر من جميع المنافع قيمة كما في العبد المغصوب ; لأنّه يمكن للمستأجر استيفاء تلك المنفعة .
ويمكن أن يقال ـ بناءً على عدم جريان قاعدة الإتلاف في مثل المقام لما مرّت(1)الإشارة إليه ـ : إنّه لا محيص إلاّ عن الرجوع باُجرة مثل العمل الذي أوقعه لنفسه ; لأنّه العمل الموجود في الخارج المملوك للمستأجر بعد عدم فسخ الإجارة ، فيرجع باُجرته ، لكن الإنصاف أنّ هذه المسألة مشكلة لوجود احتمالات كثيرة فيها عدا ما ذكر ; لأنّه يحتمل أيضاً أن يكون المستأجر مخيّراً بين الرجوع باُجرة مثل العمل ، وبين أخذ عوض المنفعة الفائتة ، ويحتمل أيضاً أن يكون له الجمع بينهما ، نظراً إلى أنّ العمل الذي أوقعه مملوك له فعليه اُجرة مثله ، وأنّه أتلف المنفعة على المستأجر فعليه أيضاً عوضها ، ويحتمل ضعيفاً أن لا يكون له شيء من الأمرين في صورة عدم تعيين عمل عليه ; وذلك لعدم صدق التفويت والإتلاف بعد عدم التعيين ، فلا يستحقّ عوض الفائت ، وعدم كون العمل لنفسه موجباً للتخلّف ونقض الوفاء ومنافياً للإجارة ، فلا وجه لاستحقاق اُجرة مثله ، ويحتمل أيضاً بعض الاحتمالات الاُخر فتدبّر .
ويمكن أن يقال في الأجير الخاصّ بالمعنى الأوّل الذي تكون جميع منافعه
  • (1) في ص444 ـ 448.

(الصفحة 459)

للمستأجر : إنّ المراد بكون جميعها له هل هو أن يكون الأجير مختاراً في تعيين العمل ، وأنّ ما يعمله في مدّة الإجارة لنفسه أو لغيره لابدّ من أداء عوضه إلى المستأجر ، ففي الحقيقة يستأجره المستأجر لا لأن يعمل له بل لأن يعمل لأيّ شخص شاء من نفسه أو غيره ويؤدّي عوضه إليه ، أو أنّ المراد بالأجير الخاصّ بالمعنى الأوّل أن يكون الأجير ممهِّداً لرجوع المستأجر إليه لاستيفاء منافعه ، وأنّ الاختيار في تعيين العمل بيد المستأجر ، ولا يجوز له التخلّف عمّا عيّن المستأجر من العمل ، ولا يجوز له العمل للغير بل لابدّ من أن يكون تحت اختيار المستأجر ، نظير الخادم الذي يستخدمه الإنسان لإرجاع حوائجه إليه ؟
فعلى التقدير الأوّل الذي هو خلاف ما يظهر من كلماتهم في المراد من الأجير الخاصّ بالمعنى الأوّل ، بل يمكن أن يقال بعدم صحّة هذا النحو من الإجارة رأساً لاستلزام الغرر المنهي عنه ، فتدبّر ، لا محيص عن القول بأنّ ما يرجع به المستأجر على الأجير إنّما هو اُجرة مثل العمل الذي أوقعه لنفسه أو لغيره ، ولا يتصوّر هنا الرجوع إلى عوض الفائت من المنفعة كما هو ظاهر .
وعلى التقدير الثاني الذي هو الموافق لظاهر الكلمات ، فتارةً يعيّن له المستأجر عملاً خاصّاً ويتخلّف الأجير عنه ويعمل لنفسه كما هو المفروض ، واُخرى يعمل لنفسه مع عدم تعيين عمل عليه ، ففي الأوّل يكون مقتضى القاعدة جواز رجوعه إلى الأجير باُجرة مثل العمل الذي أوقعه لنفسه ; لأنّه كان مملوكاً للمستأجر ، وبعوض المنفعة المعيّنة الفائتة ; لأنّه فوّتها وأتلفها على المستأجر ، ولا دليل في البين على عدم جواز الرجوع بكلتا الاُجرتين ، وإن كان الظاهر هو الرجوع إلى الأوّل فقط ، وفي الثاني يتعيّن عليه الرجوع باُجرة مثل العمل فقط ; لعدم تحقّق الإتلاف والتفويت أصلاً .