جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 32)

وقد انقدح ممّا ذكرنا أنّ المستند في هذا الباب ينحصر في دليل الغرر المتقدّم .
وينبغي التنبيه على اُمور :
الأمر الأوّل : ذكر المحقّق الإصفهاني (قدس سره) إنّ الحاجة إلى دليل اعتبار القدرة على التسليم إنّما هو فيما كان لوجود المملوك مقام ، ولتسليمه مقام آخر ; كالعين في البيع ، فإنّ المفروض وجودها إلاّ أنّه مقدور على تسليمه تارةً وغير مقدور على تسليمه أُخرى ، وكالمنفعة ، فإنّها موجودة بوجود الدابّة مثلاً ، إلاّ أنّ تسليمها بتسليم الدابّة مقدور عليه تارةً وغير مقدور أُخرى ، بخلاف الأعمال ، فإنّ إيجادها ووجودها وتسليمها وتسلّمها واحد ، فعدم القدرة على تسليم العمل مرجعه إلى عدم القدرة على إيجاده ، وما يمتنع إيجاده غير قابل للملكية ، من دون حاجة إلى دليل آخر كدليل الغرر وغيره ، كما أنّ العمل الذي يشك في القدرة عليه لا يمكن تمليكه منجّزاً ، وتمليكه معلّقاً فاسد(1) .
أقول : ما أفاده في الإجارة على الأعمال صحيح فيما إذا كان العمل المستأجر عليه خصوص العمل الصادر من الأجير مباشرة ، فإنّه مع امتناع صدور الخياطة عن الأجير لعدم اطّلاعه على فنّها أصلاً أو لجهة اُخرى لايعقل تمليكها من الغير ، فلا يصحّ الاستئجار عليه ، وأمّا إذا لم يكن المستأجر عليه خصوص العمل الصادر من الأجير ، بل كان الاستئجار واقعاً على خياطة الثوب ولو من غير الأجير ، فإنّه حينئذ يعقل الانفكاك بين الملكيّة والقدرة على التسليم ; لأنّه ربما لا يكون قادراً على التسليم مع ثبوت القابلية للملكيّة ، نظير بيع السلف الذي يكون المبيع أمراً كليّاً ثابتاً في ذمة البائع ، وهو قد يكون قادراً على تسليمه في
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 253 .

(الصفحة 33)

ظرفه ، وقد لايكون كذلك .
وبالجملة : فلا يرى فرق بين هذا القسم من الإجارة وبين بيع السلف أصلاً ، وفي كليهما نحتاج إلى الدليل على اعتبار القدرة على التسليم زائداً على حقيقة البيع والإجارة المتقوّمة بالتمليك والتملّك .
الأمر الثاني : قد عرفت أنّ المستند الوحيد في باب اعتبار القدرة على التسليم إنّما هو دليل النهي عن الغرر ، وعليه فالمدار على تحقّق هذا العنوان الذي مرّ أنّ المراد به هو الخطر(1) ، ومن الواضح أنّ الخطر عبارة عن عدم الوثوق بالحصول في اليد ، وهو أمر وجداني لايعقل الشكّ فيه ، فإنّه على تقدير تحقّق الوثوق وجداناً لايكون هناك غرر ، وعلى تقدير عدمه يتحقّق هذا العنوان ، وليس للنفس حالة ثالثة ، خصوصاً بعد ملاحظة كون الموضوع هو الغرر الشخصي ، فلا مجال للشك أصلاً ، كما أنّه لايبقى حينئذ مجال للبحث عن أنّ القدرة شرط أو أنّ العجز مانع ; لعدم تعرّض الدليل لشيء من القدرة والعجز ، بل المدار على صدق عنوان الغرر كما عرفت .
نعم ، بناء على كون القدرة شرطاً فربما يتخيّل الفرق بينه وبين مانعية العجز كما عن الجواهر(2) ، نظراً إلى أنّه لابدّ في الشرط من إحرازه ، ويكفي في المانع عدم إحرازه لكون عدمه مطابقاً للأصل .
ويرد على هذا الكلام وجوه من الإشكال :
الأوّل : أنّ القدرة التي تحتمل شرطيّتها هل هي القدرة الواقعية بمجرّدها ، أو
  • (1) في ص 23 .(2) جواهر الكلام : 22 / 385 .

(الصفحة 34)

بضميمة العلم بها ، أو أنّ الشرط هو العلم بالقدرة ولو لم يكن هناك قدرة واقعاً ، والمراد بالعلم هو الوثوق لا خصوص اليقين القطعي ؟ لامجال للاحتمال الأوّل لعدم الدليل عليه ، والإجماع لا يكون له أصالة في مثل المقام ، الذي يكون مستند المجمعين معلوماً ، وحديث نهي الغرر قد عرفت أنّه لا دلالة له على ذلك(1) ، كما أنّه لا وجه للاحتمال الثاني لعين الوجه المذكور ، فالمتعيّن هو الاحتمال الثالث ، وعليه لا يبقى موقع للترديد والشكّ كما مر .
ثمّ إنّه ذكر الشيخ الأعظم (قدس سره) بعد اختياره شرطية القدرة ونفيه مانعية العجز في آخر كلامه : إنّ الشرط هي القدرة المعلومة للمتبابعين ; لأنّ الغرر لايندفع بمجرّد القدرة الواقعية(2) .
وظاهره اعتبار القدرة الواقعية والعلم معاً ، مع أنّ الاستدلال بحديث الغرر لايجدي في إثبات ذلك ; لأنّ الحديث كما عرفت أجنبيّ عن الدلالة على اعتبار الأمر الواقعي .
الثاني : أنّ العجز لا يعقل أن يكون مانعاً ، إمّا لأنّ المانع عبارة عن الأمر الوجودي الذي يلزم من وجوده العدم ، والعجز لايكون أمراً وجوديّاً ; لأنّه عبارة عن عدم القدرة عمّن من شأنه صنفاً أو نوعاً أو جنساً أن يكون قادراً ، وإمّا لأنّ المانع عبارة عمّا يقتضي ضدّ ما يقتضيه المقتضي الآخر ، والعجز بالإضافة إلى عقد البيع لا يكون كذلك ; لأنّه ليس له أثر هو ضدّ الملك الذي هو أثر العقد حتّى يمنع عن تأثيره .
  • (1) في ص 23 ـ 24 .(2) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 4 / 193 .

(الصفحة 35)

وقد ذكر من فسّر المانع بهذا التفسير : أنّ غاية ما في الباب أنّ عدم العجز شرط تأثير العقد ، وليس كلّ ما كان عدمه شرطاً يكون وجوده مانعاً . نعم ، كلّ ما كان مانعاً بحقيقة المانعية يكون عدمه شرطاً لتأثير السبب الآخر عقلاً ، وإلاّ لزم انفكاك المعلول عن علّته التامّة(1) .
والعجب منه أنّه ناقش في التفسير المعروف نظراً إلى أنّ استلزام الوجود للعدم محال ، سواء كان بنحو الاقتضاء ، أو بنحو الشرط ، أو بنحو المعدّ ; لأنّ العدم ليس بشيء حتّى يكون أثر المقتضى ، أو محتاجاً إلى فاعل أو قابل ، أو إلى مؤثِّر(2) ، مع أنّه اختار شرطيّة العدم في كلامه المذكور ، فإنّ العدم كيف يعقل أن يكون مصحّحاً لفاعلية الفاعل أو متمّماً لقابلية القابل ، حتّى يكون عدم المانع شرطاً لتأثير السبب ، أو يقال : إنّ كلّ ما كان عدمه شرطاً لا دليل على كون وجوده مانعاً .
الثالث : الفرق بين الشرط والمانع ، بأنّه يعتبر في الأوّل إحرازه ويكفي في الثاني عدم إحرازه محلّ نظر بل منع ، فإنّ المانع أيضاً لابدّ من إحراز عدمه ، وكيف يكفي مجرّد الشكّ في ثبوت الممنوع ، مع أنّ المانع أمر واقعي كما هو المفروض ؟ نعم ، يكفي إحراز عدمه بسبب الأصل ، ولا يحتاج إلى اليقين أو الطريق المعتبر ، وهذا يجري في الشرط أيضاً ، فلم يتحقّق الإفتراق بينهما من هذه الجهة .
نعم ، حيث إنّ العدم يكون مطابقاً للأصل غالباً بخلاف الوجود يكون إحراز العدم بالأصل أمراً سهلاً بخلاف إحراز الوجود .
الأمر الثالث : أنّ العبرة في الشرط المذكور إنّما هو بالوثوق بالحصول في اليد في زمان استحقاق التسليم ، فلا ينفع الوثوق به حال العقد مع العلم بعدمه حال
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 254 ـ 255 .(2) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 254 .

(الصفحة 36)

استحقاق التسليم ، بل ومع عدم العلم والوثوق به حاله ، ويترتّب على ذلك عدم اعتبار هذا الشرط أصلاً فيما إذا كانت العين المبيعة أو المستأجرة في يد المشتري أو المستأجر ، وكذا فيما لايستحقّ فيه التسليم رأساً ، كما إذا اشترى من ينعتق عليه ، فإنّه ينعتق بمجرّد الشراء ولا سبيل لأحد عليه أصلاً .
وربما نوقش في هذا الفرض بأنّ انعتاق المبيع على المشتري الموجب لعدم استحقاقه التسليم من أحكام البيع وآثاره ، ولا يكاد يترتّب عليه آثاره إلاّ إذا كان واجداً لشرائط الصحّة ، ومنها القدرة على التسليم ، فكيف يسقط ما يعتبر في صحّته بما يترتّب عليها من الآثار .
ولكنّ المناقشة مدفوعة بقصور الدليل عن الدلالة على الاعتبار في مثل هذا الفرض ، وبعبارة اُخرى انعتاق المبيع على المشتري الموجب لعدم استحقاقه التسليم وإن كان من أحكام البيع وآثاره ، إلاّ أنّ الدليل الدالّ على اعتبار القدرة على التسليم في صحّة البيع وكونها من شرائطها لايدلّ على ذلك في مثل المقام ; لعدم كون البيع غررياً أصلاً لتحقّق الانعتاق بمجرّده .
وكذا لايعتبر هذا الشرط فيما إذا لم يستحقّ التسليم بمجرّد العقد ، إمّا لاشتراط تأخيره مدّة ، وإمّا لتزلزل العقد كما إذا اشترى فضولاً ، فإنّه لا يستحقّ التسليم في الأوّل إلاّ بعد مجيء المدّة ، وفي الثاني إلاّ بعد إجازة المالك ، فلا تعتبر القدرة على التسليم قبلهما .
بقي الكلام في هذا المقام في سائر الاُمور التي اعتبرها في المتن في العين المستأجرة ، فنقول : أمّا اشتراط كونها مملوكة أو مستأجرة فهو يبتني على مسألة الفضولي المتقدّمة في البيع ، فإن قلنا ببطلانها من رأس فلا تصحّ إجارة مال الغير رأساً ، وإن قلنا بالصحّة والتوقّف على الإجازة فتصحّ معها ، وأمّا سائر الشرائط