جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 256)

الرابع : أن يقال : إنّه ليس للأجير أن يمتنع من الشروع في العمل والاشتغال به حتّى يقبض الأُجرة ، بل لابدّ له الاشتغال . غاية الأمر أنّ الجزء الأخير الذي به يتحقّق الفراغ له أن يمتنع من الإتيان به حتّى يقبض الأُجرة قضيةً لحقّ المعاوضة ، فكما أنّ المستأجر له حقّ الحبس بالنسبة إلى تمام الأُجرة كذلك الأجير له حقّ الحبس بعدم إتيان الجزء الأخير .
ويمكن أن يقال في المقام: بأنّه هل يكون في الإجارة على الأعمال عين مستأجرة ، مضافاً إلى الأجير والمستأجر كما في إجارة الأعيان . غاية الأمر أنّ العين هناك تغاير المؤجر ولها وجود مستقل ، سواء كان جماداً أو نباتاً أو حيواناً غير ناطق أو ناطقاً إذا كان عبداً ، وهنا تكون العين نفس الأجير غير مغايرة معه ، أو أنّه لا حاجة في الإجارة على الأعمال إلى أزيد من تحقّق عنواني الأجير والمستأجر ولا حاجة إلى ثبوت العين المستأجرة ؟
فعلى الأوّل لا يرى فرق بين الإجارتين أصلاً ولا وجه للتفصيل بينهما بتوقّف استحقاق المطالبة على تماميّة العمل في إجارة الأعمال ، وعدم التوقّف على انقضاء مدّة الإجارة واستيفاء المنفعة في إجارة الأعيان ، فأيّ فرق من هذه الجهة بين استئجار المرأة للرضاع وبين استئجارها للإرضاع . نعم ، يرد على هذا الوجه أنّه على تقدير ثبوت العين المستأجرة لايجوز للأجير التسبيب ، بل يجب عليه أن يعمل بالمباشرة ولو لم تشترط ، مع أنّ الظاهر أنّهم لا يقولون بذلك ، وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى  .
وعلى الثاني الذي مرجعه إلى ثبوت الأُجرة في مقابل ما في ذمّة الأجير من العمل لايتحقّق التسليم إلاّ بتحقّق العمل، ولا يستحقّ مطالبة الأُجرة إلاّ بعد تسليم العمل كما هو ظاهر .

(الصفحة 257)

هذا ، والظاهر هو الاحتمال الثاني الذي ذهب إليه المشهور ; لأنّه ـ مضافاً إلى كونه مطابقاً لفتوى المشهور ، بل المجمع عليه ـ كما ادّعي على ما مرّ ـ وإلى استبعاد وجود العين المستأجرة في إجارة الأبدان كما في إجارة الأعيان ـ يدلّ عليه أنّ مجرّد تسليم الأجير نفسه للعمل من دون أن يتحقّق منه شيء لا يوجب حدوث أمر جديد بعد الإجارة بالإضافة إلى المستأجر ، بخلاف تسليم العين في إجارة الأعيان ، فلابدّ من الشروع في العمل ، بل من إتمامه ليتحقّق ماهو الغرض من الإجارة ، كما لا يخفى .
وأمّا التفصيل في الإجارة على الأعمال بالنحو الذي اُشير إليه في المتن فمنشؤه ما حكي عن المبسوط ، حيث قال ـ في أثناء كلام له في مسألة التلف ـ : «إن كان العمل في ملك الصانع لا يستحقّ الأُجرة حتّى يسلّم ، وإن كان في ملك المستأجر استحق الأُجرة بنفس العمل»(1) .
والظاهر من هذه العبارة أنّه إن كان العمل ممّاله أثر في مال المستأجر كالخياطة التي لها أثر في ثوبه يستحقّ الأجير الأُجرة بنفس العمل ، ولا يتوقّف استحقاقه على تسليم الأثر المتوقف على تسليم ما فيه الأثر وهو الثوب ، وأمّا إن لم يكن العمل له أثر في مال المستأجر ، بل كان في مال العامل وملكه فاستحقاق مطالبة الأُجرة موقوف على تسليمه . والظاهر إجمال هذه الصورة ; لأنّ العمل الذي لم يكن له أثر في مال المستأجر تارةً يكون مثل الصلاة والحجّ والزيارة ونظائرها واُخرى مثل الحمل بنفسه أو بدابّته إلى مكان كذا ، ففي الأوّل لا يكاد يتحقّق الانفكاك بين الفراغ عن العمل وتماميّته وبين التسليم ، وعليه فإن كان المراد بقوله : حتّى يسلّم ،
  • (1) اُنظر المبسوط : 3 / 242 ـ 243 ، والحاكي هو صاحب مفتاح الكرامة : 7 / 117 .

(الصفحة 258)

هو الفراغ من العمل وإتمامه فلم يبق فرق بين الصورتين . وإن كان المراد به توقّف الاستحقاق على التسليم المتوقف على شيء آخر بعد الفراغ عن العمل فمن الواضح أنّه ليس هنا شيء يتوقّف الاستحقاق عليه ويتحقّق به التسليم .
وفي الثاني الذي هو عبارة عن مثل حمل المتاع إن كان الاستئجار لمجرّد الحمل إلى ذلك المكان لا يتوقّف استحقاق الأُجرة على التسليم ، ولا فرق بينه وبين الفرض الثاني كما لايخفى .
ويظهر من الجواهر ـ حيث فسرّ عبارة الشرائع ، حيث قال : «ويستحقّ الأجير الأُجرة بنفس العمل ، سواء كان في ملكه أو ملك المستأجر ، ومنهم من فرّق ، ولايتوقّف تسليم أحدهما على الآخر»(1) بأنّ المراد من قوله : «في ملكه» هو كالثوب يخيطه في بيته(2)ـ أنّ ملك الصانع وكذا ملك المستأجر ظرف مكان للعمل المستأجر عليه ، لا أنّه مورده ومتعلّقه ، وعليه فيصير مراد الشيخ (قدس سره) أنّ خياطة الثوب مثلاً إن وقعت في ملك الصانع كبيته أو دكانه يتوقّف استحقاق مطالبة الأُجرة على تسليم الثوب ، وإن وقعت في ملك المستأجر كداره مثلاً لا يتوقّف الاستحقاق على ذلك ، بل يستحقّها بنفس العمل ، ولعلّ الوجه فيه عدم الافتقار إلى التسليم في الفرض الثاني بعد عدم خروج الثوب عن تحت استيلائه وكونه بعد في سلطانه ، فكأنّ التسليم حاصل ، وهذا بخلاف الفرض الأوّل ، فإنّ الثوب في حال الخياطة وكذا بعدها قبل التسليم يكون تحت استيلاء الأجير .
ويظهر من جامع المقاصد في شرح عبارة القواعد وجوب التسليم مطلقاً ، حيث
  • (1) شرائع الإسلام : 2 / 181 .(2) جواهر الكلام : 27 / 237 .

(الصفحة 259)

فسّر قول العلاّمة فيها بعد الحكم بعدم وجوب تسليم الأُجرة إلاّ بعد العمل : «وهل يشترط تسليمه الأقرب ذلك»(1) بأنّه هل يشترط تسليم ذلك العمل إلى المستأجر في وجوب تسليم الأُجرة الأقرب ذلك ، واستدلّ عليه بأنّه معاوضة فيجب التقابض ، وفرّع عليه أنّه يجوز للعامل الحبس(2) ، وقد اعترض عليه مفتاح الكرامة بعدم كونه متّجهاً ، لا باعتبار الدليل ولا التفريع ولا بالنسبة إلى غير الأقرب وقد بيّن وجه كلّ واحد من الاُمور الثلاثة، فراجع(3) .
وبالجملة : فظاهر جامع المقاصد وجوب التسليم مطلقاً ، ولذا اعترض على كلام الشيخ في المبسوط بأنّه ليس بشيء ; لأنّه لا يتحقّق التسليم إلاّ أن يصير في يد المستأجر .
وممّا ذكرنا ظهر أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة : القول بالاستحقاق بمجرّد الفراغ عن العمل مطلقاً ـ كما اختاره الشرائع وجمع آخر(4) ـ والقول بلزوم التسليم مطلقاً كما اختاره جامع المقاصد وفسّر به عبارة القواعد ، والتفصيل بين ما إذا كان في ملكه وما إذا كان في ملك المستأجر ، كما تدلّ عليه عبارة المبسوط .
والتحقيق في المقام يقتضي ملاحظة ماهو محلّ البحث والكلام ليتّضح الصحيح عن سقيم المرام ، فنقول وعلى الله الاتكال وبه الاعتصام : قد وقع الخلط والاشتباه في كلمات جماعة من الأعلام ، والذي ينبغي أن يقال : إنّ البحث في هذه المسألة إنّما هو بعد الفراغ عن عدّة مسائل مذكورة فيما سبق ، وهي أنّ عقد الإجارة يؤثّر في
  • (1) قواعد الأحكام : 2 / 285 .(2) جامع المقاصد : 7 / 112 .(3) مفتاح الكرامة : 7 / 117 ـ 118 .(4) كالعلاّمة في إرشاد الأذهان : 1 / 424 ، والمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 47 .

(الصفحة 260)

حصول الملكيّة للطرفين ملكيّة مستقرّة ، خلافاً لصاحب العروة على ما مرّ(1) .
غاية الأمر أنّ استحقاق المطالبة إنّما يتوقّف على التسليم ، وقد عرفت أنّ التسليم في إجارة الأعيان إنّما يتحقّق بتسليم نفس العين(2) ، وأنّ به يستحقّ المؤجر مطالبة الاُجرة ، وأمّا في الأبدان فالمشهور أنّ التسليم فيها يتحقّق بتماميّة العمل ، وأنّه لا يثبت استحقاق المطالبة للاُجرة قبل إكمال العمل ، وعليه فما يمكن أن يقع محلاًّ للبحث هنا هو أنّ استحقاق مطالبة الأُجرة هل يتوقّف على شيء آخر زائد على إتيان العمل ، الذي هو مورد الإجارة ، كتسليم مورد العمل ومتعلّقه إلى المستأجر ، أو لا يتوقّف إلاّ على نفس الوفاء بعقد الإجارة ، الذي يتحقّق بإتيان متعلّقه الذي هي الخياطة في المثال المفروض ؟
وعليه فما أصرَّ عليه في الجواهر ـ من إثبات أنّ متعلّق الإجارة في المثال هي نفس فعل الخياطة ، وأنّه ليس في يد الأجير إلاّ الثوب الذي هو للمستأجر مع صفته ، ولا شيء منهما مورد عقد الإجارة حتّى يجري عليه حكم المعاوضة ، إذ موردها إنّما هو العمل الذي تولّد منه الصفة المزبورة وتسليمه إيقاعه ; لأنّ تسليم كلّ شيء بحسب حاله ـ كأنّه في غير المحلّ ; إذ لم يدع أحد أنّ متعلّق الإجارة أمر زائد على فعل الخياطة ، بل مرجع ادّعائه إلى توقّف الاستحقاق على شيء زائد على متعلّق الإجارة ، وهو تسليم الثوب مثلاً .
وهذا وإن لم يساعده دليل إلاّ أنّ القائل به يمكن أن يستند إلى أنّ بناء العقلاء في مثل هذا النحو من الإجارة على عدم ثبوت الاستحقاق قبل تسليم الثوب المخيط إلى المستأجر مطلقاً ، أو في خصوص ما إذا خاطه في بيته على
  • (1) في ص241 .(2) في ص252.