جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 406)

الوفاء بالشرط على ما يقتضيه قوله (صلى الله عليه وآله) : «المؤمنون عند شروطهم»(1) ، ولم يدلّ دليل على حرمة التصرّف المعاملي الذي هو مناقض للوفاء ، إلاّ أن يقال باقتضاء الأمر بالشيء المنهيّ عن ضدّه ، وقد حقّق في محلّه عدم الاقتضاء بوجه . غاية الأمر أنّ العقل بعدما يرى أنّ التصرّف المعاملي مناف للوفاء بالشرط يحكم بلزوم تركه لأجل تحقّق الواجب الشرعي ، لكنّه ليس إلاّ مجرّد لزوم عقليّ غير مناف لملك التصرّف .
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ الملازمة بين وجوب الوفاء بالشرط وبين كون المستأجر مسلوب القدرة شرعاً ممنوعة ، من دون فرق بين أن يكون المراد بعدم القدرة عدم الجواز تكليفاً أو عدم النفوذ وضعاً ، فتدبّر جيّداً .
ثالثها : ما حكي عن الشيخ الأعظم العلاّمة الأنصاري (قدس سره) في شرط عدم الفسخ في خيار المجلس من الاستدلال لعدم تأثير الفسخ المشروط عدمه بعموم «المؤمنون» ، نظراً إلى أنّ مقتضاه وجوب الوفاء بالشرط حتّى بعد قوله : فسخت ، ولازمه في المقام التمسّك بإطلاق وجوب الوفاء بالشرط حتّى بعد إنشاء الإجارة الثانية ، حيث إنّه يكشف عن عدم نفوذ الإجارة ، وإلاّ لم يكن محلّ للوفاء بالشرط(2) .
وأجاب عنه المحقّق الإصفهاني (رحمه الله) بما حقّق في محلّه من لزوم انحفاظ المطلق في مراتب إطلاقه ، وبعد إنشاء الإجارة الثانية ـ حيث يحتمل تأثيره ـ يشكّ في بقاء المحلّ للوفاء ، فيكون من التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية ، مضافاً إلى أنّ متعلّق الشرط إن كان ترك إنشاء
  • (1) التهذيب : 7 / 371 ح1503 ، الاستبصار : 3 / 232 ح835 ، عوالي اللآلي : 3 / 217 ح77 ، وسائل الشيعة : 21 / 276 ، كتاب النكاح، أبواب المهور ب20 ح4 ، مستدرك الوسائل : 13 / 301 ، كتاب التجارة، أبواب الخيار ب5 ح7 .(2) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 5 / 56 ـ 57 .

(الصفحة 407)

الإجارة فقط ، فبمجرّد إنشائه يسقط الشرط عن اقتضاء الوفاء لعدم المحلّ له قهراً ، فكيف يعقل إطلاقه لما بعد المخالفة القهرية ، وإن كان ترك الإنشاء الناقل فمقتضى لزوم تعلّق الالتزام بالمقدور إمكان تحقّق الإجارة الحقيقية منه ، فكيف يعقل إطلاق الوجوب لما بعد الإنشاء الناقل ، الذي لا يبقى معه محلّ للوفاء ، فتدبّره فإنّه حقيق به(1) .
أقول : ما أفاده من لزوم انحفاظ المطلق في مراتب إطلاقه وإن كان مسلّماً إلاّ أنّه لا يلزم أن يكون الانحفاظ محرزاً بالوجدان ، بل يكفي الاستناد فيه إلى أصل يقتضي ذلك ، وفي المقام يمكن التمسّك في بقاء الانحفاظ إلى أصالة بقاء المحلّ للوفاء ، فإنّه مع الشكّ في تأثير الإجارة الثانية يكون بقاء المحلّ للوفاء مشكوكاً ، فما المانع حينئذ من إجراء الاستصحاب والحكم ببقاء الوجوب لأجل بقاء المحلّ ، وليس من التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية بوجه ، كما هو ظاهر .
وأمّا ما أفاده ثانياً من أنّ متعلّق الشرط إن كان الخ ، فيمكن الإيراد عليه بأنّ عدم بقاء المحلّ للوفاء على كلا التقديرين ممنوع ; لأنّه فيما إذا كان متعلّق الشرط مجرّد ترك الإنشاء حقّ لا ريب فيه ، وأمّا إذا كان متعلّقه ترك الإنشاء الناقل فاللاّزم التفصيل بين ما إذا كان المتعلّق عدم حدوث الإنشاء الناقل ، وبين ما إذا كان عدم تحقّق الإنشاء الناقل ولو بقاءً ، بحيث كان الغرض متعلّقاً بإبطال الإجارة على تقدير تحقّقها مع الإمكان ، وعدم كون الغير مالكاً للمنفعة ولو بقاءً ، ففي الأوّل الأمر كما أفاده (قدس سره) ، وأمّا في الثاني فالمحلّ للوفاء على تقدير صحّة الإجارة أيضاً باق ، فيجب عليه بمقتضى دليل وجوب الوفاء بالشرط أن يحصّل مقدّمات الفسخ ولو
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 114 .

(الصفحة 408)

بصرف مؤونة ، كما لا يخفى .
نعم ، لا يضرّ ذلك بما هو المهمّ للمجيب من عدم اقتضاء الدليل لإثبات فساد الإجارة ، بل مقتضى لزوم تعلّق الشرط والالتزام بالمقدور إمكان تحقّق الإجارة الصحيحة من المشروط عليه ، فلا معنى لكشف حكمه عن فسادها ، فتدبّر جيّداً .
رابعها : ما ربما يقال من أنّ الإجارة الثانية تصرّف مناف للحقّ الثابت للمؤجر على المستأجر من أجل الاشتراط والتصرّف المنافي للحقّ باطل ، وقد حقّق هذا الوجه المحقّق الإصفهاني (رحمه الله) بكلام طويل يشتمل على فوائد مهمّة ، ولكن ملخّص ما يرتبط منه بخصوص المقام أنّ البحث في هذا الدليل يتوقّف على بيان أمرين هما صغرى الدليل وكبراه . أمّا الصغرى فطريق استكشاف الحقّ إمّا اقتضاء نفس الاشتراط وإمّا اقتضاء دليل الشرط ، وإمّا اقتضاء آثار الشرط .
أمّا اقتضاء نفس الشرط ، فبأن يقال : إنّ الالتزام الشرطي بالخياطة لا فرق بينه وبين الالتزام الإجاري بها ، فكما أنّ الثاني يؤثّر في الاختصاص الملكي فكذا الأوّل ، ويندفع بالفرق ; لأنّ حقيقة الإجارة تمليك العمل بعوض ، وهنا لا يكون المشروط حصول الملكيّة ; لأنّ الكلام في شرط العمل ، واللاّم لام الصلة للالتزام لا لام الاختصاص .
وأمّا اقتضاء دليل الشرط فواضح خلافه ; وأنّه لا يقتضي حدوث حقّ اعتباري بالشرط .
وأمّا اقتضاء آثار الشرط فالمسلّم في المقام من آثار الحقّ التي هي جواز النقل والانتقال بالإرث وجواز الاسقاط ترتّب الأخير على الشرط ، وكفى به دليلاً وشاهداً على كونه حقّاً ، فقد تبيّن من ذلك صحّة الصغرى .
وأمّا الكبرى ، فقد ذكر فيها أنّ الحقّ كليّة تارةً يتعلّق بالعين كحقّ
(الصفحة 409)

الشفعة ونحوه ، واُخرى يتعلّق بفعل أو ترك كما في المقام ، ثمّ ذكر أنّ الأوّل على قسمين : أحدهما : ما يسري مع العين بسريانها في أنحاء التقلّبات كحقّ الشفعة ، والثاني : ما لا يسري بذلك كحقّ الرهانة . وذكر أنّ الثاني أيضاً على قسمين : أحدهما : ما يكون نسبة التصرّف المعاملي إلى مورد الحقّ نسبة الشيء إلى نقيضه كما في المقام . وثانيهما : ما يكون نسبته إليه نسبة الضدّ إلى ضدّه ، كالبيع بالنسبة إلى العتق المشروط على المشتري .
ثمّ أفاد في القسم الأوّل من هذين القسمين الذي هو المقام وشبهه ما ملخّصه : أنّ الحقّ فيه لا يعقل أن يكون مانعاً عن نفوذ التصرّف المعاملي ; لأنّ متعلّق الشرط إن كان ترك إنشاء الإجارة فقط فلامحالة تتحقّق المخالفة للشرط بمجرّد الإنشاء فيسقط الحقّ ، فلا مانع من تأثير الإنشاء . وإن كان ترك الإنشاء الناقل فمن المسلّم في محلّه أنّ القدرة على متعلّق الشرط شرط في صحّته، فلابدّ من أن يكون ترك الإجارة بالحمل الشائع مقدوراً عليه، وإذا كان الترك كذلك كان الفعل مقدوراً عليه لاستواء نسبة القدرة إليهما ، بل حقّقنا في محلّه أنّ الفعل مقدور عليه بالأصالة والترك بالتبع ، وعليه فيستحيل أن يكون استحقاق الترك مانعاً عن نفوذ الإجارة ، وإلاّ لزم من وجوده عدمه وهو محال فافهم واستقم(1)، انتهى ملخّص ما يرتبط من كلامه بخصوص المقام.
أقول : لقد أجاد فيما أفاد ، ولا وجه لما قد أورد عليه من أنّ مرجع اشتراط عدم الإجارة من الغير إلى حدوث ملك المنفعة خالياً عن وصف الإطلاق بل مقيّداً ، فلا معنى لحدوث حقّ للمؤجر على المستأجر مع كون
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 115 ـ 117 .

(الصفحة 410)

ملكيّة المنفعة مطلقة .
وبعبارة اُخرى ، إن كان الاشتراط راجعاً إلى أمر زائد على ما هو مقتضى الإجارة عند الإطلاق وهي الملكيّة المطلقة ـ غاية الأمر كون ذلك الأمر مانعاً عن جواز ترتيب آثار الملكيّة المطلقة ـ لكان ادّعاء تأثيره في ثبوت الحقّ حقّاً لا محيص عنه . وإن كان الاشتراط موجباً للقصور في المقتضي ومانعاً عن تأثيره في حدوث الملكيّة المطلقة لما كان وجه لدعوى ثبوت الحقّ ، ثمّ النزاع في أنّ التصرّف المنافي له باطل أم لا ، ضرورة أنّ المملوك للمستأجر حينئذ هي المنفعة المقيّدة التي لا يعقل نقلها إلى الغير ، والظاهر هو هذا الوجه الثاني .
هذا ، وفساد هذا الإيراد واضح لا يحتاج إلى البيان ; لأنّه ناشئ من عدم الفرق بين الاشتراط والتقييد ، ضرورة أنّ الاشتراط لا يكاد يؤثّر في قصور المقتضي ; لأنّه إلتزام في ضمن إلتزام آخر ، من دون أن يكون موجباً بتضييق دائرة ذلك الالتزام أو توسيعها ، كما أنّ الاعتبار العرفي العقلائي أيضاً يساعد على ذلك ، فإنّه أيّ فرق في حصول الملكيّة المطلقة للمستأجر بين صورتي الشرط وعدمه ، وهذا بخلاف ما إذا كان هنا تقييد مثل ما إذا ملّكه ركوب الدابّة بنفسه ، فإنّه في هذه الصورة لا معنى لدعوى ثبوت الحقّ أصلاً ، كما أنّه لا إشكال في بطلان الإجارة الثانية . نعم ، في صحّة أصل هذا التقييد كلام عرفته فيما سبق(1) .
هذا ، ويمكن أن يقال بالفرق بين ما إذا كان الشرط أمراً وجوديّاً تعلّق الغرض بتحقّقه في الخارج ، وبين ما إذا كان أمراً عدميّاً يكون المقصود المنع عن إيجاده بسبب الاشتراط ، ففي الأوّل لا مناص عن الالتزام بتحقّق
  • (1) في ص399 وما بعدها.