جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 470)

المقدّم في الوفاء ، وإلاّ كان مخيّراً عقلاً في صرف القدرة في امتثال ما شاء من الأمرين ، وربما يتخيّل أنّ سبق الخطاب في الإجارة الاُولى يجلب القدرة إلى نفسه ، ويكون معجزاً عن الوفاء بالثانية إلاّ أنّه ليس على إطلاقه ، بل فيما إذا كان سبق لأحد الواجبين على الآخر كالقيام في الركعة الاُولى بالنسبة إليه في الثانية ، فإنّ صرف القدرة في الأوّل لا مزاحم له في عرضه بخلاف المقام ، فإنّ المفروض وحدة زمان العمل ، واقتضاء كلّ من الأمرين لإيجاد العمل في أوّل الأزمنة، ومجرّد سبق الخطاب لا أثر له ، بل لو فرض فعلية أحد الخطابين لفعليّة موضوعه وعدم المزاحم له حال فعليّة الخطاب فصار موضوع الآخر فعلياً قبل امتثال الأوّل لكان الأمر كذلك ، فإنّ فعليّة الخطاب مشروطة بالقدرة حدوثاً وبقاءً معاً ، كما إذا غرق إنسان فأمر بإنقاذه وقبل الإنقاذ غرق شخص آخر ، فإنّه لا شبهة في سقوط الأمر عن التعينيّة الفعلية مع عدم الأهمّية(1) .
ويمكن الإيراد عليه بأنّ الصحّة وإن لم تكن مسبّبة عن الأمر بالوفاء ، بل هو غير معقول ; لأنّ الأمر بالوفاء إنّما هو فيما إذا كان العقد متّصفاً بالصحّة ، فكيف تكون مسبّبة عنه ، إلاّ أنّ دعوى أنّه لا أثر لعدم شمول الأمر بالوفاء بالعقد للإجارة الثانية لا تجدي بعد كون الغرض إثبات اللزوم أيضاً زائداً على الصحّة لا مجرّدها ، وإن لم تكن لازمة .
ويمكن الجواب عن أصل الوجه بأنّ الأمر بالوفاء بعقد الإجارة الثانية في مفروض المقام ـ وهو ما إذا كانت الإجارة الثانية إجارة خاصّة يكون جميع المنافع في المدّة المعينة أو بعضها المماثل للعمل المستأجر عليه في الإجارة الاُولى
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 153 ـ 154 .

(الصفحة 471)

للمستأجرـ لا ينافي بمجرّده للأمر بالوفاء بالإجارة الاُولى ، فإنّ الوفاء بالثانية لا يستلزم ايجاد العمل للمستأجر بل مقتضاه تهيّؤه ; لرجوعه إليه بما يريد من المنافع أو بالمنفعة المعيّنة المذكورة في العقد ، ومن الواضح أنّ مجرّد التهيّؤ لا ينافي الوفاء بعقد الإجارة الاُولى .
نعم ، قد تتحقّق المنافاة كما إذا أراد منه المستأجر منفعة من الخياطة والكتابة ونحوهما ، وحينئذ يجب على الأجير امتثاله وإطاعته ، فتتحقّق المنافاة بين الوجوبين لعدم القدرة على امتثالهما معاً ، فلابدّ حينئذ في الحكم بالتعيين من التماس مرجّح ، وقد ذكر المرجّح للإجارة الاُولى في كلام المحقّق المتقدّم مع جوابه ، وسيأتي التحقيق فيه وللإجارة الثانية في مفروض المقام في كلام المحقّق الرشتي (قدس سره)(1) بما يرجع إلى أنّ الأجير فوّت العمل على المستأجر الأوّل بالإجارة الثانية ، حيث ملّك جميع منافعه أو المنفعة الخاصّة المماثلة للثاني ، فهو كما لو باع المديون ما يملكه من غير الدائن ، فإنّ حقّ المشتري حينئذ مقدّم على حقّ الدائن المتعلّق بالعين ، فلو عمل للأوّل والحال هذه كان فضولياً محتاجاً إلى إجازة الثاني .
نعم ، للأوّل الرجوع إلى الأجير بالمسمّى أو اُجرة المثل ، كما في سائر صور التفويت والإتلاف انتهى . ومن المعلوم أنّ حرمة التفويت على تقديرها لاتنافي صحّة المعاملة الواقعة ، كما هو ظاهر .
والتحقيق في المقام أنّه لا منافاة بين الوجوبين وإن لم يكن سوى قدرة واحدة في البين ، وذلك لما حقّقناه في الاُصول في مبحث الترتّب تبعاً لسيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن ـ دام ظلّه ـ من الفرق بين الخطابات الكليّة العامّة ، وبين الخطابات
  • (1) كتاب الإجارة للمحقّق الرشتي : 222 .

(الصفحة 472)

الشخصية المتوجهة إلى آحاد المكلّفين ، وأنّه لا يعتبر في إمكان توجّه الاُولى إلى الآحاد ملاحظة أحوال كلّ من المخاطبين من حيث القدرة والعجز ونحوهما من الحالات المختلفة . غاية الأمر أنّ غير القادر معذور في مخالفة التكليف لا أنّه غير مكلّف أصلاً ، والدليل على عدم كون التكليف مشروطاً بالقدرة ، بل كون عدمها عذراً حكمهم بوجوب الاحتياط في صورة الشكّ في القدرة ، مع أنّها لو كانت شرطاً لكان مقتضى القاعدة جريان أصالة البراءة للشكّ في شرط التكليف .
وبالجملة : الخطابات العامّة متوجّهة إلى جميع المكلّفين من دون فرق بين القادرين والعاجزين . غاية الأمر كون الطائفة الثانية معذورين في المخالفة لأجل حكم العقل بذلك ، وحينئذ نقول : إنّ الأمر بالوفاء بعقد الإجارة الاُولى وكذا الأمر بالوفاء بالثانية كلاهما ثابتان فعليان ، وإن لم يكن المكلّف قادراً على امتثالهما ; لأنّ العجز لا ينافي الفعلية كما مرّ ، فما زعمه المحقّق الإصفهاني (قدس سره) في كلامه المتقدّم من أنّ عدم القدرة على الوفاء بالعقدين يمنع عن فعلية الأمر بهما تعييناً ، لا يتم بناءً على ما ذكرنا من أنّ القدرة الواحدة لا تنافي فعلية الخطابين إذا كانا بنحو الكليّة والعموم .
إلاّ أن يقال في مثل المقام بعدم كون المكلّف معذوراً في المخالفة ; لأنّه مع العلم بعدم القدرة على امتثال أزيد من تكليف واحد أوجد سبب التكليف الثاني ; وهو العقد الموجب لثبوت التكليف بالوفاء به ، فعدم القدرة مستند إلى سوء اختياره ، ضرورة أنّه لو لم يقدم على المعاملة الثانية اختياراً لما كانت مخالفة التكليف متحقّقة بوجه ، فهو مع العلم بذلك أوجد السبب للتكليف الثاني بسوء اختياره ، فهو كما لو كان قادراً على أمتثال التكليفين ابتداءً ، ففعل ما أوجب سلب القدرة على امتثال واحد غير معيّن منهما ، فإنّه لا يكون في هذه الصورة معذوراً في المخالفة ، اللّهمَّ إلاّ أن يقال بالفرق بين الصورتين فتدبّر . هذا ما يقتضيه التحقيق بالنسبة إلى الحكم
(الصفحة 473)

التكليفي وهو وجوب الوفاء بالعقدين .
وأمّا بالنسبة إلى الحكم الوضعي فالظاهر أنّه لا مانع من الحكم بصحّتهما معاً ، سواء قلنا : بأنّ الصحّة مسبّبة عن الأمر بالوفاء كما عرفت أنّه غير معقول(1) ، أم لم نقل بذلك ، أمّا الحكم بصحّة الإجارة الثانية فلأنّه لا موجب لبطلانها إلاّ الوجه الذي عرفت بطلانه ، وأمّا صحّة الإجارة الاُولى فلأنّه وإن ملّك جميع منافعه أو بعضها المماثل للمستأجر الثاني إلاّ أنّه لا يوجب خللاً في الإجارة الاُولى بعد كون متعلّقها العمل الثابت في ذمّة الأجير ، وكون المملوك في الإجارة الثانية المنافع أو البعض لا نفس العمل ، كما عرفت .
ودعوى أنّ الإجارة الثانية تسلب القدرة عن الوفاء بالإجارة الاُولى ، مدفوعة بإمكان الوفاء بها معها أيضاً ، كيف ويمكن الاستئذان من المستأجر الثاني لأن يعمل للأوّل ، أو المعاوضة معه بالنسبة إليه، أو الإقالة معه بالإضافة إلى عقده ، ومع عدم إمكان شيء من هذه الاُمور لا وجه أيضاً للحكم بالبطلان . غاية الأمر أنّ الأجير فوّت العمل على المستأجر الأوّل والتفويت لا يلازم البطلان ، بل غاية الأمر جواز المعاملة من طرف المستأجر لا البطلان .
ومنها : أنّ الإجارة الاُولى أحدثت حقّاً للمستأجر الأوّل على الأجير ، ومقتضاه عدم تأثير الأسباب في تعلّق حق آخر يوجب بطلان الأوّل ، كما لو نذر أن يتصدّق بعين من أعيان ماله ، فإنّه يمنع عن تأثير سائر الأسباب فيه كالبيع ونحوه .
والجواب ما أفاده المحقّق الرشتي (قدس سره) من أنّه لا امتناع في اجتماع الحقوق
  • (1) في ص470.

(الصفحة 474)

لأشخاص في ذمّة شخص واحد ، بل هو سائغ ، سواء وقع في الأداء بينهما مزاحمة أم لا ، وإنّما الممتنع اجتماعهما في عين مشخّص كما في مثال النذر المذكور ، بل قد يجتمع في العين الخارجي أيضاً إذا كان تعلّقها عليه، لا من حيث عنوان مشترك قابل للصدق عليها وعلى غيرها كحال المفلس ، فإنّه متعلّق لحقّ الديّان ، لكن له اشتغال ذمّته أيضاً قبل الحجر ، وما ذاك إلاّ لأنّ ماله إنّما تعلّق به حقوقهم من حيث عنوان المالية القابلة للصدق عليه وعلى غيره ، وله أيضاً البيع ، ولا ينافيه تعلّق حقوقهم به(1) انتهى . مضافاً إلى أنّ الحكم بالصحّة في مثال النذر ، ممّا وقع التصريح به من جماعة(2) ، وليس بمسلّم عند الجميع كما يظهر بالمراجعة .
وقد أجاب عن هذا الوجه المحقّق الإصفهاني (قدس سره) بما حاصله : أنّه حيث لا تضادّ بين العملين لأنّه لا توقيت في البين فلا منافاة بين التمليكين ، وليس هنا حقّ آخر في البين(3) .
ويمكن الإيراد عليه بالنسبة إلى مفروض المقام بأنّ الكلام فيما كانت هناك منافاة لا لأجل التوقيت ، بل لأجل تضيّق وقت الإجارة الاُولى وكون الثانية إجارة خاصّة ، فالتنافي متحقّق فلا محيص عن الجواب بالنحو الأوّل .
ومنها : أنّ العمل لغير المستأجر الأوّل خصوصاً مع المطالبة حرام ، فتكون الإجارة الثانية باطلة ; لأنّ شرط صحّة الإجارة أن تكون المنفعة محلّلة .
وأجاب عنه المحقّق الرشتي (قدس سره) بما حاصله : أنّ هذا الوجه من ثمرات مسألة
  • (1) كتاب الإجارة للمحقّق الرشتي : 223 .(2) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 4 / 30 ـ 31 ، مقابس الأنوار : 190 ، مناهج المتّقين : 218 .(3) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 154 .