جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 507)

للفاعل حتّى يصحّ نقله إلى الغير ; لأنّه يصير حينئذ مستحقّاً لله ـ تعالى ـ والمملوك المستحقّ لا يستحقّ ثانياً ، ألا ترى أنّه إذا آجر نفسه لدفن الميّت لشخص لم يجز له أن يؤجر نفسه ثانياً من شخص آخر لذلك العمل ، وليس ذلك إلاّ لأنّ الفعل صار مملوكاً للأوّل ومستحقّاً له ، فلا معنى لتمليكه ثانياً .
أقول : هذا الوجه هو أقوى الوجوه التي استدلّ بها في جامع المقاصد وكشف الغطاء ، ولو تمّ لكان مقتضاه القول بعدم الجواز مطلقاً . نعم ، ظاهره الاختصاص بالواجب العيني ، ويمكن تقريره في الواجب الكفائي بأن يقال : إنّ العمل قبل صدوره من العامل وإن لم يكن مملوكاً له ـ تعالى ـ لأنّ المفروض عدم تعيّنه عليه إلاّ أنّه بعد الصدور يتّصف بكونه مملوكاً له ـ تعالى ـ بمعنى أنّه صدر ما يكون بعد الصدور غير مملوكاً إلاّ لله ، فلا يمكن أن تتعلّق به الإجارة المقتضية لكون العمل صادراً مملوكاً للمستأجر ، كما لايخفى .
ولكن أصل الوجه لا يخلو عن خدشة بل منع ، فإنّ الوجوب الذي هو بمعنى مجرّد بعث الغير إلى إتيان العمل لا يوجب أن يكون ذلك العمل مملوكاً للباعث ومستحقّاً له بحيث ينافي مملوكية الغير ; لأنّ مطلوبية الصدور وتحريك المأمور إلى الإصدار أمر ، ومملوكية الفعل الصادر واستحقاقه أمر آخر لا يرتبط أحدهما بالآخر ، ولو كان الوجوب مساوقاً للملكية لما صحّ أمر أحد الأبوين إلى شيء بعد أمر الآخر به ; لأنّه إذا قال الأب : أكرم زيداً مثلاً ، فمقتضى وجوب إطاعته الثابت بالشرع وكونه مساوقاً للملكية على ما هو المفروض هي صيرورة العمل ـ وهو إكرام زيد ـ مملوكاً للأب ومستحقّاً له ، وحينئذ فكيف يمكن أن يؤثّر أمر الاُمّ في الوجوب المساوق لها بعد عدم إمكان أن يصير المملوك المستحقّ مملوكاً ثانياً ، فاللاّزم هو القول بلغوية أمرها مع أنّ من الواضح خلافه ، وليس ذلك إلاّ لعدم
(الصفحة 508)

كون الوجوب موجباً لمملوكية الواجب للموجب ، كيف وقد حقّقنا في علم الاُصول أنّ متعلّق الأحكام إنّما هي نفس الطبائع والعناوين لا الأفراد والوجودات ; لأنّها قبل التحقّق ليست بفرد وبعده يحصل الغرض المطلوب منها فيسقط الأمر ، والطبيعة لا معنى لكونها مملوكة أصلاً .
ومنها : ما ذكره كاشف الغطاء وتبعه المحقّق النائيني (قدس سره) على ما في التقريرات(1) ، وتقريره على ما فيها بنحو التلخيص أنّه يعتبر في الإجارة وما يلحق بها من الجعالة أن يكون العمل الذي يأخذ الأجير أو العامل بإزائه الاُجرة والجعل ملكاً له ، بأن لا يكون مسلوب الاختيار بإيجاب أو تحريم شرعي عليه ; لأنّه إذا كان واجباً عليه فلا يقدر على تركه ، وإذا كان محرّماً عليه فلا يقدر على فعله ، ويعتبر في صحّة المعاملة على العمل كون فعله وتركه تحت سلطنته واختياره ، ومن هنا لايجوز أخذ الاُجرة على الواجبات لعدم القدرة على تركها ، ولا على المحرّمات لعدم القدرة على فعلها، فلا يجوز لشاهد الزور أخذ الاُجرة على شهادته ; لخروج عمله عن تحت سلطنته بنهي الشارع ، فلا يقدر على فعله ، فأخذ الاُجرة أكل للمال بالباطل .
وأمّا الواجبات النظاميّة فيجوز أخذ الاُجرة عليها ما عدا القضاء ; لأنّ الأجير فيها مالك لعمله وقادر عليه ; لأنّ الواجب عليه هو بذل عمله بالمعنى المصدري لا نتيجة عمله التي هي معنى الاسم المصدري ، وهما وإن لم يكونا أمرين متمايزين إلاّ أنّهما شيئان اعتباراً ، فللشارع التفكيك بين وجوب المصدر وملكيّة اسم المصدر . وأمّا التكليف في باب القضاء ، فقد تعلّق بنتيجة عمل القاضي وهو فصله
  • (1) منية الطالب : 1 / 45 ـ 47 .

(الصفحة 509)

الخصومة ، فلا يجوز له أخذ الاُجرة عليه بخلاف غيره من الطبيب والخيّاط والصبّاغ .
وكيف كان ، لو وجب بذل العمل وحرم احتكاره فلا مانع من أخذ الاُجرة عليه ، ولو وجب عليه نتيجة العمل فلا يجوز أخذ الاُجرة ; لأنّ المعنى المصدري آليّ ولايقابل بالمال واسم المصدر خارج عن ملكه .
وفيه وجوه من النظر :
الأوّل : أنّ المراد بالقدرة المعتبرة في صحّة الإجارة والجعالة ونحوهما إن كان هي القدرة على فعل العمل وتركه حقيقة وتكويناً فلا شبهة في عدم منافاتها مع تعلّق التكليف الوجوبي أو التحريمي ، كيف ووجودها شرط في تعلّق كلّ واحد منهما كما هو واضح ، وإن كان المراد بها هي القدرة شرعاً بمعنى أن يكون العمل جائز الفعل والترك عند الشارع لا أن يكون واجباً أو محرماً ، فيرد عليه أنّ الاستدلال بهذا النحو مصادرة ; لأنّ مرجع ذلك إلى أنّه يعتبر في صحّة الإجارة على العمل عدم كونه واجباً ، وهذا عين المدّعى .
الثاني : أنّ بطلان الإجارة على فعل شيء من المحرّمات ليس لعدم كونه قادراً عليه شرعاً ، والقدرة بهذا المعنى معتبرة في صحّتها ، بل لأنّه لا يعقل إجتماع الأمر بالوفاء بها مع النهي عن فعل شيء منها ، فمع ثبوت الثاني كما هو المفروض لا يبقى مجال للأوّل .
وليعلم أنّ المراد بالقدرة على التسليم التي اعتبرها الفقهاء في صحّة المعاملة ليس هي القدرة المبحوث عنها في الكتب العقلية ، التي مرجعها الى صحّة الفعل والترك ، كيف وهم يحكمون بصحّة المعاملة فيما لم يتحقّق فيه هذا المعنى ، ألا ترى أنّهم يحكمون بالصحّة فيما لو كان المبيع عند المشتري الغاصب ولم يكن البائع قادراً
(الصفحة 510)

على أخذه منه بوجه حتّى يصحّ منه التسليم وعدمه ، وكذلك يحكمون بالصحّة فيما لم يكن البائع قادراً على التسليم بهذا المعنى ولكن المشتري يقدر على الوصول إليه(1) ، والسرّ أنّ هذا العنوان لم يكن مأخوذاً في شيء من النصوص حتّى يتّبع ما هو ظاهره ، بل هو شيء يحكم به العقل لإخراج المعاملات السفهية الواقعة على مثل السمك في الماء والطير في الهواء ، فمرجع اعتباره إلى لزوم اشتمال المعاملة على غرض عقلائي وهو موجود في المقام ، فلا وجه للإشكال في جواز أخذ الاُجرة على الواجب من هذه الجهة .
ثمّ إنّه لو سلّم اعتباره في صحّة المعاملة بالمعنى الراجع إلى صحّة الفعل والترك ، وسلّم أيضاً أنّ تعلّق الإيجاب أو التحريم الشرعي ينافيه ، فدعوى ثبوته في الواجبات النظامية ماعدا القضاء ، نظراً إلى أنّ الوجوب تعلّق بالمصدر والاُجرة واقعة في مقابل اسم المصدر ، ممنوعة لاعترافه (قدس سره)بأنّ التغاير بين الأمرين إنّما هو بحسب الاعتبار وإلاّ فهما في الواقع شيء واحد ، و حينئذ فيقال عليه : إنّه كيف يمكن أن يكون الشيء الواحد مقدوراً وغير مقدور معاً ، فمع فرض تعلّق الوجوب به المنافي لكونه مقدوراً كيف يعقل أن يكون مقدوراً أيضاً ، وإن شئت قلت : إنّه كيف تجتمع مقدورية اسم المصدر مع خروج نفس المصدر عن تحت الاختيار بعد تبعيّته له ، بل عينيّته معه كما هو ظاهر .
الثالث : أنّ التفصيل بين القضاء وغيره من الواجبات النظامية بكون الواجب فيه هو اسم المصدر دونها ممنوع ; لأنّ الواجب في باب القضاء أيضاً هو فصل الخصومة بالمعنى المصدري وهو الحكم والقضاء لا كون الخصومة مفصولة ،
  • (1) الروضة البهية : 3 / 250 ، مسالك الأفهام : 3 / 172 ، كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 4 / 190 ـ 191 .

(الصفحة 511)

والدليل على ذلك مراجعة كتاب القضاء ، فإنّ الأحكام المذكورة فيه إنّما تكون مترتّبة على نفس القضاء .
ومنها : أنّ الظاهر من تعلّق الوجوب بشيء كون المطلوب إتيانه مجّاناً وبلا  عوض ، فأخذ الاُجرة عليه ينافي ذلك .
ويرد عليه منع ذلك ; لأنّه مجرّد ادّعاء بلا بيّنة وبرهان .
ومنها : أنّ المعهود في باب الإجارة كون العمل الذي استؤجر عليه بيد المستأجر من حيث الإسقاط والإبراء والتأجيل والتعجيل ، ولو قيل بصحّة الإجارة في المقام يلزم نفي تلك الآثار الثابتة في كلّ إجارة ، فيستكشف من ذلك بطلانها .
ويرد عليه منع انتفاء هذه الآثار في الإجارة على الواجب ، فإنّه يمكن للمستأجر الإسقاط ويسقط حقّه بذلك ، ولا ينافي ذلك ثبوت حقّ من الله تعالى. وتظهر الثمرة فيما لو لم يكن المكلّف مريداً لإطاعة أمر الله تعالى ، فإنّه يستحقّ الاُجرة مع الإسقاط .
ومنها : ما عن الشيخ الاعظم (قدس سره) في مكاسبه من أنّ عمل المسلم مال لكنّه غير محترم مع الوجوب ; لكون العامل مقهوراً عليه من دون دخل إذنه ورضاه ، فالإيجاب مسقط لاعتبار إذنه ورضاه المقوّمين لاحترام المال(1) .
وأجاب عنه المحقّق الإصفهاني (قدس سره) : بأنّ لمال المسلم حيثيّتين من الاحترام : إحداهما : حيثيّة إضافته إلى المسلم ، وهذه الحيثيّة تقتضي احترامها أن لا يتصرّف أحد فيه بغير إذنه ورضاه ، وله السلطان على ماله وليس لأحد مزاحمته في سلطانه ، وهي الثابتة بقوله (عليه السلام) : لا يجوز لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير
  • (1) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 2 / 135 .