جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 513)

ربما يقال بالمنافاة نظراً إلى أنّ أخذ الاُجرة على العبادات ينافي القربة المعتبرة فيها فلا يجوز ; لأنّه مع الأخذ لا يقدر على الإتيان بمتعلّق الإجارة ، والقدرة عليه معتبرة في صحّتها بلا إشكال .
وقد تفصّي عنه بوجهين :
الأوّل : ما حكي عن صاحب الجواهر (قدس سره) من أنّ تضاعف الوجوب بسبب الإجارة لا ينافي الإخلاص بل يؤكّده(1) .
وقد أورد عليه بأنّه إن اُريد أنّ تضاعف الوجوب يؤكّد اشتراط الإخلاص فلا ريب في أنّ الأمر الإجاري توصليّ لا يشترط في حصول ما وجب به قصد القربة ، وإن اُريد أنّه يؤكّد تحقّق الإخلاص من العامل فهو مخالف للواقع قطعاً ; لأنّ ما لا يترتّب عليه أجر دنيويّ أخلص ممّا يترتّب عليه ذلك بحكم الوجدان(2) .
هذا ، ولكنّ السيّد الطباطبائي (قدس سره) تصدّى في حاشية مكاسب الشيخ الأعظم (قدس سره)لتوجيه كلام صاحب الجواهر وبيان عدم المنافاة بين قصد القربة وأخذ الاُجرة ، وقد ذكر في تقريره وجهين : أحدهما : هي المسألة الداعي على الداعي التي سيجيء . ثانيهما : ما ملخّصه : أنّه يمكن أن يقال بصحّة العمل من جهة امتثال الأمر الإجاري المتّحد مع الأمر الصلاتي ، فإنّ حاصل قوله : فِ «بإجارتك» ، صلّ وفاءً بالإجارة. ودعوى كونه توصّلياً ، مدفوعة :
أوّلاً : بأنّ غايته أنّه لا يعتبر في سقوطه قصد القربة ، وإلاّ فإذا أتى بقصد الامتثال يكون عبادة قطعاً ، ولذا قالوا : إنّ العبادة قسمان : عبادة بالمعنى الأخصّ ، وعبادة بالمعنى الأعمّ . ودعوى أنّ المعتبر قصد الأمر الصلاتي لا الأمر الإجاري ، مدفوعة
  • (1) جواهر الكلام : 22 / 117 .(2) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 2 / 127 .

(الصفحة 514)

بالمنع . غاية الأمر أنّه يعتبر فيه كون الداعي هو الله من أيّ وجه كان .
وثانياً : لا نسلّم كونه توصّلياً مطلقاً بل هو تابع لمتعلّقه ، فإن كان توصّلياً فهو توصّلي ، وإن كان تعبّدياً فتعبّدي ; لأنّ مرجع قوله تعالى : {أَوفُوا بِالعُقُودِ} إلى قوله : صلّوا وصوموا وخيطوا وافعلوا كذا وكذا ، فالأمر الإجاري عين الأمر الصلاتي ، ألا ترى أنّه لو لم يكن له داع إلى امتثال الأمر الندبي بالنافلة ونذرها وكان داعيه امتثال الأمر النذري كان كافياً في الصحّة(1) .
والحاصل : أنّ امتثال الأمر المتعلّق بالعمل من جهة وجوب الوفاء بالإجارة كاف في الصحّة .
إن قلت : إنّ ذلك مستلزم للدور ; لأنّ الوجوب من حيث الإجارة موقوف على صحّتها ، وهي موقوفة على صحّة العمل الموقوفة على الوجوب ; لتوقّف قصد القربة المعتبرة فيه عليه .
قلت : التحقيق في الجواب أن يقال : إنّ المعتبر في متعلّق الإجارة ليس أزيد من إمكان إيجاده في الخارج في زمان الفعل ، وفي المقام كذلك . غاية الأمر أنّ تعلّق الإجارة والأمر الإجاري سبب في هذا الإمكان ، وهذا ممّا لا مانع منه . وحينئذ نقول : إنّ الوجوب من حيث الإجارة موقوف على صحّتها ، وهي موقوفة على القدرة على إيجاد العمل صحيحاً في زمان الفعل ، وهي حاصلة بالفرض وإن لم تكن حاصلة مع قطع النظر عن تعلّق الإجارة ، والحاصل أنّه لايلزم في صحّة الإجارة إلاّ إمكان العمل ولو بسببها ، وأمّا الإمكان مع قطع النظر عنها فلا دليل على اعتباره .
أقول : لا يخفى أنّ الأمر الإجاري لايعقل أن يكون متحداً مع الأمر الصلاتي ،
  • (1) حاشية السيّد اليزدي على المكاسب : 23 .

(الصفحة 515)

كيف وعنوان الوفاء بالإجارة مغاير لعنوان الصلاة ، والنسبة بينهما العموم من وجه ، ولا يعقل أن يسري الأمر من متعلّقه إلى شيء آخر مغاير له ، ومجرّد اتّحاد الوفاء مع الصلاة خارجاً لا يوجب اتّحاد الأمرين بعد وضوح أنّ متعلّق الأحكام والتكاليف هي نفس الطبائع والعناوين كما حقّقناه في الاُصول ، وحينئذ فيكف يعقل أن يكون الأمر بالوفاء داعياً إلى الصلاة مع أنّ الأمر لا يدعو إلاّ إلى متعلّقه ، فتصحيح العبادية بإتيان الصلاة بداعي الأمر المتعلّق بالوفاء بالإجارة ممّا لايتم أصلاً ، وتنظير ذلك بمسألة النذر وإن كان في محلّه إلاّ أنّ كفاية الإتيان بداعي امتثال الأمر النذري فيها محلّ نظر بل منع ، بل الظاهر فيها أيضاً لزوم الإتيان بالنافلة بداعي الأمر الاستحبابي المتعلّق بها ، إذ النذر لا يوجب انقلاب النافلة فريضة ، فلو نذر الإتيان بصلاة الليل مثلاً يصير ذلك موجباً للزوم الإتيان بها بما أنّها صلاة الليل وتكون متعلّقة للأمر الاستحبابي ، ولذا لو حصل منه خلف النذر يعاقب لا على ترك صلاة الليل لأنّها مستحبّة ، بل على عدم الوفاء بالنذر الذي كان واجباً .
وبالجملة : لا وجه لكفاية الإتيان بقصد امتثال الأمر الإجاري بعد وضوح عدم اتّحاده مع الأمر الصلاتي لاختلاف متعلقيهما ، ومنه ظهر فساد ماذكره من تبعيّة الأمر الإجاري من حيث التعبّدية والتوصّلية لمتعلقه ، فإنّه لا يسري إليه حتّى يكتسب منه ذلك كما عرفت ، مضافاً إلى أنّ معنى الوفاء بالإجارة هو الإتيان بالعمل بما أنّه مستحقّ للغير ومملوك له ، فلا يجتمع مع الإتيان به بداعي القربة ، فتأمّل .
وكيف كان ، فالإشكال لا يندفع بما ذكره لابتنائه على اتّحاد الأمرين ، وقد عرفت منعه .

(الصفحة 516)

الثاني : ما اختاره جمع من المحقّقين(1) من كون الاُجرة داعية لا في عرض داعي القربة بل في طوله ، وتقريره كما أفاده السيّد (قدس سره)(2) في حاشية المكاسب مع توضيح منّا أن يقال : إنّ ما يضرّ بالإخلاص إنّما هو الداعي الدنيوي الذي هو في عرض داعي الامتثال ، كالرياء وسائر الدواعي النفسانيّة . وأمّا إذا كان في طوله كما في مثل المقام ; بأن كان الداعي على نفس العمل هو امتثال الأمر المتعلّق به ، والداعي على إتيان العمل بداعي امتثال أمره غرض آخر دنيوي أو أُخروي لا يرجع إلى الله تعالى ، فلا بأس به ، لعدم الدليل على لزوم أن تكون سلسلة العلل كلّها راجعة إلى الله ، كيف ولازمه الحكم ببطلان عبادة جلّ الناس ، بل كلّهم عدا من عصمه الله تعالى منهم ; لأنّ داعيهم إلى امتثال أوامر الله إنّما هو الخوف من العقاب أو الطمع في الثواب ، وهما وإن كانا من الاُمور الأُخروية إلاّ أنّهما يشتركان مع المقاصد الدنيويّة في أنّه لا يرجع شيء منهما إلى الله تعالى .
ودعوى أنّ قياس الاُجرة على الغايات المترتّبة بجعل إلهيّ مع الفارق ; لأنّ سلسلة العلل إذا انتهت إلى الله تعالى فلا تخرج المعلول عن كونه عباديّاً ، وهذا بخلاف ما إذا انتهت إلى غيره ، فإنّه ليس من وظيفته جعل غاية للفعل بقصد الأمر ، وبالجملة : فرق بين أن يأتي بالصلاة لأمر الله سبحانه حتّى يوسّع في رزقه ، وأن يأتي لأمر الله حتّى يأخذ الاُجرة ، مدفوعة بمنع انتهاء سلسلة العلل في عبادات العامّة إلى الله تعالى ; لأنّ الجنّة مطلوبة لهم بما أنّها جنّة مشتملة على النعم التي لا تعدّ ولا تحصى، لا بما أنّها مخلوقة لله تعالى ولها إضافة إليه ، والنار مبغوضة لهم
  • (1) هداية الطالب إلى أسرار المكاسب : 116 ، بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 218ـ 222 ، مستند العروة الوثقى ، كتاب الإجارة : 380 .(2) حاشية السيّد اليزدي على المكاسب : 23 .

(الصفحة 517)

بذاتها ، فإتيان الصلاة لأمر الله لأجل التوسعة في الرزق لا ينتهي إلى الله أصلاً ; لأنّ محبوب النفس هي نفس التوسعة من حيث هي مع قطع النظر عن كونها بيد الله تعالى .
وبالجملة : الجنة والنار محبوبة ومبغوضة بما أنّها جنّة ونار ، كيف ولو كان المحبوب هي الجنّة بما أنّها من نِعم الله تعالى ولها إضافة إليه بحيث كان مرجعه إلى محبوبيّته تعالى ، لكان اللاّزم الإتيان بالواجبات ولو لم يترتّب على فعلها دخول الجنّة أو ترتّب دخول النار ، ولا نرى من أنفسنا ذلك أصلاً .
والحاصل أنّ الداعي على العبادة في أكثر الناس بل جميعهم إلاّ القليل منهم هو نفس الطمع في الجنّة بما أنّ فيها جميع المشتهيات ، أو الخوف من العقاب بما أنّ في النار خلافها ، وحينئذ لا يبقى فرق بينهما وبين المقاصد الدنيوية أصلاً ، فاللاّزم هو الالتزام بكفاية توسّط الامتثال ، وإن كان الباعث عليه هو الغرض الدنيوي أو الأُخروي الذي لا يرجع إلى الله تعالى ، وإلاّ انحصرت العبادة فيما كان من أمير المؤمنين (عليه السلام) وغيره ممّن لا يرون إلاّ أهليّة المعبود للعبادة(1) .
ودعوى أنّه مع أخذ الاُجرة لا يتوسّط الامتثال أيضاً ، مدفوعة بالمنع ، فإنّ المكلّف بعد علمه بأنّ ملكيّة العوض تتوقّف على الإتيان بالعمل الصحيح ـ وهو يتوقّف على قصد الامتثال ـ يقصده لا محالة ، كما أنّه إذا علم أنّ الجنّة موقوفة على ذلك يقصده كذلك .
وأمّا ما عن الشهيد الأوّل (قدس سره) في قواعده(2) من قطع الأصحاب ببطلان العبادة إذا أتى بها بداعي الثواب أو دفع العقاب فالظاهر أنّ مراده ما إذا كانت الغاية المذكورة
  • (1) بحار الأنوار: 41 / 14 وج70 / 186.(2) القواعد والفوائد : 1 / 77 .