جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 585)

حينئذ فرع عدم مانعيّة الأمانة ، وهذه الجهة منوطة بصحّة الشرط فيدور، فيصير الشرط حينئذ مخالفاً للسنة قهراً.
نعم، لو كان لدليل الأمانة نظر إلى تحديد اقتضاء اليد بغيرها كان لصحّة الشرط مجال; لعدم مخالفة مضمون الشرط لمقتضى الأمانة، إذ هما من قبيل الاقتضاء واللااقتضاء ولا مزاحمة بينهما، ولكن أنّى لنا بإثباته، إذ الأمر يدور بين رفع اليد عن ظهور عموم «على اليد» في فعلية تأثيره مع بقائه على اقتضائه، أو رفع اليد عن ظهوره في اقتضائه أيضاً.
ولئن شئت قلت : إنّ المقام من باب التخصيص أو التزاحم والأصل هو الثاني، فلازمه بطلان الشرط. ولكن الذي يوهنه ورود النصّ(1) بالضمان بالشرط في العارية مع أنّه يد أمانة أيضاً، فذلك يؤيّد كون المقام من باب التخصيص لا من باب التزاحم، كيف وعلى التزاحم يلزم الالتزام بتخصيص عموم مخالفة الشرط للسنّة، وهو أبعد من الالتزام بالتخصيص في عموم «على اليد» ولا أقلّ من تصادم الظهورين، فيجري عليها حكم المجمل، والمرجع في المقام أصالة عدم مخالفة الشرط للسنّة فتصحّ، وحينئذ فالمسألة في غاية الإشكال(2)، انتهى .
والتحقيق أنّه إمّا أن يقال بعدم شمول عموم «على اليد» لمثل الاستيلاء على العين المستأجرة، نظراً إلى اختصاصها بالأيادي القاهرة الحادثة عن غير رضا المالك; إمّا لأجل ظهورها في نفسها في ذلك، أو لأجل استلزام الشمول لكثرة التخصيص ، وإمّا أن يقال بالشمول وعدم الاختصاص بتلك الأيادي المخصوصة .
  • (1) الكافي: 5 / 238 ح1، وسائل الشيعة: 19 / 91، كتاب العارية ب1 ح1.(2) شرح تبصرة المتعلّمين: 5 / 436 ـ 437.

(الصفحة 586)

فعلى الأوّل: لا دليل على كون الحكم بعدم ضمان العين المستأجرة حكماً اقتضائياً صادراً عن وجود المقتضي له لو لم نقل بامتناعه، نظراً إلى أنّه لا يعقل التأثير في الأمر العدمي، وعليه فلا مانع من تأثير الاشتراط بمقتضى عموم دليله في ثبوت الضمان .
وعلى الثاني: فلا ريب في أنّ اليد المستولية على العين المستأجرة مقتضية للضمان بمقتضى عموم دليلها، وعليه فلابدّ أن يكون الحكم بعدم الضمان ناشئاً عن وجود مقتض له أقوى من اليد المقتضية للضمان، وإن شئت فقل بوجود المانع عن تأثير اليد في ثبوت مقتضاها، وعليه فيتّجه في بادئ النظر أن يقال بكون اشتراط الضمان مخالفاً لكتاب الله; لثبوت الحكم الاقتضائي على خلافه، فيترتّب عليه البطلان وعدم النفوذ، ولكنّ التدقيق يقضي بأنّ الحكم بعدم الضمان إنّما هو لأجل الائتمان المتحقّق في الإجارة ومثلها ، فالمانع عن تأثير اليد في مقتضاها إنّما هو الائتمان، وحينئذ نقول : إنّ تحقّق الائتمان إنّما هو مع إطلاق عقد الإجارة، وأمّا مع اشتماله على اشتراط الضمان فلا يكاد يتحقّق الائتمان حتّى يمنع عن تأثير اليد، فموضوع المانع ينتفي مع وجود الاشتراط .
وما أفاده المحقّق الرشتي (قدس سره) فيما تقدّم من كلامه من أنّه أيّ دليل دلَّ عليه في مقابل إطلاق ما دلّ على كونها أمانة ، إن أراد بكون العين المستأجرة أمانة كونها أمانة حقيقة مطلقاً فنحن نمنع ذلك; لأنّ الأمانة بمقتضى ماهو المتفاهم منها في السنّة العرف والعقلاء تختصّ بالوديعة، وقد عرفت أنّ استعمالها فيها أيضاً لا يخلو عن شوب المجازية ورعاية العلاقة . وإن أراد بذلك تحقّق الائتمان بالنسبة إلى العين المستأجرة فهو مسلّم، ولكنّه فيما إذا كانت الإجارة خالية عن اشتراط الضمان، وأمّا معه فنمنع تحقّق الائتمان كما عرفت، كيف ومن الواضح أنّه لافرق من هذه الجهة بين
(الصفحة 587)

الإجارة والعارية، فجواز اشتراط الضمان في الثانية دليل على انتفاء موضوع الائتمان بمجيء الاشتراط، وإلاّ فيصير من الشروط المخالفة للكتاب ، مع أنّ عموم ما دلّ على أنّ الشرط المخالف باطل غير قابل للتخصيص، كما عرفت من المحقّق العراقي (قدس سره) .
فانقدح من جميع ما ذكرنا أنّه بناءً على هذا المبنى في تفسير المخالفة لا يكون اشتراط الضمان متّصفاً بذلك، مع أنّ المبنى أيضاً لا يخلو عن المناقشة; لأنّ مقتضاه عدم جواز إسقاط الخيار بالشرط في ضمن العقد; لأنّ الحكم بثبوت الخيار للبيّعين حكم اقتضائيّ بمقتضى قوله (عليه السلام) : «البيّعان بالخيار»(1). وكذا عدم جواز إثبات الخيار بالاشتراط في العقد اللاّزم; لأنّ اللزوم إنّما هو مقتضى العقد، نظراً إلى عموم {أَوفُوا بِالعُقُودِ}(2) وغيره من أدلّة اللزوم، فاشتراط الخيار مخالف لدليل اللزوم الذي هو من الأحكام الاقتضائية لا محالة، كما لا يخفى .
وقد يقال في تفسير المخالفة بأنّ المخالفة المضرّة إنّما هي المخالفة للأحكام المكتوبة، والحكم العدمي لا يطلق عليه الحكم; لأنّ مايتعلّق به الجعل إنّما هو الأحكام الوجودية، مثل الوجوب والحرمة ونظائرهما من الأحكام الوجودية التكليفية والوضعية . وأمّا الحكم العدمي فليس حكماً مكتوباً إلهيّاً، وعليه فليس الحكم بعدم الضمان في العين المستأجرة من الأحكام المكتوبة الإلهية حتّى يكون اشتراط خلافه مخالفاً لكتاب الله .
ويرد عليه منع عدم كون الحكم العدمي من الأحكام الإلهية، ضرورة أنّه ليس
  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 5 ـ 7، كتاب التجارة، أبواب الخيار ب1.(2) سورة المائدة 5: 1.

(الصفحة 588)

المراد من الحكم إلاّ ما اعتبره الشارع من مجعولاته التكليفية والوضعية، من دون فرق بين أن يكون وجودياً أو عدمياً. نعم، قد ينتزع من الحكم الوجودي بعض الأحكام العدمية، كما أنّه قد ينتزع من الحكم بالوجوب عدم الحرمة، وكذلك نظائره، ولكنّه ليس بحكم لعدم اعتبار الشارع له، كما هو ظاهر .
وقد يقال في تفسير المخالفة كما قاله الشيخ الأعظم العلاّمة الأنصاري (قدس سره): بأنّ المراد بحكم الكتاب والسنّة الذي يعتبر عدم مخالفة المشروط أو نفس الاشتراط له هو ما ثبت على وجه لا يقبل تغيّره بالشرط لأجل تغيّر موضوعه بسبب الاشتراط ، وقال في توضيح ذلك: إنّ حكم الموضوع قد يثبت له من حيث نفسه ومجرّداً عن ملاحظة عنوان آخر طارئ عليه، ولازم ذلك عدم التنافي بين ثبوت هذا الحكم، وبين ثبوت حكم آخر له إذا فرض عروض عنوان آخر لذلك الموضوع، ومثال ذلك أغلب المباحات والمستحبّات والمكروهات بل جميعها، حيث إنّ تجويز الفعل والترك إنّما هو من حيث ذات الفعل، فلا ينافي طروّ عنوان يوجب المنع عن الفعل أو الترك كأكل اللحم، فإنّ الشرع قد دلَّ على إباحته في نفسه، بحيث لا ينافي عروض التحريم له إذا حلف على تركه أو أمر الوالد بتركه ، أو عروض الوجوب له إذا صار مقدّمة لواجب أو نذر فعله مع انعقاده ، وقد يثبت له لا مع تجرّده عن ملاحظة العناوين الخارجة الطارئة عليه، ولازم ذلك حصول التنافي بين ثبوت هذا الحكم، وبين ثبوت حكم آخر له. وهذا نظير أغلب المحرّمات والواجبات، فإنّ الحكم بالمنع عن الفعل أو الترك مطلق لا مقيّد بحيثيّة تجرّد الموضوع إلاّ عن بعض العناوين كالضرر والحرج، فإذا فرض ورود حكم آخر من غير جهة الحرج والضرر، فلابدّ من وقوع التعارض بين دليلي الحكمين، فيعمل بالراجح بنفسه
(الصفحة 589)

أو بالخارج .
ثمّ قال : الشرط إذا ورد على ما كان من قبيل الأوّل لم يكن الالتزام بذلك مخالفاً للكتاب، إذ المفروض أنّه لا تنافي بين حكم ذلك الشيء في الكتاب والسنّة، وبين دليل الالتزام بالشرط ووجوب الوفاء به ، وإذا ورد على ما كان من قبيل الثاني كان التزامه مخالفاً للكتاب والسنّة(1)، انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علوّ درجاته ومقامه .
وقد انقدح أنّه بمقتضى هذا التفسير يكون اشتراط عدم الضمان في المقام من الشروط غير المخالفة للكتاب والسنّة; لأنّ مقتضى أدلّة عدم ضمان الأمين عدم ضمانه في نفسه من غير إقدام عليه، فلا ينافي إقدامه على الضمان من أوّل الأمر، ولذا استشكل هو (قدس سره) فيما بعد هذا الكلام في الفرق بين الإجارة والعارية، نظراً إلى قيام الشهرة على العدم في الاُولى والاتفاق على الجواز في الثانية(2).
وكيف كان، فاللاّزم بناءً على ذلك نفوذ اشتراط الضمان في المقام، ولكن قد اُورد على هذا المبنى بعض الإيرادات :
منها : أنّ عروض العنوان المغيّر للحكم في باب المباحات والمستحبّات والمكروهات لايقتضي أن يكون الموضوع للحكم الثاني الطارئ هو ما كان موضوعاً للحكم الأوّل، بل الموضوع للحكم الثاني هو عنوان آخر يغاير العنوان المأخوذ في موضوع الحكم الأوّل من جهة المفهوم ، مثلاً إذا كانت صلاة الليل موضوعة للحكم بالاستحباب بعنوانها، فلا تصير هذه موضوعة للوجوب إذا
  • (1) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري: 6 / 26 ـ 27.(2) كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري: 6 / 30.