جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 624)

نعم، في الفرض الذي احتملنا خروجه عن القاعدة الأوّلية ـ وهو ما لو لم يكن الإفساد مستنداً إلى العامل والأجير، بل إلى عدم قابليّة المحلّ وعدم صلاحيّته لعروض الإصلاح له ـ لا يبعد أن يقال بعدم دلالة الروايات أيضاً على ثبوت الضمان فيه; لأنّ موردها الثوب القابل للإصلاح وإعطاء الاُجرة عليه ، ومع عدم قابلية المحلّ للإصلاح لكونه عتيقاً يخرق بمجرّد الفرك والدلك المعتاد لا تشمله الروايات أصلاً .
ثمّ إنّ هنا رواية ربما يستفاد منها خلاف ما ذكرنا من الحكم بضمان الصانع مطلقاً; وهي رواية أبي بصير ليث المرادي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، وقد ورد في ذيلها قوله : وفي رجل استأجر جمّالاً فيكسر الذي يحمل أو يهريقه، فقال : على نحو من العامل، إن كان مأموناً فليس عليه شيء، وإن كان غير مأمون فهو ضامن(1) .
ودلالتها على عدم ضمان مطلق الصانع إذا أفسد إمّا من جهة كون الجمّال الذي يستأجر للحمل من مصاديق الصانع. غاية الأمر أنّ عمله وصنعته عبارة عن حمل المتاع من مكان إلى آخر، خصوصاً مع نسبة الكسر والإهراق إليه الظاهرة في صدور الجناية منه وإن لم تكن عن عمد واختيار . وأمّا من جهة أنّ الجمّال وإن لم يكن من مصاديق عنوان الصانع، إلاّ أنّ قوله (عليه السلام) في الجواب : «على نحو من العامل . . .» ظاهر في أنّ الحكم بالضمان في العامل ليس على نحو الإطلاق، بل في خصوص ما إذا لم يكن مأموناً ، وقد أفتى بمضمون هذه الرواية الشيخ (قدس سره)، حيث إنّ المحكيّ عنه أنّه في التهذيب حكم بعدم ضمان الأمين(2) .
  • (1) التهذيب: 7 / 218 ح951، وسائل الشيعة: 19 / 144، كتاب الإجارة ب29 ح11.(2) التهذيب: 7 / 220.

(الصفحة 625)

وربما يقال : بأنّه يتعيّن حملها على الاستحباب، نظراً إلى اندراج الجمّال في القاعدة الكلّية المستفادة من الروايات السابقة، وهي أنّ كلّ من أخذ مال الناس للإصلاح فأفسد فهو ضامن ، وإلى أنّه لم يعمل بها الأصحاب .
ويرد على الوجه الأوّل : أنّ اندراج الجمّال في تلك القاعدة لا يوجب تعيّن حمل الرواية على الاستحباب; لأنّه يمكن تخصيصها بخصوص الجمّال، ولم يقم دليل على عدم قابلية تلك القاعدة للتخصيص. هذا، مضافاً إلى أنّك عرفت أنّ الرواية تدلّ بمقتضى التشبيه على ثبوت قاعدة اُخرى; وهو التفصيل في الضمان في مطلق العامل، ففي الحقيقة مفاد الرواية أنّ القاعدة السارية في العامل هو الفرق بين المأمون وغيره، ولا دليل على ترجيح تلك القاعدة بوجه .
وعلى الوجه الثاني: ـ مضافاً إلى ما مرّ من عمل الشيخ (قدس سره) به في محكي التهذيب ـ أنّه لم يثبت بعد إعراض الأصحاب عن الرواية حتّى يكون قادحاً في اعتبارها بناءً على كون الإعراض قادحاً على اختلاف فيه، والتحقيق في محلّه .
المقام الثاني: في الفرع الذي ذكره المحقّق (قدس سره) في ذيل المسألة; وهو أنّه إذا تلف ما في يد الصانع لا بسببه من غير تفريط ولا تعدٍّ لم يضمن على الأصحّ(1)، والبحث في هذا الفرع أيضاً تارةً من جهة مقتضى القاعدة، واُخرى من جهة الروايات الواردة فيه .
أمّا من الجهة الاُولى: فقد تقدّم(2) أنّ العين التي هي مورد عمل الأجير وبيده أمانة عنده مدفوعة إليه برضا مالكه وباختياره، فلا يكون ضامناً له مع التلف فيما
  • (1) شرائع الإسلام: 2 / 187.(2) في ص553.

(الصفحة 626)

إذا لم يكن هناك تعدّ ولا تفريط كما هو المفروض، بل كما أفاده المحقّق الإصفهاني (قدس سره)ثبوت الأمانة في المقام أولى من ثبوتها في العين المستأجرة; لأنّ التسليط على العين المستأجرة ممّا لابدّ منه مقدّمة لاستيفاء المنفعة، ومع اللابديّة لا يمكن استكشاف الرضا بعد العقد إلاّ بدعوى أنّ إقدامه على الإجارة المقتضية للتسلّط بعد العقد كان عن رضاه، والظاهر بقاؤه، وهذا بخلاف المقام فإنّ المستأجر هنا مالك للعمل، فدفع العين إلى الأجير مع عدم اللابديّة يكشف قطعاً عن الرضا(1) .
وأمّا من الجهة الثانية: فالروايات الواردة في محلّ البحث مختلفة :
فمنها : ما هي ظاهرة في عدم الضمان مطلقاً، كرواية معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن الصبّاغ والقصّار؟ فقال: ليس يضمنان(2) . والسؤال إمّا ظاهر في أنّ مورده خصوص ما إذا تلف في يدهما بأيّ نحو من أنحاء التلف ولا  يشمل صورة الإفساد والإتلاف ، وإمّا يكون صورة التلف هي القدر المتيقّن من مورده لاحتمال العموم والشمول، وعلى أيّ تدلّ الرواية على عدم الضمان في محلّ البحث .
ومنها : ما يظهر منه التفصيل في الضمان وعدمه بين صورتي الأمن والاتّهام، كصدر رواية أبي بصير المتقدّمة الدالّة على قول أبي عبدالله (عليه السلام) : أنّه لا يضمن الصائغ ولا القصّار ولا الحائك إلاّ أن يكونوا متّهمين(3). ورواية محمّد بن الحسن الصفّار قال : كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) في رجل دفع ثوباً إلى القصّار ليقصّره، فدفعه
  • (1) بحوث في الفقه، كتاب الإجارة: 285 ـ 286.(2) التهذيب: 7 / 220 ح964، الاستبصار: 3 / 132 ح477، وسائل الشيعة: 19 / 145، كتاب الإجارة ب29ح14.(3) التهذيب: 7 / 218 ح951، وسائل الشيعة: 19 / 144، كتاب الإجارة ب29 ح11.

(الصفحة 627)

القصّار إلى قصّار غيره ليقصّره فضاع الثوب، هل يجب على القصّار أن يردّه إذا دفعه إلى غيره وإن كان القصّار مأموناً؟ فوقّع (عليه السلام) : هو ضامن له إلاّ أن يكون ثقة مأموناً إن شاء الله(1) .
ومنها ـ وهو الأكثر ـ  : ما يدلّ على الضمان مطلقاً، كرواية يونس قال : سألت الرضا (عليه السلام) عن القصّار والصائغ أيضمنون؟ قال : لايصلح إلاّ أن يضمنوا (2).
ورواية الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام)يضمّن القصّار والصائغ احتياطاً على الناس، وكان أبي يتطوّل عليه إذا كان مأموناً(3).
وفي رواية السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يضمّن الصبّاغ والقصّار والصائغ احتياطاً على أمتعة الناس، وكان لا يضمّن من الغرق والحرق والشيء الغالب، الحديث(4).
والظاهر أنّ المراد من التطوّل الذي تدلّ عليه رواية الحلبي هو التطوّل في مقام العمل مع جواز التغريم الذي هو متفرّع على ثبوت الضمان، وعليه فلا ينافي التضمين من ناحية أمير المؤمنين (عليه السلام) مطلقاً، ويؤيّده بل تدلّ عليه مرسلة الصدوق أنّ أبا عبدالله (عليه السلام) قال : كان أبي (عليه السلام) يضمّن الصائغ والقصّار ما أفسدا، وكان عليّ بن الحسين (عليه السلام) يتفضّل عليهم(5). مع أنّ موردها المسألة المتقدّمة التي يكون الحكم فيها
  • (1) التهذيب: 7 / 222 ح974، وسائل الشيعة: 19 / 146، كتاب الإجارة ب29 ح18.(2) الكافي: 5 / 243 ح10، التهذيب: 7 / 219 ح958، الاستبصار: 3 / 132 ح473، وسائل الشيعة: 19/144، كتاب الإجارة ب29 ح9.(3) الكافي: 5 / 242 ح3، وسائل الشيعة: 19/142، كتاب الإجارة ب29 ح4.(4) الكافي: 5 / 242 ح5، التهذيب: 7 / 219 ح956، الاستبصار: 3 / 131 ح471، وسائل الشيعة: 19/142، كتاب الإجارة ب29 ح6.(5) الفقيه: 3 / 161 ح706، وسائل الشيعة: 19/147، كتاب الإجارة ب29 ح20.

(الصفحة 628)

الضمان بمقتضى القاعدة والنصوص، فالتفضّل والتطوّل لا ينافي الضمان .
ثمّ إنّ مقتضى قاعدة الجمع بين الروايات المتعارضة في مثل المقام وإن كان هو التصرّف في المطلقات منها، والحمل على الرواية المفصّلة التي يكون مقتضاها في المقام ثبوت الضمان مع التهمة وعدم كونه مأموناً، وعدمه مع كونه كذلك. وعليه فيصير مفاد الروايات مخالفاً للقاعدة المقتضية لعدم الضمان، نظراً إلى ثبوت الأمانة، حيث إنّ مفادها التفصيل ومقتضى القاعدة الإطلاق، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الروايات الدالّة على الضمان خارجة عن محلّ البحث; لأنّ موردها صورة الشكّ في تحقّق التلف في يد الصائغ والقصّار ومثلهما، والدليل عليه ـ مضافاً إلى التعليل بكون تضمين أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّما هو لأجل الاحتياط على الناس وعلى أمتعتهم ـ ذيل رواية السكوني الدالّ على أنّه لم يكن يضمّن من الغرق والحرق والشيء الغالب، فإنّ مقتضاه أنّه مع العلم بثبوت التلف واستناده إلى أمر آخر دون مثل الصائغ لم يكن هناك تضمين أصلاً، فالتضمين الثابت في الصدر إنّما هو في مورد الشكّ في تحقّق التلف، أو الشكّ في الاستناد إلى العامل واحتمال كونه هو المتلف .
ومن هذا يظهر أنّ مورد الرواية المفصّلة أيضاً إنّما هو خصوص صورة الشكّ، ويؤيّده بل يدلّ عليه أنّ نفس هذا التفصيل لا يلائم إلاّ مع هذه الصورة، فإنّ الاتّهام وعدمه لا يرتبط إلاّ بما إذا كان هنا شكّ، وإلاّ فمع العلم بثبوت التلف وعدم الاستناد إلى العامل لايكون فرق بين المتّهم وغيره والتعبير في رواية الصفّار بضياع الثوب لا دلالة فيه على كون الضياع الذي هو أمر غير اختياريّ أمراً مسلّماً حتّى ينافي ما  ذكرنا، فتدبّر .
فالإنصاف أنّ الروايات الدالّة على عدم الضمان محكّمة في المقام، وقد عرفت أنّ مقتضى القاعدة أيضاً ذلك. نعم، يبقى على غيرها من الروايات المفصّلة أو الدالّة