جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 445)

وأمّا الوجه الثاني : فأحد طرفي التخيير إمّا أن يقال : بأنّه هو مفاد دليل الانفساخ ، وإمّا أن يقال : بأنّه هو مفاد ما يدلّ على الخيار بين الفسخ والإمضاء ، والطرف الآخر على التقديرين مدلول دليل الضمان بالمثل أو القيمة ، فنقول :
أمّا الوجه على التقدير الأوّل فهو جريان دليل كون التلف قبل القبض من مال البائع ، بناء على دلالته على الانفساخ وجريان قاعدة الإتلاف ، نظراً إلى أنّ مقتضاهما متنافيان لدلالة الأوّل على الانفساخ والثاني على عدمه ; لأنّ موضوعه إتلاف مال الغير ، وكونه مالاً له يتوقّف على بقاء العقد وعدم انفساخه ، وحيث إنّه لا يمكن إعمال الدليلين لفرض التنافي ، ولا موجب لإهمالهما ولا معين في البين ، فاللاّزم الحكم بثبوت التخيير بين مطالبة المسمّى والبدل الواقعي من المثل أو القيمة .
ويرد عليه ـ مضافاً إلى عدم وجود القائل به ، وإلى عدم معقولية هذا النحو من التخيير ; لأنّ طرفي التخيير أو أطرافه لابدّ وأن يكون كلّ واحد منهما أو منها فعلاً اختيارياً للشخص الذي حكم بثبوت التخيير له، ولا معنى لأن يكون أحد طرفيه الانفساخ الذي هو على تقدير ثبوته حكم شرعيّ خارج عن اختيار المكلّف، إلاّ أن يرجع هذا التخيير إلى تخيير المكلّف في الأخذ بأحد الدليلين المتنافيين الواردين في المقام .
وبعبارة اُخرى هو مخيّر بين الأخذ بقاعدة الإتلاف ، وبين إجراء دليل التلف قبل القبض ، ويرد عليه حينئذ أنّ الظاهر ثبوت هذا التخيير للمجتهد ، لا أنّه يفتي بكون الحكم في الواقعة هو التخيير ، والبحث في هذه الجهة موكول إلى محلّه . ومضافاً إلى ما عرفت من عدم جريان شيء من الدليلين في المقام ; لابتناء شمول
(الصفحة 446)

الأوّل ودلالته على الانفساخ هنا على الاُمور الثلاثة التي عرفت المناقشة في بعضها ، بل في جميعها ، وابتناء شمول الثاني على صدق الإتلاف بالنسبة إلى المنافع الفائتة وهو غير معلومـ : أنّه على تقدير الشمول لا وجه لتوهّم المنافاة بينهما ; لأنّ موضوع قاعدة الإتلاف هو الإتلاف المتعلّق بمال الغير ، وتحقّق هذا الموضوع فرع عدم جريان دليل التلف ، إذ مع جريانه ينفسخ العقد ، وليس المال حينئذ مالاً للغير ، فجريان قاعدة الإتلاف موقوف على عدم جريان قاعدة التلف ، وجريانها لا يتوقّف على شيء ; لأنّ موضوعها تلف المبيع ، فهي لا مانع من جريانها ، ومعه لا مجال لقاعدة الإتلاف لعدم انحفاظ موضوعها .
اللّهم إلاّ أن يقال : إنّ جريان قاعدة التلف أيضاً فرع اتّصاف المال بعنوان المبيعية الذي هو ملازم لكون المال متعلّقاً بالغير ، وعليه فكلا الدليلين واردان في موضوع مال الغير .
ولكن يدفع ذلك أنّ فرض دلالة قاعدة التلف على الانفساخ ينافي مع كون موضوعها هو تلف المال المتصف بعنوان المبيعية حين التلف ; لعدم اجتماع هذا الاتّصاف المأخوذ في الموضوع مع الانفساخ الذي هو الحكم . نعم ، لا ضير فيه بناء على كون مفاد قاعدة التلف هو الضمان بالمثل أو القيمة ، كما حكي عن المسالك(1) ، وعلى هذا التقدير أيضاً لا منافاة بين القاعدتين ، لدلالة كلّ منهما على الضمان بالبدل الواقعي في مورد مال الغير ، فافهم واغتنم .
وأمّا الوجه على التقدير الثاني ; وهو التخيير بين إعمال سبب رجوع المسمّى وإعمال سبب ضمان البدل الواقعي ، فهو ما حكاه المحقّق الإصفهاني (قدس سره) عن الشيخ
  • (1) مسالك الأفهام : 3 / 216 ، والحاكي هو الشيخ الأنصاري (قدس سره) في كتاب المكاسب : 6 / 271 .

(الصفحة 447)

الأعظم الأنصاري (قدس سره)(1) من أنّ تعذّر التسليم يوجب الخيار ، فإذا فسخ العقد رجع إليه المسمّى ، وإلاّ كان الإتلاف وارداً على ماله ، فله تضمين المتلف بالبدل .
ولكنّه أورد عليه بأنّ التعذّر الموجب للخيار ما لا يكون ملحقاً بالتلف من حيث امتناعه عادةً ، وإلاّ فهو موجب للانفساخ دون الخيار ، ولأجل ذلك اختار كون الحكم في المقام هو تعيّن الرجوع باُجرة المثل ، لقاعدة الإتلاف وعدم كون هذا التعذّر موجباً للخيار لما ذكر ، ولا للانفساخ لاختصاص دليله بالتلف وعدم شموله للإتلاف (2).
أقول : أمّا جريان قاعدة الإتلاف في مثل المقام فقد عرفت النظر فيه ، وأمّا المناقشة في أصل ثبوت الخيار بين الفسخ والإمضاء مجّاناً فلا وجه لها ، لعدم توقّف ثبوته على صدق تعذّر التسليم هنا حتّى يناقش فيه بما ذكر ، وذلك لأنّ الغرض إثبات أصل الخيار لا الخيار الناشئ عن تعذّر التسليم ، وقد قرّر في محلّه عدم انحصار الخيار بالعناوين المذكورة له في كتاب البيع ، لعدم دليل على الانحصار .
وحينئذ فنقول : إنّ الوجه في ثبوت الخيار هو التخلّف عمّا وقع العقد عليه ، فإنّه موجب للخيار عند العقلاء ، ويستفاد ثبوته عند الشارع من الموارد التي ثبت الخيار فيها عنده ، فإنّه إذا كان تخلّف الشرط موجباً للخيار فكيف لا يكون التخلّف عن أصل ما وقع العقد عليه موجباً له ، وكذلك إذا كان الغبن موجباً للخيار بحيث لايكاد يسقطه جبران الضرر من قِبَل الغابن ، فكيف لا يكون التخلّف في المقام موجباً له ، وهكذا سائر الموارد ، فإنّه يستفاد من التأمّل في مثل هذه الموارد ثبوت الخيار في المقام ، وإن لم يكن الرجوع إلى اُجرة المثل موجباً لتضرّره ولا كان
  • (1) راجع كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري : 6 / 276 .(2) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 138 .

(الصفحة 448)

معسوراً ، والعمدة حكم العقلاء بالثبوت وعدم دليل على الانحصار بالعناوين المعروفة ، وممّا ذكرنا يظهر النظر فيما أفاده سيّدنا العلاّمة الاُستاذ (قدس سره) في حاشية العروة; من أنّ أخذ العوض نحو استيفاء لمنفعة الأجير ، فمع تمكّن المستأجر منه بلا عسر ولا ضرر لايبعد عدم جواز الفسخ(1) .
وقد ظهر من جميع ما ذكرنا أنّ الأقوى في المقام هو التخيير بين الفسخ والرجوع بالمسمّى والإمضاء مجاناً . نعم ، لو لم يناقش في جريان قاعدة الإتلاف إمّا بنفسها أو بتنقيح المناط كما لا يبعد الثاني ، لكان الطرف الآخر للتخيير هو الرجوع إلى أُجرة المثل لا نفس الرجوع ، بل الإمضاء الذي حكمه جواز الرجوع كما هو غير خفي .
ثمّ إنّه لا فرق في الحكم الذي ذكرنا في هذه الصورة بين ما إذا لم يسلّم الأجير نفسه حتّى يعمل ، وبين ما إذا سلّم ولم يعمل ، وإن كان يمكن الفرق بينهما بناءً على القول بالانفساخ ، وبتحقّق القبض بمجرّد التسليم وإن لم يأخذ في العمل بعد ، ومنه يظهر الخلل فيما تقدّم(2) نقله عن المفتاح من التفصيل بين الصورتين في الخيار ، فإنّ المناسب هو التفصيل بينهما في الانفساخ ; لأنّه يدور مدار القبض لا في الخيار، إلاّ أن يكون المراد هو خيار تعذّر التسليم كما هو الظاهر ، كما أنّه يمكن الفرق بينهما من جهة إمكان دعوى صدق الغرور فيما إذا سلّم نفسه ولم يعمل ، وكان المستأجر معتقداً بأنّه يعمل نظراً إلى تسليمه نفسه ، ثمّ انكشف الخلاف بعد المدّة دون غيره ، ولكن لافرق من حيث الحكم الذي ذكرنا بين الصورتين أصلاً .
كما أنّه لا فرق بين ما إذا أعلم قبل دخول مدّة الإجارة بأنّه لا يعمل فيها ، وبين ما إذا لم يُعلِم بذلك ، فإنّ الملاك في ثبوت الخيار للمستأجر ليس جهله بوفاء
  • (1) العروة الوثقى : 5 / 84 ، التعليقة 2 .(2) في ص441.

(الصفحة 449)

الأجير بمقتضى عقد الإجارة حتّى لا يبقى له موقع مع الإعلام ، بل الملاك هو تخلّف الأجير وعدم وفائه ، وهذا لافرق فيه بين صورة الإعلام وعدمه . نعم ، يقع الكلام في خصوص صورة الإعلام في أنّه هل يجوز للمستأجر الفسخ وإن لم تدخل مدّة الإجارة ، أو أنّه لا يجوز له ذلك إلاّ بعد دخولها وعدم شروعه في العمل ؟ نظراً إلى أنّ ملاك الخيار هو التخلّف ، وهو يتوقّف على دخول المدّة وعدم العمل ، ومجرّد الإعلام لا يكفي في ذلك ، فإنّه يمكن أن يحصل له البداء ، بل الظاهر عدم الكفاية ولو مع العلم بعدم حصول البداء له وبقاء عزمه على التخلّف ، فإنّ الموجب لثبوت الخيار نفس التخلّف الخارجي لا العلم بتحقّقه في ظرفه ، كما هو ظاهر .
ثمّ إنّه لو لم يفسخ المستأجر في هذه الصورة لكان مقتضى حكمهم بأنّ الاُجرة تملك بنفس العقد أنّ الأجير مالك للاُجرة المسمّـاة ملكاً مستقرّاً غير متوقّف على شيء . غاية الأمر أنّه لا يستحقّ المطالبة ; لأنّه يتفرّع على الأخذ في العمل ، بل على الفراغ منه كما مرّ الكلام فيه مفصّلاً(1) ، وحينئذ يقع الإشكال هنا في أنّه مع مضيّ المدّة المعتبرة في الإجارة وخلوّها عن العمل لا يتحقّق هنا شيء أصلاً حتّى يستحقّ بسببه للمطالبة ; لأنّ العمل في خارج المدّة غير المستأجر عليه ، والمدّة المنقضية لا يمكن عودها ثانياً فبم يحصل له الاستحقاق ، وعليه فاعتبار ملكيّته للاُجرة مع عدم استحقاق المطالبة لها بوجه يصير كأنّه من اللغو ، مع وضوح كون حكمهم بأنّ الاُجرة تملك بنفس العقد عاماً شاملاً لأقسام الإجارة وأنواع الأجير فراجع ، هذا كلّه فيما لو لم يعمل في المدّة أصلاً .
وأمّا لو عمل للمستأجر بعض المدّة وترك العمل في البعض الآخر رأساً ; كما لو عمل له نصف النهار وترك النصف الآخر ، فتارةً يكون البعض الذي عمل فيه أوّل
  • (1) في ص235ـ 245.