جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 266)

على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه الحدّ ، ولا يحتاج إلى بيّنة مع نظره ، لأنّه أمين الله في خلقه ، وإذا نظر إلى رجل يسرق أن يزبره وينهاه ويمضي ويدعه ، قلت: وكيف ذلك؟ قال: لأنّ الحقّ إذا كان لله فالواجب على الإمام إقامته ، وإذا كان للناس فهو للناس(1) .
والظّاهر عدم كون المراد بالإمام فيها هو الإمام المعصوم ، بل الإمام أو نائبه في جميع الأعصار ، والتعليل بقوله (عليه السلام): «لأنّه أمين الله في خلقه» لا ينافيه ، وعلى تقديره فالتعبير في الذيل بقوله (عليه السلام): «لأنّ الحقّ . . .» ظاهر في عدم الاختصاص ، وسيجيء المراد من التفصيل المذكور فيها .
ثمّ إنّه ربّما يستدلّ على الجواز أيضاً ببعض الروايات ، مثل:
ما رواه الصدوق بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: جاء أعرابيّ إلى النبي(صلى الله عليه وآله) ، فادّعى عليه سبعين درهماً ثمن ناقة باعها منه ، فقال: قد أوفيتك ، فقال: إجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا ، فأقبل رجل من قريش ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): احكم بيننا ، فقال للأعرابي: ما تدّعي على رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فقال: سبعين درهماً ثمن ناقة بعتها منه ، فقال: ما تقول يا رسول الله؟ فقال: قد أوفيته ، فقال للأعرابي: ما تقول؟ فقال: لم يوفني ، فقال لرسول الله(صلى الله عليه وآله): ألك بيّنة أنّك قد أوفيته؟ قال: لا ، فقال للأعرابي أتحلف أنّك لم تستوف حقّك وتأخذه؟ قال: نعم . فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لأتحاكمنّ مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم الله ، فأتى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)ومعه الأعرابي ، فقال عليّ (عليه السلام): ما لك يارسول الله؟ قال: يا أبا الحسن احكم بيني وبين هذا الأعرابيّ ، فقال عليّ (عليه السلام): يا أعرابي ما تدّعي على

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 344 ، أبواب مقدّمات الحدود ب32 ح3 .


(الصفحة 267)

رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال: سبعين درهماً ثمن ناقة بعتها منه ، فقال: ما تقول يا رسول الله؟ قال: قد أوفيته ثمنها ، فقال: يا أعرابي أصَدَق رسول الله(صلى الله عليه وآله)فيما قال ، قال الأعرابيُّ: لا ما أوفاني شيئاً ، فأخرج عليّ (عليه السلام) سيفه فضرب عنقه . فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لِمَ فعلت يا عليّ ذلك؟ فقال: يا رسول الله(صلى الله عليه وآله): نحن نصدّقك على أمر الله ونهيه ، وعلى أمر الجنّة والنار ، والثواب والعقاب ، ووحي الله عزّ وجل ، ولا نصدّقك على ثمن ناقة الأعرابي؟ وإنّي قتلته لأنّه كذّبك لما قلت له: أصدق رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقال: لا ما أوفاني شيئاً ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أصبت يا عليّ فلا تعد إلى مثلها ، ثمّ التفت إلى القرشيّ وكان قد تبعه فقال: هذا حكم الله لا ما حكمت به(1) .
ومثل الرواية المشتملة على قصّة درع طلحة ، حيث رآها عليّ (عليه السلام) حينما كان قاعداً في مسجد الكوفة مع عبدالله بن قفل التميمي ، فقال: هذه درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فتراضيا بشريح القاضي ، فقال لعليّ (عليه السلام): هات على ما تقول بيّنة، فقال عليّ (عليه السلام) بعد ما أتى بالحسن شاهداً أوّلا وبقنبر ثانياً وعدم قبوله لهما ، نظراً إلى أنّ الأوّل شاهد واحد والثاني مملوك: إنّ هذا قضى بجور ثلاث مرّات ـ إلى أن قال: ـ ويلك أو ويحك إنّ إمام المسلمين يؤمن من أمورهم على ما هوأعظم من هذا(2).
ولكنّ الظّاهر عدم تماميّة الاستدلال بمثل هذه الروايات التي إمّا أن يكون موردها صورة كون الحاكم إماماً معصوماً ، وإمّا أن يكون أحد المتخاصمين كذلك ; لأنّ جواز حكم الإمام المعصوم بعلمه لا يستلزم الجواز للحكّام ، وكذا جواز الحكم للمعصوم كذلك لا يستلزمه بعد كون عدم الحكم على طبقه مستلزماً

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 200 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب18 ح1 .
  • (2) وسائل الشيعة: 18 / 194 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب14 ح6 .


(الصفحة 268)

لتنقيص شأنه ، وتنزيل مقامه ، وإنحطاط رتبته كما لا يخفى  ، ويؤيّده نهي النبي(صلى الله عليه وآله)عن العود إلى مثل القضاء الواقع في الرواية الاُولى .
ثمّ إنّ صاحب الجواهر بعد ذكر الأدلّة المتقدّمة ، ونقل كلام الانتصار في الردّ على ابن الجنيد قال: ولكنّ الإنصاف أنّه ليس بتلك المكانة من الضعف ، ضرورة أنّ البحث في أنّ العلم من طرق الحكم والفصل بين المتخاصمين ولو من غير المعصوم في جميع الحقوق أو لا ، وليس في شيء من الأدلّة المذكورة ـ عدا الإجماع منها ـ دلالة على ذلك ، والأمر بالمعروف ووجوب إيصال الحقّ إلى مستحقّه ، بل كون العلم حجّة على من حصل له يترتّب عليه سائر التكاليف الشرعية لا يقتضي كونه من طرق الحكم ، بل أقصى ذلك ما عرفت ، وأنّه لا يجوز له الحكم بخلاف علمه ، بل لعلّ أصالة عدم ترتّب آثار الحكم عليه يقتضي عدمه(1) .
وهذا الكلام منه عجيب جدّاً ; لأنّ ملاحظة الأدلّة المتقدّمة تقتضي لزوم الحكم على طبق العلم وإحقاق الحقوق بسببه ، سواء كان لله أو للناس ، أفليس مقتضى الآيات الدالّة على لزوم الحكم بالحقّ أو بالقسط أو بالعدل ذلك ؟ وهل يمكن أن يتوهّم أنّ مقتضاها مجرّد عدم جواز الحكم بخلاف علمه ؟ إلاّ أن يقال: بأنّ صاحب الجواهر لم يتعرّض لهذا الوجه ، وهل ليس مقتضى الدليل الوارد في الزنا والسرقة والآيات الدالّة على حكمهما لزوم إجراء الحدّ بعد ثبوتهما بالعلم؟ ، كما أنّ مقتضى استفادة الملاك من اعتبار البيّنة التي يجب القضاء على طبقها لزوم ترتيب الآثار على العلم الذي هو أقوى منها ، وهكذا سائر الأدلّة المتقدّمة .
نعم ، قد عرفت المناقشة في الاستدلال بالإجماع الذي استثناه صاحب الجواهر

  • (1) جواهر الكلام: 40/89 .


(الصفحة 269)

هنا ، وزعم أنّ دلالته وحجّيّته غير قابلة للمناقشة ، وأنّه لا أصالة له بعد وجود الأدلّة المتكثّرة والوجوه المتعدّدة .
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا تماميّة جلّ الأدلّة التي استدلّ بها على جواز حكم الحاكم بعلمه .
وأما ما استدلّ به على عدم الجواز فوجوه أيضاً:
منها: اقتضاء الحكم على طبق العلم التهمة وسوء الظنّ ، وأنّه يوجب تزكية النفس ، وأنّ بناء حدود الله على الستر والممنوعيّة .
والجواب تحقّق التهمة في مورد البيّنة أيضاً، خصوصاًمع كون تشخيص صلاحيّتها وعدمها بيد الحاكم ، مضافاً إلى أنّ شرط العدالة والاجتهاد في القاضي يرفع هذه الاُمور ، وتزكية النفس إنّما تحصل بنفس الجلوس في منصب القضاء ، وكون بناء الحدود على المسامحة إنّما هو في صورة الشُّبهة ، ولا وجه له مع الثبوت بالعلم .
ومنها: الروايات الدالّة على أنّ البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر ، كصحيحة جميل وهشام ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): البيّنة على من ادّعى واليمين على من ادّعي عليه(1) . ومرسلة الصدوق قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ، والصلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالا(2) .
والجواب ظهور كون هذه الروايات إنّما هي في مقام بيان أنّ صرف الدعوى والإنكار لا يكون منشأً للأثر ، بل اللازم اقترانه بالبيّنة أو اليمين ، والاقتصار عليهما

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 170 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب3 ح1 .
  • (2) وسائل الشيعة: 18 / 171 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب3 ح5 .


(الصفحة 270)

لا دلالة له على الحصر ; لعدم ثبوت المفهوم له بوجه ، ويمكن أن يكون الوجه فيه الغلبة ; لكون وجود العلم إنّما هو في بعض الموارد أحياناً ، كما لا يخفى .
ومنها: ما ظاهره حصر الحكم في البيّنات والأيمان ، كصحيحة هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان ، وبعضكم ألحن بحجّته من بعض ، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له به قطعة من النار(1) .
والاستدلال بها مبنيّ على إثبات كون الحصر حقيقيّاً ناظراً إلى إنحصار طريق الحكم في البيّنات والأيمان ، بمعنى عدم تحقّق القضاء بدونهما ولو كان هناك علم ، مع أنّه يحتمل قويّاً أن يكون الحصر إضافياً ناظراً إلى نفي كون مجرّد الدعوى والإنكار منشأً للأثر ، كالروايات المتقدّمة ، من دون أن يكون لها نظارة إلى نفي العلم أيضاً ، ويؤيّده قوله(صلى الله عليه وآله): «وبعضكم ألحن . . . » فإنّ ظاهره أنّ مجرّد الألحنيّة وإفادة المقصود مقرونة بحسن البيان وجودة التفهيم والألفاظ ، والكلمات الجالبة لا يوجب الحكم على طبقه ، بل اللازم الاقتران بالبيّنة واليمين ، وكذا قوله(صلى الله عليه وآله) في ذيل الحديث: «فأيّما رجل . . .» فإنّ ظاهره أنّ الملاك هو الواقع ، وأنّه لا يترتّب على البيّنة واليمين أيضاً الحلّية إذا كانتا مخالفتين للواقع ، فتدبّر .
ومنها: قول أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما في بعض الروايات: من أنّ أحكام المسلمين على ثلاثة: شهادة عادلة ، أو يمين قاطعة ، أو سنّة ماضية من أئمّة الهدى (عليهم السلام)(2) .
والظّاهر أنّ دلالته على الجواز أكثر من دلالته على العدم ; لأنّ مقتضى السنّة

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 169 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب2 ح1 .
  • (2) وسائل الشيعة: 18 / 168 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب1 ح6 .