جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 31)

أمّا من الجهة الأولى ، فربّما يقال: إنّ الزنا قد فسر بالفجور ، ومن الظاهر أنّه يعتبر في تحقّق مفهومه وصدقه احراز عدم الاستحقاق ، كالغصب في الأموال ، فلا يثبت على الواطئ بالشبهة حدّ مع عدم صدق الزنا .
وهذا القول وإن كان تامّاً في الجملة ، إلاّ أنّ منع صدق الزنا في جميع موارد الشبهة حتّى ما إذا كان هناك جهل عن تقصير محلّ تأمّل ، والعمدة في هذه الجهة الروايات الكثيرة الدالّة على أنّ الشبهة دارئة للحدّ:
منها: مرسلة الصدوق قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إدرأوا الحدود بالشبهات ، ولا شفاعة ولا كفالة ولا يمين في حدّ»(1) .
وقد مرّت الإشارة مراراً إلى اعتبار هذا النحو من الإرسال ، خصوصاً إذا كان مرسلها مثل الصدوق ، والرواية شاملة لجميع الحدود ، كما أنّها تشمل الشبهة الموضوعيّة والحكميّة معاً ، كما لا يخفى .
ومنها: صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لو أنّ رجلا دخل في الإسلام وأقرّ به ، ثم شرب الخمر وزنى وأكل الربا ، ولم يتبيّن له شيء من الحلال والحرام لم أقم عليه الحدّ إذا كان جاهلا ، إلاّ أن تقوم عليه البيّنة أنّه قرأ السورة التي فيها الزنا والخمر وأكل الربا ، وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته ، فإن ركبه بعد ذلك جلدته وأقمت عليه الحدّ(2) . وهذه الرواية واردة في الشبهة الحكمية ، والمراد من الحدّ فيها أعمّ من التعزير ; لعدم ثبوت الحدّ الخاصّ في مورد أكل الربا ، وقريب منها صحيحتا محمّد بن مسلم ، وأبي عبيدة الحذّاء ، إلاّ أنّ فيهما: إلاّ أن تقوم عليه بيّنة أنّه

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 336 ، أبواب مقدّمات الحدود ب14 ح4 .
  • (2) وسائل الشيعة: 18 / 323 ، أبواب مقدّمات الحدود ب14 ح1 .


(الصفحة 32)

قد كان أقرّ بتحريمها(1) .
ومنها: رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة تزوّجها رجل فوجد لها زوجاً ، قال: عليه الجلد وعليها الرجم ، لأنّه تقدّم بعلم وتقدّمت هي بعلم وكفّارته إن لم يقدم إلى الإمام أن يتصدّق بخمسة أصيع دقيقاً(2) . ولولا الجواب لكان الظاهر من السؤال الجهل بوجود الزوج ، وكيف كان فهي تدلّ بالظهور على سقوط الحدّ مع عدم العلم ، وموردها الشبهة الموضوعية .
ومنها: صحيحة عبدالصمد بن بشير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث إنّ رجلاً أعجمياً دخل المسجد يلبّي وعليه قميصه ، فقال لأبي عبدالله (عليه السلام): إنّي كنت رجلا أعمل بيدي واجتمعت لي نفقة ، فحيث أحجّ لم أسأل أحداً عن شيء ، وأفتوني هؤلاء أن أشقّ قميصي وأنزعه من قبل رجلي وإنّ حجي فاسد وإنّ عليَّ بدنة؟ فقال له: متى لبست قميصك أبعدما لبّيت أم قبل؟ قال: قبل أن ألبّي ، قال: فأخرجه من رأسك فإنّه ليس عليك بدنة ، وليس عليك الحجّ من قابل ، أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه ، طف بالبيت سبعاً وصلّ ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) واسع بين الصفا والمروة وقصّر من شعرك ، فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهلَّ بالحج واصنع كما يصنع الناس(3) .
والمراد من قول السائل: «لم أسأل أحداً عن شيء» هل هو عدم السؤال لأجل عدم الالتفات وعدم التوجّه وتخيّل العلم بطريق الحج وكيفيّته ؟ أو عدم السؤال مع الالتفات والتوجّه إلى الجهل ؟ ويمكن أن يكون الوجه فيه على هذا الاحتمال عدم

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 324 ، أبواب مقدّمات الحدود ب14 ح2 و3 .
  • (2) وسائل الشيعة: 18 / 397 ، أبواب حدّ الزنا ب27 ح5 .
  • (3) وسائل الشيعة: 9 / 125 ، كتاب الحجّ أبواب تروك الإحرام ب45 ح3 .


(الصفحة 33)

التمكّن من ملاقاة الإمام (عليه السلام) وأصحابه العالمين بأنظاره، وإن كان متمكّناً من المراجعة إلى مراجع الناس وعلمائهم ، وهذه الرواية شاملة لكلتا الشبهتين كما لا يخفى .
وأمّا من الجهة الثانية ، الراجعة إلى مفهوم الشبهة ومعناها فنقول: قال صاحب الرياض: وضابطها ـ يعني الشبهة ـ ما أوجبت ظنّ الإباحة بلا خلاف أجده(1) ، وهل مراده بالظنّ العلم كماربّما فسّر كلامه به ، والتعبير منه به لأجل مخالفته للواقع كما هو المفروض ، أو أنّ مراده به أعمّ من العلم والظنّ في مقابل الاحتمال؟ وجهان ، والظاهر هو الثاني .
وعن بعض في تعريف الوطء بالشبهة: أنّه الوطء الذي ليس بمستحقّ مع عدم العلم بالتحريم ، ومقتضاه كفاية مجرّد احتمال الإباحة في تحقّق معنى الشبهة وإن كان مساوياً أو مرجوحاً ، فضلا عمّا إذا كان راجحاً .
وعرّفه العلاّمة الطباطبائي(قدس سره) في محكيّ مصابيحه: أنّه الوطء الذي ليس بمستحق في نفس الأمر مع اعتقاد فاعله الاستحقاق ، أو صدوره عنه بجهالة مغتفرة في الشرع ، أو مع ارتفاع التكليف بسبب غير محرّم ، والمراد بالجهالة المغتفرة أن لا يعلم الاستحقاق ، ويكون النكاح مع ذلك جائزاً ، كما لو اشتبه عليه ما يحلّ من النساء بما يحرم منهنّ مع عدم الحصر ، أو عوّل على إخبار المرأة بعدم الزوج أو انقضاء العدّة ، أو على شهادة العدلين بطلاق الزوج أو موته ، إلى غير ذلك من الصور التي لا يقدح فيها احتمال عدم الاستحقاق شرعاً وإن كان قريباً أو مظنوناً ، وبارتفاع التكليف إلى آخره ، الجنون والنوم ونحوهما ، دون ما كان بسبب محرّم

  • (1) رياض المسائل: 10/8 .


(الصفحة 34)

كشرب الخمر المسكر ، فإنّه بحكم الزاني في تعلّق الحدّ وغيره(1) .
ومقتضى هذا التعريف عدم كفاية مجرّد احتمال الإباحة ، بل وعدم كفاية الظنّ إذا لم يقم دليل شرعيّ على اعتباره حتّى يكون جهالة مغتفرة ، فهنا احتمالات ثلاثة في مفهوم الشبهة ومعناها ، وظاهر المتن اختيار الاحتمال الثالث .
أقول: ما أفاده العلاّمة الطباطبائي(قدس سره) في ضابط الشبهة يرجع إلى أنّ موردها ما إذا لم يكن التكليف التحريمي فعليّاً ، إمّا لوجود اعتقاد الخلاف ، وإمّا لوجود الحجّة الشرعية على الخلاف ، وإمّا لوجود مثل النوم ممّا لا يكون التكليف معه بفعليّ أصلا ، وعليه فالشبهة الدارئة للحدّ ما كانت منافية لفعليّة التكليف ورافعة لها ، فالملازمة متحقّقة بين مقام ثبوت التكليف ومورد ثبوت الحدّ ، فكلّ مورد يكون التكليف فعليّاً فالحدّ يترتّب عليه ، وكلّ مورد ترتفع فعليّة التكليف فالحدّ ساقط .
مع أنّ الظاهر أنّ قول النبي(صلى الله عليه وآله) في مرسلة الصدوق المتقدّمة: إدرأوا الحدود بالشبهات . يفيد أمراً زائداً على ذلك ، ومرجعه إلى أنّ مقام إجراء الحدود وإثبات المجازات أضيق دائرة من مقام ثبوت التكليف ، ولعلّ الحكمة فيه حفظ أعراض الناس وحيثياتهم، وعدم التعرّض لها إلاّ في موارد العلم بالحرمة وقيام الحجّة عليها.
ويؤيّد ما ذكرنا اعتبار العلم بالحرمة في جملة شروط ثبوت الحدّ في مورد الزنا كما تقدّم البحث فيه ، فإنّ اعتبار العلم بالحرمة ووجود الحجّة عليها ـ أعمّ من القطع أو الأمارة المعتبرة أو الأصل الشرعي ـ مرجعه إلى عدم ثبوت الحدّ مع عدم الحجّة على التحريم ، وإن لم يكن هناك دليل على الحلّية أصلا ، وإلاّ فلو كان الرافع للحدّ وجود طريق معتبر على الحلّية لما كان وجه لاعتبار العلم بالحرمة في ثبوت

  • (1) حكى عن نكاح المصابيح في جواهر الكلام: 41 / 263 .


(الصفحة 35)

الحدّ ، كما لا يخفى .
ويؤيّده أيضاً التعليل المتقدّم في رواية أبي بصير ، المذكورة في الجهة الاُولى ، وهو قوله (عليه السلام): «لأنّه تقدّم بعلم وتقدّمت هي بعلم » فإنّ ظاهره أنّ العلّة لثبوت الحدّ من الجلد والرجم هو وجود الحجّة على الحرمة وثبوت العلم بها ، فينتفي مع انتفاء العلّة وهي العلم ، ومقتضاه سقوط الحدّ وإن لم تكن حجّة على الحلّية .
كما أنّه يؤيّده أيضاً استثناء بعض صور الجهل عن تقصير كما في المتن ، فإنّ مرجعه إلى أنّ دائرة سقوط الحدّ أضيق من دائرة ثبوت التكليف وتحقّق الإثم والعصيان ، كما هو مقتضى كون الجهل عن تقصير .
وآخر ما يؤيّد ما ذكرنا ظهور رواية درء الحدّ في مورد الشبهة في كون موضوع الزنا ثابتاً مع الشبهة ، ومع ذلك يدرأ الحدّ بها ، وما جعل ضابطاً مرجعه إلى عدم تحقّق حقيقة الزنا الذي فسّر بالفجور ، ومثله في موارد الشبهة ، وذلك لوضوح عدم تحقّق الفجور والفاحشة ومثلهما مع اعتقاد الخلاف أو وجود الحجّة الشرعية على الحلّية ، أو وجود مثل النوم .
وأمّا ما في ذيل صحيحة يزيد الكناسي المتقدّمة(1) من الحكم بثبوت الحدّ في مورد العلم بأصل العدّة والشكّ في مقدارها ، معلّلا بقوله (عليه السلام): «إذا علمت أنّ عليها العدّة لزمتها الحجّة فتسأل حتّى تعلم» فلا دلالة له على خلاف ما ذكرنا ، نظراً إلى ظهورها في ثبوت الحدّ مع الجهل ، وذلك لأنّ الحكم بذلك إنّما هو لوجود الحجّة على التحريم ، وهو استصحاب بقاء العدّة مع الشكّ في مقدارها ، فتدبّر .
فالإنصاف بملاحظة ما ذكرنا رجحان ما أفاده صاحب الرياض ، من كون الملاك في الشبهة هو الظنّ بالإباحة لو لم نقل بشمولها لصورة الاحتمال أيضاً .

  • (1) في ص26 .