جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 456)

النبيذ مسكراً أصلا ، وعليه فمفاد الروايتين أنّ النبيذ غير المسكر لا يوجب ترتّب الحدّ ، فلا دلالة لهما على التفصيل في النبيذ بين القليل والكثير كما هو المدّعى ، والدليل على عود الضمير إلى النبيذ قوله (عليه السلام) في الرواية الثانية : وكلّ مسكر حرام ، ولو كان الضمير راجعاً إلى الشارب لكان المناسب التعبير بقوله : وكلّ من سكر يجب أن يجلد ، وعلى ما ذكرنا لا تصل النوبة إلى الحمل على التقيّة لأجل الموافقة للعامّة ، كما عن الشيخ(قدس سره) بعد نقل الروايتين(1) .
نعم ، هنا مرسلة للصدوق قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : إذا سكر من النبيذ المسكر والخمر جلد ثمانين(2) .
وربّما يحكم بطرحها من جهة إرسالها ، ولكن قد عرفت مراراً أنّ هذا النحو من الإرسال لا ينافي الاعتبار بوجه ، فاللاّزم إمّا الحكم بعدم ثبوت المفهوم للقضيّة الشرطية ، كما قد حقّقناه في الأصول ، وإمّا طرح الرواية من جهة عدم الفتوى على طبقها ولو من الصدوق نفسه ; لأنّه صرّح بعدم الفرق في الخمر بين صورة الإسكار وعدمه كما في عبارة المقنع المتقدّمة ، فانقدح أنّه لا فرق بين القليل والكثير من المسكر أصلا .
الثاني : ما إذا تحقّق الامتزاج بالغير ، بحيث صار الغير مستهلكاً فيه ، فإنّه لا إشكال فيه في ثبوت الحدّ ; لأنّ المفروض بقاء الاسم وصيرورة الغير مستهلكاً وفانياً فيه ، فيتحقّق شرب الخمر مثلا حقيقةً وهو يوجب الحدّ .
الثالث : ما إذا تحقّق الامتزاج بالغير بحيث لم يبق الإسم والعنوان بحاله ، بل كان

  • (1) التهذيب: 10 / 96، الإستبصار: 4 / 236.
  • (2) وسائل الشيعة: 18 / 470، أبواب حدّ المسكر ب4 ح8.


(الصفحة 457)

وصف الإسكار محفوظاً وباقياً ، فلا إشكال فيه أيضاً في ثبوت الحدّ بعد فرض إيجاب كلّ مسكر له ، كما تقّدم .
الرابع : ما إذا تحقّق الامتزاج بالغير ، بحيث صار مستهلكاً في الغير ولم يبق الاسم بحاله ، وزال وصف الإسكار بسبب الامتزاج ، فهل يجب فيه الحدّ أم لا؟ وجهان ، المعروف بين الأصحاب هو الثبوت(1) .
واستشكل فيه المحقّق الأردبيلي بعدم صدق اسم شرب الخمر فيما إذا امتزج قطرة من خمر بحبٍّ من ماء ، ولذا لم يحنث من حلف أن لا يشرب الخلّ ، أو يأكل الدهن ، أو التمر بشرب السكباج(2) ، وأكل الطبيخ الذي فيه دهن غير متميّز ، وأكل الحلوى التي فيها التمر(3) ، وتبعه على ذلك في كشف اللثام ، حيث قال في مثل الفرض : وإن لم يتناوله ما في النصوص من لفظ الشرب ، فكأنّه إجماعيّ(4) .
وأورد عليهما في الجواهر بأنّ المحرّم ذاتاً لا من حيث الاسم لا يتفاوت الحال بين قليله وكثيره ، بخلاف متعلّق اليمين الذي مدار الحكم فيه على صدق الفعل ، بل قوله (عليه السلام) : «قليلها وكثيرها حرام» قاض بذلك ، ضرورة عدم التقييد بالشرب ، وعدم تحديد القليل بشيء ، فيشمل الجزء ولو يسيراً ، وكذا ما اشتمل من النصوص على ضرب الثمانين بالنبيذ والخمر القليل والكثير من غير تقييد

  • (1) الجامع للشرائع: 557، قواعد الأحكام: 2 / 263، المهذّب البارع: 5 / 80، الروضة البهيّة: 9 / 197، رياض المسائل: 10 / 137.
  • (2) السِكباج ـ بكسر السين ـ : طعام معروف يصنع من خلّ وزعفران ولحم، مجمع البحرين: 2 / 857.
  • (3) مجمع الفائدة والبرهان: 13 / 185 ـ 186.
  • (4) كشف اللثام: 2 / 417.


(الصفحة 458)

بالشرب ، قال : وبالجملة فالمسألة خالية عن الإشكال(1) .
ويرد عليه : أنّ المراد من المحرّم ذاتاً إن كان هو عدم مدخلية العنوان في الحرمة بوجه ، فمن الظاهر أنّ الحكم إنّما تعلّق بالعنوان ، ولا مجال لبقائه بعد ارتفاعه ، فالخمر ما دام كونها خمراً محرّمة ، وإذا انقلبت خلاًّ وتغيّر عنوانها ترتفع الحرمة لا  محالة ولا وجه لبقائها ، وإن كان معنى لا ينافي المدخليّة ، فالمفروض في المقام ارتفاع العنوان وزوال الاسم ، وقوله (عليه السلام) : «قليلها وكثيرها حرام» يقضي بثبوت الحرمة ما دام كون العنوان الذي أضيف إليه القليل محفوظاً ، بحيث كان الموجود هو قليل الخمر ، وقد فرضنا الاستهلاك وعدم بقاء العنوان بوجه ، فالمسألة مشكلة إلاّ أن يكون هناك إجماع .
ثمّ إنّه لا إشكال في هذا الفرض في ثبوت الحرمة ، وعلّله في المتن بحدوث النجاسة لأجل الملاقاة في الممتزج وتحقّق الحرمة بذلك ، ولكنّ المستفاد من بعض الروايات عدم كون الحرمة مستندة إلى النجاسة ، وهي :
صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج قال: استأذنت لبعض أصحابناعلى أبي عبدالله (عليه السلام) ، فسأل عن النبيذ ، فقال : حلال ، فقال : أصلحك الله إنّما سألتك عن النبيذ الذي يجعل فيه العكر فيغلي حتّى يسكر ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : كلّ ما أسكر حرام ، فقال الرجل : إنّ من عندنا بالعراق يقولون : إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) عنى بذلك القدح الذي يسكر ، فقال أبو عبدالله(صلى الله عليه وآله) : إنّ ما أسكر كثيره فقليله حرام ، فقال له الرجل : فأكسره بالماء؟ فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : لا ، وما للماء يحلّ الحرام ، اتّق الله ولا تشربه(2) .

  • (1) جواهر الكلام: 41 / 452.
  • (2) وسائل الشيعة: 17 / 269، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة المحرّمة ب17 ح7.


(الصفحة 459)

مسألة 5 : لو اضطرّ إلى شرب المسكر لحفظ نفسه عن الهلاك أو من المرض الشديد فشرب ليس عليه الحدّ 1 .

مسألة 6 : لو شرب المسكر مع علمه بالحرمة وجب الحدّ ولو جهل أنّه موجب للحدّ . ولو شرب مائعاً بتخيّل أنّه محرّم غير مسكر فاتّضح أنّه مسكر لم

فإنّ قوله (عليه السلام) : «وما للماء يحلّ الحرام» ظاهرٌ في أنّ الحرمة ليست لأجل النجاسة ، بل لأجل عدم صلاحيّة الماء لتحليل الحرام ، إلاّ أن يقال : إنّ المفروض في السؤال هو الكسر بالماء ، وهو لا يشمل صورة الاستهلاك الموجب لإرتفاع العنوان بالكليّة ، ولكنّ الظاهر شموله لهذه الصورة أيضاً .
ثمّ على هذا التقدير يمكن جعل الصحيحة دليلا على ما هو المعروف من ثبوت الحدّ أيضاً في هذا المورد المفروض ; لأنّ الصحيحة وإن كانت ناظرة إلى بيان الحرمة ، إلاّ أنّه ليس المراد مجرّد الحرمة ولو لم يكن معها حدّ ، فإنّ المستفاد من مجموع قولي رسول الله(صلى الله عليه وآله) المحكيّين في الصحيحة ثبوت الحدّ أيضاً ، ويؤيّده جعل التسوية بين القليل والكثير في الحرمة في رواية إسحاق بن عمّار المتقدّمة في الفرع الأوّل دليلا على ثبوت الحدّ في شرب حسوة من خمر ، فتدبّر .

1 ـ عدم ثبوت الحدّ مع الاضطرار إلى شرب المسكر لحفظ النفس عن الهلاك أو المرض الشديد ; لأجل أنّه لا حرمة مع الاضطرار ، وظهور كون الموضوع في دليل الحدّ هو شرب المسكر في صورة الحرمة ; لأنّ الحدّ عقوبة للمخالفة وجزاء على المعصية ، ولا يترتّب على الشرب غير المحرّم ، سيّما إذا كان واجباً ، كما إذا توقّف عليه حفظ النفس عن الهلاك ، مع أنّه يمكن أن يقال باقتضاء حديث الرفع رفع جميع الآثار التي منها الحدّ ; لعدم الفرق بينه وبين الحرمة في ذلك .

(الصفحة 460)

يثبت الحدّ عليه ، ولو علم أنّه مسكر وتخيّل أنّ الموجب للحدّ ما أسكر بالفعل فشرب قليله ، فالظاهر وجوب الحدّ1.

1 ـ في هذه المسألة فروع :
الأوّل : لو شرب المسكر مع العلم بالحرمة والجهل بترتّب الحدّ عليه ، وقد حكم فيه في المتن بثبوت الحدّ ، وذلك لتحقّق الموضوع لدليل الحدّ وهو شرب المسكر مع العلم بالحرمة ، ولا دلالة على اختصاص ترتّب الحدّ بصورة العلم به ، وليس هو حكماً تكليفيّاً يتوقّف فعليّته على العلم به ، بل وظيفة للحاكم لابدّ من إجرائها مع ثبوت الموضوع .
الثاني : لو شرب مائعاً بتخيّل أنّه محرّم غير مسكر ، مثل ما إذا كانت الحرمة لأجل النجاسة بسبب الملاقاة مع النجس فاتّضح أنّه مسكر ، وقد حكم فيه في المتن بعدم ثبوت الحدّ عليه ، والوجه فيه عدم إحراز الموضوع ، ومجرّد العلم بالحرمة لا يوجب تحقّقه ، لأنّ الموضوع هو شرب المسكر مع العلم بالحرمة من هذه الحيثيّة ، فكما أنّه في المصاديق المشتبهة لا يكون حدّ لعدم إحراز الموضوع فكذلك هنا ، بل المقام أولى ; للعلم بعدم كونه مسكراً كما هو المفروض .
الثالث : لو علم أنّه مسكر وتخيّل أنّ الموجب للحدّ ما أسكر بالفعل فشرب قليله ، وقد استظهر فيه وجوب الحدّ ، والظاهر أنّ المفروض صورة العلم بأنّه لا فرق بين الكثير والقليل من جهة الحرمة . غاية الأمر تخيّله أنّ القليل ـ لأجل عدم كونه مسكراً ـ لا يترتّب عليه حدّ ، وأمّا لو فرض تخيّل الحلّية في القليل أيضاً فلا وجه لثبوت الحدّ ; للجهل بالحرمة وهو رافع له ، وممّا ذكرنا يظهر رجوع هذا الفرع إلى الفرع الأوّل . غاية الأمر ثبوت الجهل بالترتّب في خصوص القليل ،