جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 431)

الفصل الرابع



في



حدّ المسكر


والنظر في موجبه وكيفيّته وأحكامه

القول في موجبه وكيفيّته


مسألة 1 : وجب الحدّ على من تناول المسكر أو الفقّاع وإن لم يكن مسكراً ، بشرط أن يكون المتناول بالغاً عاقلا مختاراً عالماً بالحكم والموضوع ، فلا حدّ على الصبيّ والمجنون والمكره والجاهل بالحكم والموضوع أو أحدهما ، إذا أمكن الجهل بالحكم في حقّه1.

1 ـ ينبغي أن يتكلّم في هذه المسألة من جهات :
الأولى : في حرمة تناول المسكر أو مثله في الشريعة الإسلاميّة ، ولا خفاء فيها ; لدلالة الكتاب والسنّة والإجماع عليها ، بل ربّما تعدّ من ضروريّات الإسلام ، وسيأتي البحث في هذه الجهة ، ويستفاد من الروايات أنّ حرمة الخمر كانت ثابتة في جميع الشرائع والأديان ، ولا اختصاص لذلك بالإسلام ، ومن جملة الأدلّة
(الصفحة 432)

على ثبوت الحرمة الأدلّة الدالّة على ثبوت الحدّ على المتناول ، فإنّه لا معنى له مع عدم الحرمة كما هو واضح .
الثانية : يستفاد من المتن أنّ موجب الحدّ في المقام أمران :
أحدهما : تناول المسكر ، ولابدّ من البحث في العنوان المضاف إليه وهو المسكر ، والعنوان المضاف وهو التناول ، فنقول :
أمّا الأوّل : فربّما يقال ـ كما قيل ـ : بأنّ المسكر عبارة عمّا يحصل معه اختلال الكلام المنظوم وظهور السرّ المكتوم ، كما أنّه قيل : إنّه عبارة عمّا يغيّر العقل ، ويحصل معه سرور وقوّة النفس في غالب المتناولين ، أمّا ما يغيّر العقل لا غير فهو المرقد إن حصل معه تغيّب الحواسّ الخمس ، وإلاّ فهو المفسد للعقل كما في البنج(1) .
والحقّ أن عنوان المسكر كعنوان الخمر من العناوين العرفيّة التي لابدّ في تشخيصها من الرجوع إلى العرف ; لعدم الفرق بينه وبين سائر العناوين العرفيّة ، والعرف يفرق بين هذا العنوان وبين عنوان المرقد وعنوان المخدّر وسائر العناوين المشابهة ، فاللاّزم الرجوع إليهم .
وأمّا الثاني : فلا خفاء في صدق عنوان التناول وتحقّقه بالشرب الطبيعي ، كما أنّه لا خفاء في تحقّقه بالاصطباغ الذي هو عبارة عن جعل المسكر إداماً ، بأن يغمس الخبز فيه ويصبغ به ، كما يغمس بماء اللحم ويصبغ به ، كما أنّ الظاهر تحقّقه فيما إذا جعل الخمر في كبسول وبلعه ، وأمّا صورة الامتزاج فسيأتي البحث فيها عند تعرّض المتن إن شاء الله تعالى .
ولا شبهة في عدم صدق التناول في مثل التضميد والإطلاء ، بل والاحتقان ،

  • (1) راجع التنقيح الرائع: 4 / 365.


(الصفحة 433)

وأمّا في التسعّط وهو الإدخال في الأنف ، ففي المسالك العدم حيث لا يدخل الحلق(1) ، وفي القواعد الحدّ(2) ، وعلّله في كشف اللثام بأنّه يصل إلى باطنه من حلقه ، وبالنهي عن الاكتحال به ، والإسعاط أقرب منه وصولا إلى الجوف(3) .
والظاهر أنّه مع العلم بدخول الحلق والوصول إلى الجوف يتحقّق عنوان التناول ، ومع العلم بالعدم أو الشكّ في الدخول والوصول لا مجال للحدّ أصلا .
ولو عجن بالخمر مثلا عجيناً ، ففي محكيّ القواعد وجوب الحدّ(4) ، وفي محكيّ التحرير سقوطه ; لأنّ النار أكلت أجزاء الخمر ، ثمّ قال : نعم يعزّر(5) ، والظاهر أنّه لا يتحقّق عنوان التناول هنا عرفاً ، كما لا يقال لمن أكل الخبز الذي عجن عجينه بالماء : إنّه تناول الماء ، ولا فرق بينهما أصلا .
ثمّ الظاهر ثبوت الحدّ فيما إذا تحقّق الإسكار بسبب التزريق ; لصدق تناول المسكر ، نظير التزريق المرقد أو المخدّر الموجب لتحقّق الرقود والتخدير .
ثانيهما : الفقّاع وإن لم يكن مسكراً ، فإنّه أيضاً يوجب الحدّ ، وسيأتي التعرّض للروايات الدالّة على كلا الموجبين في شرح المسألة الثانية إن شاء الله .
ثمّ إنّ الدليل على اعتبار شرطيّة البلوغ والعقل والاختيار في ترتّب الحدّ قد تقدّم البحث عنه فيما سبق(6) ولا طائل تحت الإعادة .
وأمّا اعتبار العلم بالحكم والموضوع ، فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه مع الجهل

  • (1) مسالك الأفهام: 14 / 458.
  • (2) قواعد الأحكام: 2 / 264.
  • (3) كشف اللثام: 2 / 419.
  • (4، 5) قواعد الأحكام: 2 / 264، تحرير الأحكام: 2 / 227.
  • (6) في ص81 ـ 82.


(الصفحة 434)

بأحدهما ترتفع فعليّة الحرمة ، ولا مجال للحدّ مع عدم الفعلية . نعم ، في الجاهل المقصّر الملتفت القادر على السؤال والفحص يشكل الحكم ; لعدم ارتفاع الفعليّة بالإضافة إليه ، ووضوح كون ترّتّب الحدّ دائراً مدارها ـ الروايات الكثيرة الواردة في الجهل بالحكم ، مثل :
صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : لو أنّ رجلا دخل في الإسلام وأقرّ به ، ثمّ شرب الخمر وزنى وأكل الربا ، ولم يتبيّن له شيء من الحلال والحرام ، لم أقم عليه الحدّ إذا كان جاهلا ، إلاّ أن تقوم عليه البيّنة أنّه قرأ السورة التي فيها الزنا والخمر وأكل الربا ، وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته ، فإن ركبه بعد ذلك جلدته وأقمت عليه الحدّ(1) .
وصحيحة محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : رجل دعوناه إلى جملة الإسلام فأقرّ به ، ثمّ شرب الخمر وزنى وأكل الربا ، ولم يتبيّن له شيء من الحلال والحرام ، اُقيم عليه الحدّ إذا جهله؟ قال : لا ، إلاّ أن تقوم عليه بيّنة أنّه قد كان أقرّ بتحريمها(2) . ومثلها رواية أبي عبيدة(3) .
ورواية ابن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر ، فرفع إلى أبي بكر ، فقال له : أشربت خمراً؟ قال : نعم ، قال : ولم وهي محرّمة؟ قال : فقال له الرجل : إنّي أسلمت وحسن إسلامي ، ومنزلي بين ظهرانيّ قوم يشربون الخمر ويستحلّون ، ولو علمت أنّها حرام اجتنبتها ، فالتفت أبو بكر إلى عمر ، فقال : ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر : معضلة وليس لها إلاّ أبو الحسن ، فقال أبو بكر : ادع لنا عليّاً ، فقال عمر : يؤتى الحكم في بيته ، فقام والرجل

  • (1 ـ 3) وسائل الشيعة: 18 / 323 ـ 324، أبواب مقدّمات الحدود ب14 ح1 ـ 3.


(الصفحة 435)

مسألة 2 : لا فرق في المسكر بين أنواعه كالمتَّخذ من العنب : وهو الخمر ، أو التمر : وهو النبيذ ، أو الزبيب : وهو النقيع ، أو العسل : وهو البتع ، أو الشعير : وهو المزر ، أو الحنطة أو الذرّة أو غيرها ، ويلحق بالمسكر الفقّاع وإن فرض أنّه غير مسكر ، ولو عمل المسكر من شيئين فما زاد ففي شربه حدّ 1.

معهما ومن حضرهما من الناس حتّى أتوا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فأخبراه بقصّة الرجل وقصّ الرجل قصّته، فقال: أبعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار، من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ، ففعلوا ذلك به ، فلم يشهد عليه أحد بأنّه قرأ عليه آية التحريم ، فخلّى سبيله ، فقال له : إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد(1) . وروى نحوها أبو بصير(2) .
ويظهر منها(3) أنّها كانت أوّل قضيّة قضى بها بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، كما أنّه يظهر منها حضور سلمان الفارسي في هذه القصّة ، وأنّه قال لعلي (عليه السلام) : لقد أرشدتهم ، فقال على (عليه السلام) : إنّما أردت أن اُجدّد تأكيد هذه الآية فيّ وفيهم {أَفَمَنْ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}(4) .

1 ـ الدليل على عدم الفرق في المسكر بين أنواعه وعدم اختصاص الحدّ بالخمر روايات متعدّدة ، مثل :
صحيحة أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كلّ مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحدّ(5) .

  • (1، 2) وسائل الشيعة: 18 / 475، أبواب حدّ المسكر ب10 ح1.
  • (3) أي من رواية أبي بصير، المرويّة في الكافي: 7 / 249 ح4.
  • (4) سورة يونس 10: 35.
  • (5) وسائل الشيعة: 18 / 473، أبواب حدّ المسكر ب7 ح1.