جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 96)

مسألة 4: من أقرّ على نفسه بما يوجب الحدّ ولم يعيّن لا يكلّف بالبيان ، بل يجلد حتّى يكون هو الذي ينهى عن نفسه ، به وردت رواية صحيحة ، ولا بأس بالعمل بها ، وقيّده قوم بأن لا يزيد على المائة ، وبعض بأن لا ينقص عن ثمانين1.

الإطلاق ; لأنّه ظاهر فيه ، والأصل عدم الشبهة والإكراه(1) ، فيرد عليه منع الظهور لأنّ الظهور المزبور إنّما هو ظهور في بادئ النظر ، والمعيار في تشخيص المراد ، وإن كان هو المتفاهم عند العرف ، إلاّ أنّ المراد هو ما يفهمه العرف بالنظر الدقيق عنده ، لا ما يخطر ببالهم بدواً ، ومن الواضح أنّ العرف لا يرى الملازمة ، ولا يحكم باستلزام زناه لزناها ، وأمّا أصالة عدم الشبهة والإكراه ، فلا يثبت موضوع القذف حتّى يترتّب عليه آثاره .
وقد انقدح أنّ الأشبه ـ كما في المتن ـ عدم ثبوت حدّ القذف ، نعم لا بأس بالحكم بثبوت التعزير عليه بسبب إيذائه المرأة وهتكه لعرضها عرفاً بمجرّد جعلها في معرض الاحتمال وذكرها عند الناس ، هذا في الصورة الاُولى .
وأمّا الصورة الثانية: فلا خفاء في ثبوت حدّ القذف فيها ، للتصريح بكونها زانية ، والتقييد بقوله(قدس سره): «بزنائي» ليس لأجل مدخلية ذلك في ترتّب حدّ القذف ، بل لأجل المناسبة مع ما هو المفروض في المسألة ، وإلاّ فمن الواضح أنّ مجرّد نسبة الزنا إليها ولو لم يكن مرتبطاً به موجب لترتّب حدّ القذف .

1 ـ وقد عنون المسألة في الشرائع بقوله: «ولو أقرّ بحدٍّ ولم يبيّنه . . .»(2) وهو

  • (1) مسالك الأفهام: 14/345 .
  • (2) شرائع الإسلام: 4/934 .


(الصفحة 97)

الأظهر ; لأنّ الكلام ليس فيمن أقرّ على نفسه بشيء يوجب الحدّ كالزنا ونحوه ، غاية الأمر عدم تعيينه بعد وضوح عدم إيجاب بعض الأمور للحدّ إلاّ مع الإقرار أربعاً أو مرّتين ، بل البحث إنّما هو فيمن أقرّ بثبوت حدّ عليه بحيث لو عيّنه لترتّب عليه ذلك الحدّ المعيّن ، كمن أقرّ بثبوت حدّ الزنا بدون الإحصان عليه ، فإنّ الظاهر أنّه يثبت بهذا الإقرار بمجرّده ، ولا يتوقّف على التعدّد ، فالكلام إنّما هو فيمن أقرّ بحدّ على سبيل الإجمال ولم يعيّن ذلك الحدّ بوجه ، فنقول:
يقع الكلام أوّلا في أنّ هذا الإقرار الإجمالي يترتّب عليه أثر ، ويؤخذ المقرّ بسببه ، أو لا يترتّب عليه أثر ، ووجوده كالعدم؟ ربّما يقال بالثاني ، نظراً إلى أنّه مقتضى الأصل ، وإلى أنّ الحدود تدرأ بالشبهات ، وإلى مثل قصّة ماعز المتقدّمة(1)المشتملة على ترديد جزم المقرّ وإيجاد الاحتمال له من جهة عدم تحقّق الدخول ، بل تحقّق التقبيل ، أو التغميز ، أو النظر ، فكيف بالساكت ، وإلى رواية أنس بن مالك قال: كنت عند النبي(صلى الله عليه وآله) فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إنّي أصبت حدّاً فأقمه عليّ ، قال: ولم يسأله عنه ، قال: وحَضَرتِ الصلاة فصلّى مع النبي(صلى الله عليه وآله) فلمّا قضى النبيّ(صلى الله عليه وآله)الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إنّي أصبت حدّاً فأقم فيَّ كتاب الله ، قال: أليس قد صلّيت معنا؟ قال: نعم ، قال: فإنّ الله قد غفر لك ذنبك ـ أو قال: ـ حدّك(2) .
وإلى قوله(صلى الله عليه وآله): «من أتى من هذه القاذورات شيئاً فستر ستره الله ، وإنّ من بدا صفحته أقمنا عليه الحد»(3) .

  • (1) في ص84 .
  • (2) صحيح البخاري: 8/30 ح6823 .
  • (3) سنن البيهقي: 8/330 .


(الصفحة 98)

وإلى قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذيل الرواية المتقدّمة المشتملة على قصّة رجل أتاه بالكوفة وأقرّ بالزنا أربعاً: «ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الملأ ، أفلا تاب في بيته ، فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحدّ»(1) .
ولكنّ الظاهر أنّه لا مجال للأصل مع عموم دليل الإقرار ونفوذه ، وليس هنا شبهة في أصل ثبوت الحد مع تعلّق الإقرار به حتّى يدرأ الحدّ بها ، وقصّة ماعز تدلّ على أنّه(صلى الله عليه وآله) ردّده حتّى لا يتحقّق الإقرار أربعاً الذي هو يوجب الحدّ ، فلا يرتبط بالمقام الذي أقرّ بحدّ ثابت عليه شرعاً ، ورواية أنس فاقدة للاعتبار ; لأنّها ليست من طرقنا ، وقول الرسول فيمن أتى بشيء من القاذورات ، لا دلالة فيه على كون المقام من مصاديق الستر ، فلم لا يكون من مصاديق من بدا صفحته ، خصوصاً مع ملاحظة كون الإقرار على سبيل الإجمال يجعل المقرّ في معرض الاحتمال الذي هو منتف في الإقرار بنحو التفصيل ، فإنّ من أقرّ بثبوت حدّ الزنا بدون الإحصان عليه أبدى أم من أقرّ بنحو الإجمال الذي يجري فيه احتمال الزنا مع الإحصان واللواط وأشباههما .
والرواية الأخيرة أيضاً لا شهادة فيها على حكم المقام الذي تحقّق فيه الإقرار ، وعليه فمقتضى القاعدة ترتّب الأثر على هذا الإقرار ، ويؤيّده ما دلّ من الروايات الكثيرة على عدم جواز تعطيل شيء من الحدود الإلهية ، فلا فرق بين المقام وبين ما لو أقرّ على سبيل الإجمال بحقّ لآدمي ، والحكم على وفق القاعدة في المقامين أنّه يكلّف المقرّ بالبيان لإجراء الحدّ ولإحقاق الحقّ .

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 327 ، أبواب مقدّمات الحدود ب16 ح2 .


(الصفحة 99)

نعم ، وردت في المقام رواية رواها الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر ، عن أمير المؤمنين (عليهما السلام) في رجل أقرّ على نفسه بحدّ ولم يسمّ أيّ حدّ هو ، قال: أمر أن يجلد حتّى يكون هو الذي ينهى عن نفسه في الحدّ . ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران(1) .
وربّما نوقش في السند تارة ـ كما عن المسالك ـ باشتراك محمّد بن قيس بين الثقة وغيره(2) . واُخرى ـ كما عن مجمع البرهان ـ بأنّ في سنده سهلا(3) . ولكنّ المناقشة مدفوعة ـ مضافاً إلى عدم وقوعهما في كلا الطريقين ، بل وقوع الثاني في الطريق الأوّل فقط كما عرفت ـ أنّ محمّد بن قيس الذي يروي عنه عاصم بن حميد هو محمّد ابن قيس الثقة ، وقد اشتهر أنّ الأمر في سهل سهلٌ ، مضافاً إلى الفتوى على طبق الرواية من مثل الشيخ في النهاية(4) والقاضي(5) وجمع من المتأخّرين(6) إستناداً إلى كون الرواية صحيحة ، فلا مجال للمناقشة فيها من حيث السند .
وأورد في المسالك على الرواية ـ مضافاً إلى ما عرفت من المناقشة في سندها ـ باستلزامها أنّه لو أنهى عن نفسه فيما دون الحدود المعلومة قبل منه ، وليس هذا حكم الحدّ ولا التعزير ، وأيضاً فإنّ من الحدود ما يتوقّف على الإقرار أربع مرات ،

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 318 ، أبواب مقدّمات الحدود ب11 ح1 .
  • (2) مسالك الأفهام: 14/346 .
  • (3) مجمع الفائدة والبرهان: 13/32 .
  • (4) النهاية: 702 ـ 703 .
  • (5) المهذّب: 2/529 .
  • (6) قواعد الأحكام: 2/250 ، التنقيح الرائع: 4/334 ، رياض المسائل: 10/23 ـ 24 .


(الصفحة 100)

ومنها ما يتوقّف على الإقرار مرّتين ، ومنها ما يثبت بمرّة ، فلا يتم إطلاق القول بجواز بلوغ المائة مع الإقرار دون الأربع ، وبلوغ الثمانين بدون الإقرار مرّتين ، وأيضاً فهي معارضة برواية أنس التي تشاركها في الضعف . وأيضاً فإنّ الحدّ كما قد علم يطلق على الرجم وعلى القتل بالسيف ، والإحراق بالنار ، ورمي الجدار عليه ، ونحو ذلك ، ثمّ الجلد يختلف كمّية وكيفيّة ، فحمل مطلقه على الجلد غير مناسب للواقع ، ولا يتمّ معه إطلاق أنّ الإقرار أربع مرّات يجوز جلد المائة(1) .
والجواب عنه أنّه بعد ما مرّ من كون محلّ البحث في المقام هو ما لو أقرّ بحدّ ثابت ، غاية الأمر كون الإقرار على سبيل الإجمال ، في مقابل ما لو أقرّ بحدّ على سبيل التفصيل ، الذي يكفي فيه الإقرار مرّة واحدة ، وإن كان أصل ثبوته متوقّفاً على تعدّد الإقرار مرّتين أو أربعاً ، وبعد كون الرواية صحيحة من حيث السند لا محيص عن الأخذ بالرواية والحكم على طبقها ; لأنّ مفادها حكم تعبّدي وارد في مورد خاصّ ، وإن كانت القاعدة تقتضي خلافه ; لعدم اشتراط اعتبار الرواية الصحيحة والأخذ بها بعدم كونها مخالفة للقاعدة ، فإن قطع النظر عن المناقشة في سندها وسُلِّم صحّتها كما هو الحقّ لا يبقى مجال للمناقشة في دلالتها فيما هو مورد البحث ، والحكم بثبوت الجلد حتّى ينهى عن نفسه .
وإن شئت قلت: إنّ مفاد الرواية ثبوت حدٍّ خاصّ في خصوص موردها ، وإن كان مغائراً لسائر الحدود ، ولا دليل على مساواة الإقرار بنحو الإجمال لغيره من الموارد في الحكم .

  • (1) مسالك الأفهام: 14/346 ـ 347 .