جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 475)

مسألة 2 : من شرب الخمر مستحلاًّ لشربها أصلا وهو مسلم استتيب ، فإن تاب اُقيم عليه الحدّ ، وإن لم يتب ورجع انكاره إلى تكذيب النبيّ (صلى الله عليه وآله) قتل ، من غير فرق بين كونه ملّياً أو فطرياً ، وقيل : حكمه حكم المرتدّ لا يستتاب إذا ولد على الفطرة ، بل يقتل من غير استتابة ، والأوّل أشبه ، ولا يقتل مستحلّ شرب غير الخمر من المسكرات مطلقاً ، بل يحدّ بشربه خاصّة مستحلاًّ كان له أو محرّماً، وبائع الخمر يستتاب مطلقاً، فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب ورجع استحلاله إلى تكذيب النبيّ (صلى الله عليه وآله) قتل ، وبائع ما سواها لا يقتل وإن باعها مستحلاًّ ولم يتب1.

بالقيء إنّما يترتّب عليها الأثر في هذه الصورة ، ولا يكون الحكم في الرواية على خلاف القاعدة حتّى لا يجوز التعدّي من موردها إلى غيره .

1 ـ تشتمل هذه المسألة على فروع متعدّدة :
الأوّل : من شرب الخمر مستحلاًّ لشربها وهو مسلم ، وفيه قولان كما في المتن ، الأوّل : محكيّ عن المقنعة(1) والنهاية(2) والجامع(3) بل عن أتباع الشيخين(4) . بل عن العلاّمة في المختلف الميل إليه(5) والثاني : عن التقي(6) بل المتأخّرين كما في المسالك(7) . والمحقّق في الشرائع اختار القول الأوّل ، ولكنّه بعد نقل القول الثاني

  • (1 ـ 3) المقنعة: 799، النهاية: 711، الجامع للشرائع: 558.
  • (4) المهذّب: 2 / 535، الوسيلة: 416، فقه القرآن للراوندي: 2 / 379.
  • (5) انظر جواهر الكلام: 41 / 464، لكن يستفاد من عبارة العلاّمة في المختلف: 9 / 205 في ذيل مسألة 63 الميل إلى القول الثاني بقوله: «ولا بأس به» أي بقول التّقي (أبو الصلاح الحلبي)، كما نسب إليه في المهذّب البارع: 5 / 84 ـ 85 إختيار قول الثاني.
  • (6) الكافي في الفقه: 413.
  • (7) مسالك الأفهام: 14 / 469.


(الصفحة 476)

قال : وهو قويّ(1) .
والعمدة في هذا الفرع وجود روايتين :
إحداهما : ما رواه المفيد في الإرشاد قال : روت العامّة والخاصّة أنّ قدامة بن مظعون شرب الخمر فأراد عمر أن يحدّه ، فقال : لا يجب عليّ الحدّ ، إنّ الله يقول : {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَآمَنُوا}(2) فدرأ عنه عمر الحدّ ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فمشى إلى عمر فقال : ليس قدامة من أهل هذه الآية ، ولا من سلك سبيله في ارتكاب ما حرّم الله ; إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلّون حراماً ، فاردد قدامة فاستتبه ممّا قال ، فإن تاب فأقم عليه الحدّ ، وإن لم يتب فاقتله ، فقد خرج من الملّة ، فاستيقظ عمر لذلك وعرف قدامة الخبر ، فأظهر التوبة والإقلاع ، فدرأ عنه القتل ولم يدر كيف يحدّه ، فقال لعليّ (عليه السلام) : أشر علَيَّ ; فقال : حدّه ثمانين جلدة ، إنّ شارب الخمر إذا شربها سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فجلده عمر ثمانين جلدة(3) .
ثانيتهما : صحيحة عبدالله بن سنان قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : الحدّ في الخمر أن يشرب منها قليلاً أو كثيراً ، ثمّ قال : اُتي عمر بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر وقامت عليه البيّنة ، فسأل عليّاً (عليه السلام) فأمره أن يجلده ثمانين ، فقال قدامة : يا أمير المؤمنين ليس عليّ حدّ ، أنا من أهل هذه الآية : {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا . . .} فقال عليّ (عليه السلام) : لست من أهلها ، إنّ طعام أهلها

  • (1) شرائع الإسلام: 4 / 950.
  • (2) سورة المائدة 5: 93.
  • (3) وسائل الشيعة: 18 / 465، أبواب حدّ المسكر ب2 ح1.


(الصفحة 477)

لهم حلال ، ليس يأكلون ولا يشربون إلاّ ما أحلّ الله لهم ، ثمّ قال (عليه السلام) : إنّ الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب ، فاجلدوه ثمانين جلدة(1) .
وغير خفيّ أنّ قصّة قدامة كانت قصّة واحدة ، والمستفاد من الرواية الثانية التي هي صحيحة أنّ استدلال قدامة بالآية المذكورة فيها إنّما كان لنفي وجوب الحدّ عن مثله ، من دون أن يكون مستحلاًّ للشرب ، وجواب الإمام (عليه السلام) يرجع إلى أنّ الطعام الذي نفى الجناح فيه هو الطعام الحلال ، ففي الحقيقة كان منشأ توهّم قدامة راجعاً إلى أنّ الآية تنفي ترتّب الحدّ وإن كان الطعام محرّماً ، ومن الظاهر أنّ الحكم في مثله هو وجوب الحدّ دون القتل ، وقد مرّ في بعض المسائل المتقدّمة أنّه لا يشترط في الحكم بوجوب الحدّ علم الشارب بذلك ، بل المعتبر هو العلم بثبوت الحرمة في الشريعة ، ويدلّ على ما ذكرنا عدم وقوع التعرّض للاستتابة في هذه الرواية ، ففي الحقيقة لا ترتبط الرواية بمسألة الاستحلال أصلا .
وأمّا الرواية الاُولى ، فهي صريحة في تحقّق الارتداد بسبب الاستحلال ، ولزوم الاستتابة والقتل بعدها إذا لم يتب ، وحينئذ يقع الكلام بعد اختلاف الروايتين في نقل قصّة واحدة في لزوم الأخذ بالرواية الاُولى مع كونها مرسلة وإن لم يبلغ مرتبة الإرسال فيها إلى مثل قوله : روي ، وعدم ثبوت الشهرة الجابرة للضعف ، أو لزوم الأخذ بالرواية الثانية مع كونها صحيحة معتبرة ، وعدم كونها مخالفة للأصول والقواعد .
والظاهر أنّه لا يبقى مجال مع هذا الوصف للاتّكاء على الرواية الاُولى ، المخالفة للقاعدة من جهة الحكم بالاستتابة في المرتد الفطري أيضاً ، مع أنّه يقتل من دون

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 467، أبواب حدّ المسكر ب3 ح5.


(الصفحة 478)

استتابة . هذا ، مع أنّ اللازم أن يكون الحكم فيمن استحلّ الخمر من دون شرب أشدّ ممّن شربها مستحلاًّ إذا كان مرتدّاً فطريّاً ; لأنّ الظاهر عدم التعدّي عن مورد الرواية إلى المستحلّ من دون شرب ، والرجوع فيه إلى القاعدة المقتضية للقتل من دون استتابة ، فيلزم أن يكون أشدّ .
هذا ، مضافاً إلى أنّ الاستناد إليها لإطلاق الحكم في الفطريّ محلّ نظر ; لإمكان أن يكون ارتداده في مورد الرواية عن ملّة ، وإلى أنّ الظاهر أنّ الاستحلال الموجب للارتداد والخروج عن الملّة هو ما كان راجعاً إلى تكذيب النبي(صلى الله عليه وآله) وإنكار الرسالة ، ومن المعلوم أنّ استحلال قدامة على فرضه لم يكن كذلك .
وبالجملة : إذا كان مدرك المسألة هي الرواية ، فقد عرفت حالها وأنّه لا يثبت بها ما أفتى به الشيخان ومن تبعهما ، وإذا كان المدرك هو إمكان الشبهة ، فما الفرق بين المقام وبين سائر موارد إنكار الضروري الذي لا يحكم فيه بالاستتابة في المرتدّ الفطري . نعم ، لو كان منشأ الشبهة هو قرب العهد بالإسلام أو بعد بلده عن بلاد الإسلام يقبل مطلقاً ولو في غير المقام .
ويدلّ عليه في المقام رواية ابن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر ، فرفع إلى أبي بكر ، فقال له : أشربت خمراً؟ قال : نعم ، قال : ولِمَ وهي محرّمة؟ قال : فقال له الرجل : إنّي أسلمت وحسن إسلامي ، ومنزلي بين ظهرانيّ قوم يشربون الخمر ويستحلّون ، ولو علمت أنّها حرام اجتنبتها ، فالتفت أبو بكر إلى عمر ، فقال : ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر : معضلة وليس لها إلاّ أبو الحسن ، فقال أبو بكر : اُدع لنا عليّاً ، فقال عمر : يؤتى الحكم في بيته ، فقام والرجل معهما ومن حضرهما من الناس حتّى أتوا أمير المؤمنين (عليه السلام)فأخبراه بقصّة الرجل وقصّ الرجل قصّته ، فقال : ابعثوا معه من يدور به على
(الصفحة 479)

مجالس المهاجرين والأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنّه قرأ عليه آية التحريم ، فخلّى سبيله ، فقال له : إن شربت بعدها أقمنا عليك الحدّ(1) .
الفرع الثاني : من شرب غير الخمر من سائر المسكرات مع الاستحلال ، وقد حكم فيه في المتن بأنّه لا يقتل ، وأشار بقوله : مطلقاً إلى عدم الفرق بين سائر المسكرات ، خلافاً لما حكي عن الحلبي من الحكم بكفر مستحلّ الفقّاع ووجوب قتله(2) ، والوجه في عدم القتل في هذا الفرع وضوح ثبوت الاختلاف بين فقهاء المسلمين في حرمة غير الخمر من سائر المسكرات ، وعدم كون حرمته ضروريّة حتّى يكون إنكارها إنكاراً للضروري ، فترى الحنفي يعتقد إباحة شرب النبيذ ويستحلّه(3) ، وفي محكيّ المسالك فالحنفيّ المعتقد إباحتها يحدّ على شربها ولا يكفّر ; لأنّ الكفر مختصّ بما وقع عليه الإجماع ، وثبت حكمه ضرورة من دين الإسلام ، وهو منتف في غير الخمر(4) .
ولكن يشكل الحكم بثبوت الحدّ عليه في صورة الاستحلال ; لأنّه مع العلم بعدم الحرمة ـ والفرض معذوريّته لكون المسألة غير ضروريّة ـ لا تكون الحرمة بالإضافة إليه فعليّة ، ولا تتحقّق بنظره معصية ، فلا مجال لإجراء الحدّ عليه . نعم ، لو كان الاستحلال مقروناً بالقطع بالحرمة وقيام الحجّة عليها يثبت الحدّ .
الفرع الثالث : من باع الخمر مستحلاًّ ، ويظهر من المتن أنّه يجري عليه حكم

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 475، أبواب حدّ المسكر ب10 ح1.
  • (2) الكافي في الفقه: 413.
  • (3) المغني لابن قدامة: 10 / 327، بداية المجتهد: 1 / 496.
  • (4) مسالك الأفهام: 14 / 469.