جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 98)

وإلى قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذيل الرواية المتقدّمة المشتملة على قصّة رجل أتاه بالكوفة وأقرّ بالزنا أربعاً: «ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الملأ ، أفلا تاب في بيته ، فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحدّ»(1) .
ولكنّ الظاهر أنّه لا مجال للأصل مع عموم دليل الإقرار ونفوذه ، وليس هنا شبهة في أصل ثبوت الحد مع تعلّق الإقرار به حتّى يدرأ الحدّ بها ، وقصّة ماعز تدلّ على أنّه(صلى الله عليه وآله) ردّده حتّى لا يتحقّق الإقرار أربعاً الذي هو يوجب الحدّ ، فلا يرتبط بالمقام الذي أقرّ بحدّ ثابت عليه شرعاً ، ورواية أنس فاقدة للاعتبار ; لأنّها ليست من طرقنا ، وقول الرسول فيمن أتى بشيء من القاذورات ، لا دلالة فيه على كون المقام من مصاديق الستر ، فلم لا يكون من مصاديق من بدا صفحته ، خصوصاً مع ملاحظة كون الإقرار على سبيل الإجمال يجعل المقرّ في معرض الاحتمال الذي هو منتف في الإقرار بنحو التفصيل ، فإنّ من أقرّ بثبوت حدّ الزنا بدون الإحصان عليه أبدى أم من أقرّ بنحو الإجمال الذي يجري فيه احتمال الزنا مع الإحصان واللواط وأشباههما .
والرواية الأخيرة أيضاً لا شهادة فيها على حكم المقام الذي تحقّق فيه الإقرار ، وعليه فمقتضى القاعدة ترتّب الأثر على هذا الإقرار ، ويؤيّده ما دلّ من الروايات الكثيرة على عدم جواز تعطيل شيء من الحدود الإلهية ، فلا فرق بين المقام وبين ما لو أقرّ على سبيل الإجمال بحقّ لآدمي ، والحكم على وفق القاعدة في المقامين أنّه يكلّف المقرّ بالبيان لإجراء الحدّ ولإحقاق الحقّ .

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 327 ، أبواب مقدّمات الحدود ب16 ح2 .


(الصفحة 99)

نعم ، وردت في المقام رواية رواها الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر ، عن أمير المؤمنين (عليهما السلام) في رجل أقرّ على نفسه بحدّ ولم يسمّ أيّ حدّ هو ، قال: أمر أن يجلد حتّى يكون هو الذي ينهى عن نفسه في الحدّ . ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران(1) .
وربّما نوقش في السند تارة ـ كما عن المسالك ـ باشتراك محمّد بن قيس بين الثقة وغيره(2) . واُخرى ـ كما عن مجمع البرهان ـ بأنّ في سنده سهلا(3) . ولكنّ المناقشة مدفوعة ـ مضافاً إلى عدم وقوعهما في كلا الطريقين ، بل وقوع الثاني في الطريق الأوّل فقط كما عرفت ـ أنّ محمّد بن قيس الذي يروي عنه عاصم بن حميد هو محمّد ابن قيس الثقة ، وقد اشتهر أنّ الأمر في سهل سهلٌ ، مضافاً إلى الفتوى على طبق الرواية من مثل الشيخ في النهاية(4) والقاضي(5) وجمع من المتأخّرين(6) إستناداً إلى كون الرواية صحيحة ، فلا مجال للمناقشة فيها من حيث السند .
وأورد في المسالك على الرواية ـ مضافاً إلى ما عرفت من المناقشة في سندها ـ باستلزامها أنّه لو أنهى عن نفسه فيما دون الحدود المعلومة قبل منه ، وليس هذا حكم الحدّ ولا التعزير ، وأيضاً فإنّ من الحدود ما يتوقّف على الإقرار أربع مرات ،

  • (1) وسائل الشيعة: 18 / 318 ، أبواب مقدّمات الحدود ب11 ح1 .
  • (2) مسالك الأفهام: 14/346 .
  • (3) مجمع الفائدة والبرهان: 13/32 .
  • (4) النهاية: 702 ـ 703 .
  • (5) المهذّب: 2/529 .
  • (6) قواعد الأحكام: 2/250 ، التنقيح الرائع: 4/334 ، رياض المسائل: 10/23 ـ 24 .


(الصفحة 100)

ومنها ما يتوقّف على الإقرار مرّتين ، ومنها ما يثبت بمرّة ، فلا يتم إطلاق القول بجواز بلوغ المائة مع الإقرار دون الأربع ، وبلوغ الثمانين بدون الإقرار مرّتين ، وأيضاً فهي معارضة برواية أنس التي تشاركها في الضعف . وأيضاً فإنّ الحدّ كما قد علم يطلق على الرجم وعلى القتل بالسيف ، والإحراق بالنار ، ورمي الجدار عليه ، ونحو ذلك ، ثمّ الجلد يختلف كمّية وكيفيّة ، فحمل مطلقه على الجلد غير مناسب للواقع ، ولا يتمّ معه إطلاق أنّ الإقرار أربع مرّات يجوز جلد المائة(1) .
والجواب عنه أنّه بعد ما مرّ من كون محلّ البحث في المقام هو ما لو أقرّ بحدّ ثابت ، غاية الأمر كون الإقرار على سبيل الإجمال ، في مقابل ما لو أقرّ بحدّ على سبيل التفصيل ، الذي يكفي فيه الإقرار مرّة واحدة ، وإن كان أصل ثبوته متوقّفاً على تعدّد الإقرار مرّتين أو أربعاً ، وبعد كون الرواية صحيحة من حيث السند لا محيص عن الأخذ بالرواية والحكم على طبقها ; لأنّ مفادها حكم تعبّدي وارد في مورد خاصّ ، وإن كانت القاعدة تقتضي خلافه ; لعدم اشتراط اعتبار الرواية الصحيحة والأخذ بها بعدم كونها مخالفة للقاعدة ، فإن قطع النظر عن المناقشة في سندها وسُلِّم صحّتها كما هو الحقّ لا يبقى مجال للمناقشة في دلالتها فيما هو مورد البحث ، والحكم بثبوت الجلد حتّى ينهى عن نفسه .
وإن شئت قلت: إنّ مفاد الرواية ثبوت حدٍّ خاصّ في خصوص موردها ، وإن كان مغائراً لسائر الحدود ، ولا دليل على مساواة الإقرار بنحو الإجمال لغيره من الموارد في الحكم .

  • (1) مسالك الأفهام: 14/346 ـ 347 .

(الصفحة 101)

وممّا ذكرنا يظهر ما في محكي كشف اللثام ، تبعاً للّمعة(1) والروضة(2) من أنّ إطلاق الخبرين وكلمة الأصحاب منزّل على الحدّ الذي يقتضيه ما وقع من الإقرار ، فلا يحدّ مائة ما لم يقرّ أربعاً ، ولا ثمانين ما لم يقرّ مرّتين ، ولا تتعيّن المائة إذا أقرّ أربعاً ، ولا الثمانون إذا أقرّ مرّتين(3) . والوجه في بطلان ذلك ما عرفت من عدم الالتفات إلى موضوع المسألة وما هو المفروض في الرواية ، مع أنّه لأيّة جهة يتصرّف في إطلاق الرواية ، وما الدليل على التقييد بعد الاختلاف في الموضوع؟ فإنّ احتياج ثبوت الزنا إلى الإقرار أربعاً لا يستلزم كون الإقرار بالحدّ الثابت شرعاً محتاجاً إلى التعدّد ، وأيّ ارتباط بين المسألتين؟
فالإنصاف أنّ كلّ ذلك يرجع إلى الخلط في المقام من جهة ، وعدم التسليم لحكم الإمام المدلول عليه بالرواية الصحيحة من جهة أخرى ، وإلى عدم الالتفات إلى كون الحكم حكماً تعبديّاً جاء بطريق صحيح معمول به ، وإن كان على خلاف القاعدة المقتضية للتكليف بالبيان ، وحمله على التعيين ولو بالحبس ونحوه ، كما أنّ أصل احتياج ثبوت الزنا مثلا إلى الإقرار أربعاً على خلاف القاعدة ، المقتضية لنفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم ، المتحقّق بالإقرار مرّة واحدة كما لا يخفى .
ثمّ إنّ هنا رواية مرسلة محكيّة عن مقنع الصدوق قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)في رجل أقرّ على نفسه بحدّ ولم يبيّن أيّ حدّ هو أن يجلد حتّى يبلغ ثمانين ، فجلد ، ثمّ قال: لو أكملت جلدك مائة ما ابتغيت عليه بيّنة غير نفسك(4) .

  • (1) اللمعة الدمشقية: 166 .
  • (2) الروضة البهيّة: 9/126 .
  • (3) كشف اللثام: 2/395 .
  • (4) مستدرك الوسائل: 18 / 15 ، أبواب مقدّمات الحدود ب9 ح2 .


(الصفحة 102)

وأفتى بمضمونه ابن إدريس(1) ، حيث اعتبر في المقام عدم التجاوز عن المائة وعدم النقصان عن ثمانين ، واستدلّ له أيضاً بأنّ أقلّ الحدّ ثمانون وأكثره مائة .
وأورد عليه بأنّ التمسّك بالرواية لا يوافق ما ذهب إليه في مسألة حجيّة خبر الواحد من عدم الحجيّة ولو كان الراوي ثقة عدلا ، فضلا عمّا إذا كانت الرواية مرسلة كما في المقام ، وبأنّ أقلّ الحدّ ليس هو الثمانين ، بل خمساً وسبعين كما في القيادة .
وقد ذكر المحقّق في الشرائع بعد نقل قول ابن إدريس: «وربّما كان صواباً في طرف الكثرة ، ولكن ليس بصواب في طرف النقصان ، لجواز أن يريد بالحدّ التعزير»(2) .
وأورد عليه صاحب المسالك بأنّ الحدّ حقيقة شرعية في المقدّرات المذكورة ، وإطلاقه على التعزير مجاز لا يصار إليه عند الإطلاق بدون القرينة ، ثمّ على تقدير حمله على التعزير فأمره منوط بنظر الحاكم غالباً ، ونظر الحاكم يتوقّف على معرفة المعصية ليرتّب عليها ما يناسبها ، لا بمجرّد التشهّي ، ومن التعزير ما هو مقدّر ، فجاز أن يكون أحدها ، فيشكّل تجاوزها أو نقصها بدون العلم بالحال(3) .
والحقّ أنّه إن قلنا: بأنّ إرسال هذه الرواية يمنع عن اعتبارها ، كما يظهر من صاحب الجواهر(4) ، فاللازم الأخذ بمقتضى الصحيحة المتقدّمة ، فيضرب ما لم ينه

  • (1) السرائر: 3/455 ـ 456 .
  • (2) شرائع الإسلام: 4/935 .
  • (3) مسالك الأفهام: 14/346 .
  • (4) جواهر الكلام 41/287 .